صورة أرشيفية من صفحته على فيسبوك
مرتضى منصور.

باب العودة: طريق مرتضى منصور إلى الزمالك

منشور الأربعاء 27 أكتوبر 2021

عاد مرتضى منصور ليجذب الأضواء مرة أخرى، بعد حصوله على حكم من القضاء الإداري بعودته إلى رئاسة نادي الزمالك، مما يثير علامات استفهام عدة، خاصة أن هناك حكمًا نهائيًا وباتًا من المحكمة الإدارية العليا في 15 مارس/ آذار 2021 يقضي بتأييد قرار وزير الرياضة باستبعاد مجلس مرتضى منصور. فهل يصبح الحكم الأخير بمثابة باب لعودته إلى رئاسة الزمالك، خاصة أن وزارة الرياضة أجلت الدعوة إلى الانتخابات؟ وهل يترشح منصور مرة أخرى في الانتخابات المقبلة؟ وهل تبدلت المواقف الرسمية تجاهه؟ هذا التقرير يجيب عن تلك الأسئلة.

ثمانية أشهر فقط، بين فبراير/ شباط 2021 الذي شهد صدور حكم القضاء الإداري بإبعاد مجلس مرتضى منصور عن نادي الزمالك، وأكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه حيث صدر الحكم الموضوعي في ذات الدعوى بعودة مجلس مرتضى لإدارة شؤون النادي؛ كانت كافية لانتهاء خريف العلاقة بين سلطات الدولة التنفيذية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة، والقضائية ممثلة في محكمة القضاء الإداري من جهة ومرتضى منصور من جهة أخرى.

ففي تطور مثير ومفاجئ، تحولت المواقف الرسمية تجاه مرتضى خلال تلك الفترة بمقدار 180 درجة، وبعدما كانت وزارة الشباب والرياضة تتهم مجلسه بإهدار وإخفاء مئات الملايين من أموال نادي الزمالك، أصبحت الآن لا تمانع عودته للإدارة، استنادًا لحكم المحكمة برجوعه.

"أنت مين يا مصطفى يامدبولي؟"

في 29 أغسطس/ آب 2020، وبينما يفتتح مجلس إدارة نادي الزمالك برئاسة مرتضى منصور، عدة مبان إنشائية جديدة داخل مقر النادي في ميت عقبة، من بينها مسجدًا حمل اسم "طبيب الغلابة" الدكتور محمد مشالي، وذلك في حضور رسمي ممثل في وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، مارس مرتضى هوايته المفضلة والمعتادة في الخطابة بالإذاعة الداخلية للنادي، غير أن خاطرته هذه المرة لم تكن لمهاجمة خصومه بالنادي والإعلام، بل جاءت لمهاجمة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي نفسه، منتقدًا عدم حضوره الفعالية التي نظمها النادي لافتتاح تلك المنشآت رغم دعوته رسميًا.

"أنت مين يامصطفى يامدبولي؟" كانت تلك إحدى العبارات التي قالها مرتضى في كلمته متهمًا رئيس الوزراء بالتعالي على نادي الزمالك ومجلس إدارته، الأمر الذي دفع وزير الشباب والرياضة للعودة مرة أخرى لمكان تواجد مرتضى بالنادي، رغم مغادرته، وذلك عقب سماعه لعبارات الهجوم التي كالها مرتضى لمدبولي، محاولًا إثنائه عن استكمال هجومه.

بيد أن مرتضى لدى علمه بعودة موكب صبحي "ممثل الدولة" هاجمه هو الآخر وطالبه باستكمال طريقه لمغادرة النادي، وانتشرت الواقعة على نطاق واسع في وسائل إعلام محلية ودولية، التي نشرت أكثر من خبر عن الواقعة بعناوين أبرزت إهانة مرتضى لرئيس الوزراء وطرده لوزير الشباب والرياضة من نادي الزمالك.

ورغم خروج منصور في فيديو عبر صفحته الرسمية على فيسبوك ينفي فيه تعمد الإساءة لرئيس الوزراء، لكنها على ما يبدو كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث لم يتأخر رد الفعل الحكومي على تلك الواقعة سوى خمسة عشر يومًا، حين قررت وزارة الشباب والرياضة في 23 سبتمبر/ أيلول 2020 تشكيل لجان للتفتيش المفاجئ على الأندية والهيئات الرياضية في مقدمتها نادي الزمالك، في خطوة بدا الهدف منها واضحًا.

وبينما واصل مرتضى منصور توجيه رسائل الاعتذار والتحذير من المساس بمجلس إدارته، انتهت أعمال لجان التفتيش الحكومية داخل نادي الزمالك في غضون ثلاثة أشهر، وتزامن ذلك مع خسارة الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك لنهائي بطولة كأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري أمام النادي الأهلي في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وعقب المباراة بيومين فقط أصدر وزير الشباب والرياضة قراره رقم 520 لسنة 2020 بوقف وإبعاد مجلس إدارة الزمالك بعدما توصلت لجان التفتيش إلى وجود مخالفات مالية وشبهات فساد بالنادي. ولإضفاء الطابع القانوني، أحال الوزير المخالفات إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق فيها، وربط عودة مجلس مرتضى لإدارة النادي بما ستسفر عنه تحقيقات النيابة في المخالفات. بيد أن تأخر نتيجة تلك التحقيقات كان أحد أسباب حكم المحكمة الإدارية بعودة مجلس مرتضى بعد ذلك.

اشتعال الأزمة بأحكام نهائية

"مجلس الدولة هو الغوث الذي يفزع إليه الأفراد والجماعات متى ظن أحد منهم أنه مسلوب الحق، وهو الحليف الطبيعي للإدارة (الجهات الحكومية) وصديقها الأمين"، اقتداءً بالشطر الأول من المقولة السابقة لفقيه مجلس الدولة الأشهر ورئيسه الأسبق عبد الرازق السنهوري، لجأ منصور لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للطعن على وقف وإبعاد مجلسه عن إدارة شؤون النادي.

وقال منصور إن القرار يخالف الفلسفة التشريعية لقانون الرياضة بشأن حظر تدخل الجهات الحكومية في شؤون الأندية الرياضية، بالإضافة لخلو القانون من أي نص يبيح للوزارة حل مجالس إدارات الأندية والهيئات الرياضية.

وبعد صولات وجولات في ساحة مجلس الدولة التي كانت النافذة الوحيدة التي يطلق منها مرتضى تصريحاته، لم تقتنع الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بالدفوع التي ساقها منصور لإلغاء قرار وقف وإبعاد مجلسه، وأصدرت في 7 فبراير/ شباط 2021، حكمًا في الشق العاجل من الدعوى بتأييد قرار الوزير بإبعاد مجلس منصور.

وأكدت المحكمة وقتها أن القرار لا يعد من قبيل التدخل الحكومي في شؤون الهيئات الرياضية، موضحة في الوقت نفسه أن المادة 53 من اللائحة المالية للأندية الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب والرياضة، الخصم الرئيسي في الدعوى، التي تتيح للوزير اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مجلس إدارة النادي أو الهيئة الرياضية حال مخالفته للقانون، تتسع لتشمل إجراء وقف واستبعاد مجلس إدارة النادي والمدير التنفيذي والمدير المالي عن إدارة شؤون النادي بصفة مؤقتة، كما تتيح للوزير اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على أموال الأندية باعتبارها أموالًا عامة.

وأوردت حيثيات الحكم على سبيل الحصر مخالفات مالية بمئات الملايين نسبتها وزارة الشباب والرياضة لمجلس مرتضى، تلك المخالفات التي أُرسلت في تقريرين من الوزارة للمحكمة وجاءت في 28 بندًا من بينها أن مرتضى أثقل كاهل النادي بالتأخر عن سداد قروض تجاوزت 337 مليون جنيه و2 مليون دولار أمريكي رغم تدفق أكثر من 2 مليار جنيه كإيرادات للنادي خلال الأعوام من 2015 وحتى 30 يونيو 2020، بالإضافة إلى إهدار المجلس لأموال إنشاء فرع 6 أكتوبر المحصلة من الجمعية العمومية والمقدرة بأكثر من 36 مليون جنيه وصرفها في أغراض أخرى.

كما نسب تقرير لجان التفتيش لمرتضى منصور تهمة إخفاء هدايا نقدية بالعملة الأجنبية والمحلية بما يعادل مبلغ نحو 151 مليون جنيه حصل عليها مرتضى منصور من المستشار تركي آل الشيخ، وفقا لحيثيات الحكم.

لكن مرتضى منصور لجأ للطعن مجددًا على حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا أملًا في العودة لإدارة النادي. وطالب منصور، المحكمة العليا بإلغاء الحكم والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ قرار وزير الشباب والرياضة بوقف وإبعاد مجلسه عن إدارة شؤون النادي، غير أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكماً نهائيًا وباتًا غير قابل للطعن في 15 مارس/ آذار 2021 بتأييد حكم القضاء الإداري وبالتالي تأييد قرار وزير الشباب والرياضة.

تلك الخطوة وصفت بأنها كتبت نهائية مجلس مرتضى منصور داخل نادي الزمالك، كما أنهكت مرتضى نفسه، ولم يعد صاحب الصرخات كما عهده متابعوه، وأعلن بعدها إصابته بمرضي السكري وارتفاع ضغط الدم.

انصهار جبل الجليد

 لكن بعد نحو ثمانية أشهر، فاجأت محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار فتحي توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، الجميع، بإلغاء قرار وزير الشباب والرياضة بإبعاد مجلس مرتضى منصور عن إدارة نادي الزمالك.

وجاء منطوق الحكم بإلغاء قرار الوزير المطعون فيما تضمنه ومن وقف واستبعاد مجلس إدارة نادي الزمالك والمدير التنفيذي والمدير المالي من إدارة شؤون النادي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودة مجلس الإدارة المنتخب وتسيير أمور النادي حتى انتهاء مدته.

لكن قبل الحكم غير المتوقع، ظهرت إشارات حول عودة محتملة لمرتضى.

مع قرب موعد عقد الجمعيات العمومية للأندية الرياضية لانتخاب مجالس إداراتها، تسائل المتابعون للوسط الرياضي حول أحقية مرتضى منصور في الترشح للانتخابات المقبلة التي سيشهدها نادي الزمالك، بيد أن وزير الشباب والرياضة أكد في تصريحات صحفية عديدة أحقية مرتضى في الترشح ما لم يصدر بحقه أي قرار يعوق ترشحه سواء من النيابة العامة أو القضاء المصري.

وبحسب مقربين من دوائر صنع القرار بنادي الزمالك، فإن تلك التصريحات صدرت في ظل تبني أحد الوزراء البارزين بحكومة مصطفى مدبولي، محاولات للوساطة والتوفيق بين رئيس الوزراء من جهة ومرتضى منصور من جهة أخرى ونقل اعتذار الأخير إليه.

المصادر أكدت أيضًا للمنصة، أن الوسطاء نقلوا لمرتضى منصور أن هناك تمسك حكومي بعدم عودته لتصدر المشهد مجددًا داخل نادي الزمالك.

وأوضحت أن ما يدلل على ذلك صدور توجيهات حكومية نفذتها مديرية الشباب والرياضة بالجيزة بتشكيل لجنة لفحص موقف العضويات داخل نادي الزمالك، دون غيره من الأندية، وذلك في أعقاب إصدار اللجنة المكلفة بإدارة النادي برئاسة حسين لبيب قرارًا بفتح باب الترشح لانتخابات مجلس إدارة جديد للنادي.

وأوضحت المصادر أن تشكيل تلك اللجنة جاء بهدف وحيد هو الحيلولة دون نجاح منصور حال ترشحه في الانتخابات بحصوله على آلاف الأصوات من الفئات التي ساعدها في الحصول على عضويات استثنائية بالنادي سواء بدون مقابل مادي أو بمقابل مادي زهيد بالمخالفة للقانون؛ الأمر الذي أدى إلى إلغاء قرار الدعوة للانتخابات وتأجيل إجرائها لحين انتهاء تلك اللجنة من تنقية العضويات.

وأشارت المصادر إلى أن مرتضى أدلى بتصريحات عقب الحكم الأخير بإلغاء قرار إبعاد مجلسه، قال فيها إنه على الرغم من أحقيته في الترشح للانتخابات المقبلة، لكنه يحتفظ لنفسه ولأسرته بقرار ترشحه في الانتخابات من عدمه، مؤكدًا أن هذه التصريحات لا تتناسب مع المحاولات المستميتة التي بذلها مرتضى على مدار عام للعودة لرئاسة النادي.

ورجحت المصادر وجود اتفاق على عودة منصور لرئاسة مجلس إدارة النادي للدعوة للانتخابات، تجنبًا لصدور أحكام قضائية مستقبلية ببطلانها حال صدور الدعوة إليها من لجان مؤقتة تدير النادي، مع عدم مشاركته كمرشح في تلك الانتخابات.

وشرحت المصادر أن ما يجعل حكم القضاء الإداري الأخير غير متوقع هو أن الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم هي ذاتها التي سبق لكلٍ من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا إصدار حكم مستعجل فيها برفض عودة مجلس مرتضى استنادًا إلى المخالفات المالية المنسوبة إليه.

وأوضحت أن كل دعوى تقام أمام محكمة القضاء الإداري يكون فيها شقين أحدهما مستعجل وترتبط الطلبات فيه بوقف تنفيذ القرار المتضرر منه، وهو الذي رفضته المحكمة في دعوى منصور، وآخر موضوعي ترتبط طلباته بإلغاء القرار واعتباره كأن لم يكن وهو الذي صدر فيه الحكم بعودته، لافتة إلى أن محكمة القضاء الإداري تفصل في الشق الموضوعي عقب إعداد تقرير بالرأي القانوني في الدعوى من هيئة مفوضي الدولة، كإجراء تعطي فيها المحكمة لنفسها وقتًا أكبر في دراسة الدعوى وطلباتها من الناحية القانونية.

ونوهت المصادر إلى أن ما يزيد من الطبيعة الخاصة للحكم الصادر لصالح مرتضى، هو أن العادة جرت داخل محاكم مجلس الدولة على أن الأحكام التي تصدر في الشق المستعجل سواء بالرفض أو القبول دائما ما تنعكس بصورة أو بأخرى على الأحكام التي تصدر في الشق الموضوعي لذات الدعوى، إلا في حالات معينة يصدر فيها تقرير هيئة المفوضين المتضمن دراسة الدعوى بصورة أوسع، على خلاف الحكم المستعجل وتقتنع المحكمة بما ورد فيه ومن ثم تغيَر حكمها في الشق الموضوعي.


اقرأ أيضًا: خسائر رياضية وسياسية: كيف سقط مرتضى منصور؟

مرتضى منصور. صورة أرشيفية من صفحته على فيسبوك

ولفتت المصادر إلى أن تقرير هيئة المفوضين الصادر في دعوى مرتضى على سبيل المثال لم يتضمن التوصية بإلغاء القرار وعودته لإدارة النادي، بل أوصى بإحالة مواد بقانون الرياضة واللائحة المالية للأندية الرياضية للمحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريتها، وبالتالي فكان مستبعدًا أن تغير المحكمة حكمها العاجل الذي سبق وأن أصدرته في دعوى مرتضى وأن تقضي أيضًا برفض عودة المجلس، لا سيما وأن المخالفات المالية التي نسبتها الوزارة لمجلس مرتضى واستند إليها الحكم الأول مازالت قيد التحقيق ولم يتم حفظ التحقيق فيها.

واستندت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها الأخير بعودة مجلس مرتضى إلى أسباب مغايرة تمامًا لحكمها السابق المشار إليه، حيث أكدت أن قرار استبعاد مجلس الإدارية كان هدفه مصلحة التحقيق في مخالفات المجلس لمنع العبث بالمستندات والوثائق، وأن أسباب الاستبعاد انتفت بمرور مدة تقارب العام كانت كافية للسيطرة ووضع المستندات تحت تصرف النيابة.

وشددت على أن اللجوء إلى مجالس مؤقتة لإدارة النادي هو استثناء، ويتعين الرجوع إلى الأصل العام وهو إدارة النادي من المجلس المنتخب.

وحول المخالفات التي قدرت بمئات الملايين ونسبتها لجان التفتيش لمجلس مرتضى، قالت المحكمة إنها ما زالت محل تحقيق بالنيابة العامة، وأن الأصل في الإنسان البراءة، وأن استمرار استبعاد مجلس الإدارة يتطلب إدانة أعضاء المجلس بحكم بات.

وتابعت المصادر أن طريقة تعاطي وزارة الشباب والرياضة مع الحكم الأخير وإعلانها عدم الطعن عليه جاءت على عكس أدائها السابق بإغلاق كافة المنافذ أمام مرتضى، مؤكدة أن هذا الأداء يشير إلى أن عودة رئيس الزمالك السابق للزمالك إن حدثت ستكون مؤقتة.