بسم الله الرحمن الرحيم،
فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون،
معالي السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش،
أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة والسمو،
يطيب لي في البداية أن أعرب عن بالغ تقديري وامتناني للجهود المخلصة التي يبذلها فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتنسيق مع معالي السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لعقد المؤتمر الثالث لدعم الشعب اللبناني، بعد سبعة أشهر من مؤتمرنا الثاني، بما يسهم في متابعة واستكمال جهودنا المشتركة، وبحث سبل تطويرها من أجل مساعدة الشعب اللبناني على تجاوز كافة التحديات التي تواجهه، والتي اجتمعت مع الأسف مع لبنان الشقيق على نحو بات يخيم على كافة مناحي الحياة، في هذا الجزء الغالي من وطننا العربي.
وأعرب في هذا السياق عن تطلع بلادي لخروج اجتماعنا اليوم بما يخفف من حجم الضغوط التي أثقلت كاهل الشعب اللبناني الشقيق.
السيدات والسادة،
لقد عملت مصر ولا تزال منذ وقوع حادث مرفأ بيروت العام الماضي على توفير السلع الاستراتيجية والدعم للبنية التحتية للدولة اللبنانية لإعادة تأهيل المباني التي تضررت من الانفجار، حيث يستمر الجسران المصريان جوًا وبحرًا في نقل مواد البناء والمساعدات الإغاثية والغذائية، والتي كان آخرها وصول سفينة حربية مصرية إلى بيروت الشهر الماضي محملة بما يزيد على 300 طن من هذه الاحتياجات للجانب اللبناني.
ويتكامل هذا الدعم مع جهود المستشفى الميداني المصري في بيروت، والذي يقدم الخدمات الطبية يوميًا للبنانيين، وقد تم توفير كميات من العقاقير والأدوية لعلاج فيروس كورونا في إطار مساعدة لبنان على مواجهة تبعات هذه الجائحة العالمية.
السيدات والسادة،
لا يخفى عليكم أن الأزمة الاقتصادية في لبنان ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزمة السياسية المستمرة منذ عام 2019، والتي تزداد تعقيدًا مع الأسف، يومًا بعد يوم، في ضوء استمرار ازمة الفراغ الحكومي، التي تحول دون تحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق، ومن هنا تجدد مصر دعوتها بضرورة سرعة إنهاء هذا الفراغ الحكومي، درءًا لمخاطر انزلاق لبنان إلى نفق مظلم لا رابح فيه، حيث لا يجوز استمرار ذلك الوضع بأي حال من الأحوال، وسيتحمل تبعات ذلك الشعب اللبناني، الذي يستحق أن تكون له حكومة قادرة على الوفاء بتطلعاته، الأمر الذي يتطلب ممن بيده الحل أن يرتقوا إلى قدر المسؤولية التي أوكلها إليهم اللبنانيون، وأن يعلو المصالح العليا للبنان على ما عداها وأن يخرجوا من ضيق الحسابات الطائفية لنطاق الهوية الوطنية الجامعة.
وذلك من خلال سرعة تشكيل حكومة وطنية مستقلة من ذوي الخبرة والاختصاص، ومن خارج منطق الاصطفاف السياسي والطائفي. وهو المطلب الذي عبرت عنه مختلف أطياف الشعب اللبناني، لكي تكون هذه الحكومة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة، وصون مقدرات الشعب اللبناني، ووحدة نسيجه الوطني، وسيادة لبنان، وتحظى بالقبول الإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، فقد بذلت مصر كذلك جهودًا حديثة لحلحلة الأزمة السياسية عبر الاتصالات التي أجرتها مع القيادات السياسية اللبنانية، لاسيما في أعقاب انفجار 4 أغسطس العام الماضي. وهي الاتصالات التي تستمر في القيام بها بالتنسيق مع دول أخرى صديقة، وآمل أن تكلل جهود كل من يسعى لمساعدة لبنان بالنجاح.
كما تجدد مصر في هذا السياق دعوتها لكافة الأطراف للنأي بلبنان عن التجاذبات والصراعات الإقليمية، وتركيز الجهود على تقوية مؤسسات الدولة. ليس هناك مصلحة لأي طرف في استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية في هذا البلد العربي الشقيق.
وأود هنا أن أغتم هذه الفرصة لأعيد التأكيد أن يد مصر ممدودة للجميع للتكاتف والتنسيق وتسخير كافة امكاناتنا لدعم بلنان، خاصة أن مؤتمرنا اليوم هو رسالة لكافة السياسيين اللبنانيين بأن المجتمع الدولي على استعداد لدعم لبنان فور إنهاء أزمة الفراغ الحكومي، واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي، بما يتيح الانتقال من مرحلة الدعم الإنساني إلى مرحلة الدعم الاقتصادي، وبناء مستقبل أفضل للشعب اللبناني.
أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة والسمو،
لا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أجدد الشكر للحكومة الفرنسية، والأمم المتحدة على عقد المؤتمر الثالث لدعم الشعب اللبناني، كما أود أن أوجه رسالة للشعب اللبناني الشقيق فأقول: إن لبنان الذي كان دائمًا منارة للثقافة والفن والفكر، ورافدًا مهمًا من روافد الإبداع العربي، لا يزال قادرًا بعزيمة أبنائه على النهوض من الكبوة الحالية والعودة مجددًا ليكون مزدهرًا وفريدًا كما نحب أن نراه.
شكرًا لكم فخامة الرئيس.
...
ألقيت الكلمة عبر الفيديو كونفرانس، بحضور إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، وأنطونيو جوتيريش سكرتير عام الأمم المتحدة وعدد من الرؤساء ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية.
...
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط