بسم الله الرحم الرحيم،
اسمحوا لي أرحب بيكو، أهلًا وسهلًا، وأنا سعيد بوجودكم في مصر، وسعيد إن أنا ألتقي بيكم، واسمحوا لي إن أنا أبدأ حديثي بهذه الكلمة، لكم جميعًا.
السادة الوزراء،
الحضور الكرام،
بداية أرحب بكم في مصر، بلدكم وبلد العرب جميعًا، وإنه لمن دواعي سروري أن نجلس معا ونتحدث عن تحدياتنا المشتركة في عالمنا العربي، الذي يبدو مستهدفًا في استقراره وازدهاره.
السادة الحضور،
يتمثل التحدي الأول أمام وطننا العربي في دعاوي التطرف وعدم الاستقرار، ومنذ زمن ليس ببعيد كانت مصر، كغيرها من دول المنطقة، هدفًا للإرهاب الذي أراد أن يقيم دولته على أنقاض حضارة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ.
وتزامن مع ذلك وجود أهداف أخرى، أرادت أن تقوض تمامًا من مفهوم الدولة الوطنية لصالح أفكار متطرفة. لو كان قدر لها أن تسود، لعادت منطقتنا إلى الوراء قرونًا طويلة. ولو كان قدر لمصر الوقوع تحت وطأة التطرف، لتداعت باقي دول المنطقة تباعًا، ولكن استطاع الشعب المصري استدعاء مخزونه وقدرته للتصدي لما كان يحاك لوطنه، لتبدأ بعد ذلك مصر مسيرة أزاحت فيها عن نفسها أوجاع تلك الفترة، التي بذلت فيها خير أبنائها.
إحنا قدمنا شهداء ومصابين كثر، من الضباط، ومن ضباط الصف ومن الجنود، في الشرطة، وفي الجيش، وفي القضاة وفي القضاء، ومن حتى من أطياف المجتمع، مسلمين ومسيحيين، على مدار السبع سنين اللي فاتوا.
ووضعت نصب عينيها تعويض ما فات، وبدأت مسيرة البناء والتنمية، لكي تضع نفسها في المكانة التي تستحقها، ويستحقها الأشقاء العرب، ولكي تكون ذخرًا لأشقائها كما كانت، وكما هو مقدر لها أن تكون.
هنا اسمحوا لي أفهمكم نقطة مهمة، هم تصوروا إنه بالإرهاب إحنا هنوقف التنمية، هنوقف البناء، هنوقف كل شيء، ونحط كل مقدرات الدولة لصالح المواجهة، الصدام، إحنا ماعملناش كدة، إحنا كنا بنشتغل في خطين متوازيين تمامًا، بنتصدى للإرهاب والتطرف، وفي نفس الوقت، وبنفس القوة وقد يزيد، جهد كبير جدًا جدًا بيبذل في الدولة في البناء والتنمية والتعمير، لأن الدولة عشان تبقى في كمون لمدة سبع سنين أو تمان سنين، هي فترة الصراع اللي كانت موجودة، ده يؤدي إلى خراب لا نهاية له.
وكمان المواطن عايز يعيش، والمواطن عايز يطمن، والمواطن عايز يحس إن البلد مستقرة وبتتقدم. ماكانش ممكن أبدا إن إحنا نواجه الإرهاب، وكمان يبقى خطط التنمية اللي معمولة تبقى خطط تحقق آمال وأحلام المصريين، ويزيد. ودايمًا، إن كان حد بيسمع، أنا دايمًا بقولهم ما تحقق في مصر، هي خطوة، خطوة من ألف خطوة.
ومن هذا المنطلق، وضعت الدولة استراتيجيتها للتنمية المستدامة، رؤية مصر 2030، والتي نجحت مرحلتها الأولى في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذي وضعته الحكومة، المصرية، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، فكان من ثمار ذلك أن ارتفعت موارد الدولة، واستطاعت توجيهها بالشكل المناسب نحو ما يحتاجه المواطن المصري كقطاعي الصحة والتعليم.
اسمحوا لي هنا أتواقف أمامكم، وأنا، يعني مش، أنا بس حبيت إن أنا بما إنكم أشقاء لينا، ومهتمين بينا زي ما إحنا مهتمين بيكم، ومهتمين باستقرارنا يبقى زي ما إحنا مهتمين باستقراركم. تعرفوا إن إحنا واجهنا مشاكلنا بتجرد، مش بتصور سياسي. إن إحنا عايزين نبقى موجودين في مكانا وخايفين من مخاطر اتخاذ القرار الصعب. مخاطر اتخاذ القرار الصعب، ده ماكانش وارد في الحساب. المهم الأول إن إحنا نحل المسألة كما ينبغي لها أن تُحل.
وبالتالي كان ثقتنا في المصريين، ثقتنا في المصريين كشعب إنه هيتفهم إن مسار الإصلاح، مسار له تكلفة، وبالتالي خدنا القرار ونفذنا المسار دوَّت، وكانت نتايجه يعني على الأقل إنتو كنتوا متابعين ما يحدث في 2016، وحجم المشاكل الموجودة فيما يخص النقد الأجنبي، وصعوبة التمويل، وصعوبة تحويل الأموال للخارج وكلام من هذا القبيل، ولو كنا استمرينا كدة، وماخدناش قرار الإصلاح الاقتصادي، كان هيبقى في مشكلة كبيرة جدا في مصر، ساعتها ودلوقتي، وخاصة مع موضوع الجائحة، ويمكن إنتم شايفين إن، رغم الجائحة وتأثيرها السلبي علينا كلنا، على العالم كله، لكن إحنا مازلنا نحقق معدل تقدم مناسب في ظل المسار اللي إحنا انتهجناه، وأيضًا النتائج اللي اتحققت حتى الآن، وبالتالي زي ما بقول كدة كان الهدف الأول في القرار، في الاختيار، هي مصلحة الوطن.
أصحاب المعالي،
على جانب آخر أدركت مصر حتمية تطوير البنية التحتية للارتقاء بتنافسية الاقتصاد، ولعلكم تلاحظون كلما زرتم مصر التطورات في البنية التحتية وفي المشروعات القومية. هنا أنا عايز أقولكم في 2013 و14 كنتم بتجدوا إن عندنا مشكلة في الطاقة، الطاقة بكل أنواعها، طاقة الكهربا، طاقة الغاز، البنية الأساسية كانت متهالكة ومتواضعة جدًا جدًا، وبالتالي إنت مافيش فرص إنك إنت تقول تعالوا يا مستثمرين عندكم فرص للاستثمار، هاشتغل في مصر وأعمل مصنع إزاي، وأنا ماعنديش طاقة كهربية؟ أشتغل إزاي وأنا ماعنديش طاقة غاز للمصانع المطلوبة، هاشتغل إزاي وأنا المواني اللي موجودة مواني محتاجة تطوير؟
أنا بقولكم إن خلال السبع سنين اللي فاتوا دول استطعنا بفضل الله سبحانه وتعالى إن إحنا نتجاوز كل ده، مافيش عندنا مشكلة طاقة، بل بقى العكس، عندنا فائض حوالي 25 ألف ميجا من الكهربا. والمواني تم تطويرها والمطارات جاري تطويرها، بل بالعكس إحنا عملنا مواني ومطارات جديدة، وشغالين في البنية التحتية حتى الآن في مشروع الربط القطار الكهربائي الي هيربط مواني البحر الأحمر ببحر المتوسط، والدولة المصرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
أنا عايز أقول باختصار شديد إن البنية التحتية تلقت في مصر دفعة هائلة كي تستطيع إن إحنا نتحدث عن، البنية التحتية أنا بتكلم على بنية الاتصالات، البنية التحتية أنا بتكلم على المواصلات، البنية التحتية بتكلم على المواني، البنية التحتية بتكلم على كل ما تعنيه كلمة البنية التحتية، ومش بنية تحتية، لأ، بنية تحتية مناسبة لتلقي فرص الاستثمار حقيقةً وتطور الدولة بشكل أو بآخر.
والتي تعكس حجم الإنجاز المبذول في مجال تحسين ورفع كفاءة شبكة الطرق والمواصلات، وهو ما يحدث بالتوازي مع خطة تطوير المواني وشبكات النقل والشحن، التي تهدف إلى أن تجعل من مصر شريانًا رئيسيًا من شرايين التجارة العالمية.
أصحاب المعالي،
إن حركة البناء والتطوير التي تقوم بها مصر في الداخل، تتكامل تماما مع تحركاتنا الخارجية، فكلما خطونا خطوة باتجاه تقوية مجتمعنا، انعكس ذلك على قوتنا خارجيا. ولعلكم تراقبون الديناميكية والمرونة التي بات يتم بها تحركنا الخارجي.
واسمحوا لي أن أؤكد لكم أن مصر ليس كغيرها من الدول، فهي لا تملك أي أجندات خاصة، وتهدف للسيطرة أو الهيمنة، ولا تقوم بتمويل جماعات، وكيانات لزعزعة استقرار جيرانها. بل أن كل ما تهدف إليه هو أن تحمي مقدرات أمنها القومي أولًا، حتى تتفرغ للاضطلاع بدورها، وقوة حكيمة، ترى في استقرار المنطقة وتقدمها الهدف الأسمى، الذي من المنتظر أن تسعى إليه جميع دول المنطقة.
بالمناسبة، السياسة ديت مش سياسة مرحلية، مش سياسة مؤقتة، لا لا، دي ثوابت السياسة المصرية. عدم التدخل في شؤون الدول، دي أحد ثوابت السياسة المصرية، عدم دعم الكيانات الإرهابية أو المتطرفة أو استخدامها كوسيلة لتحديد أهداف سياسية، دي أحد ثوابت السياسة المصرية، التعاون من أجل البناء والتنمية والتعمير وعدم التآمر على الدول، دي أحد ثوابت السياسة المصرية، مابتتغيرش، إحنا ماعندناش وقت ولا جهد ولا فرصة إن إحنا نتآمر ونخرب بلادنا وبلاد الآخرين، ونعتبر إن ده فيه مصلحة قومية، المصلحة القومية لينا كلنا إن إحنا نبقى مستقرين، متطورين، والدول مابتطلعش قدام غير كدة، فإحنا ده، دي ثوابت سياسة، مش ثوابت مؤقتة، دي ثوابت سياسة دائمة، إن شاء الله.
إحنا بنتكلم في مصر دايما على إن هي المؤسسات الوطنية هي الأساس في تقدم واستقرار الدول، ولا دور ولا مجال لأحد آخر يكون داخل الدولة له دور إلا المؤسسة الوطنية، بمؤسساتها الوطنية الفرعية.
وانطلاقًا من هذا المبدأ ندعو إلى إعادة دور الدولة الليبية الشقيقة، على حساب منطق المليشيات وسيطرتها. كما نقف إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن الشقيق، لمواجهة مخططات التقسيم. ونساند لبنان الشقيقة ومؤسسات الدولة فيه، كما أن أهدافنا واحدة بالنسبة للعراق، ولمستقبل سوريا، وذلك بطبيعة الحال إلى جانب دعمنا لنضال أشقائنا في فلسطين في سعيهم لإقامة دولتهم المستقلة، وفقًا لمقررات الشرعية الدولة، أخذًا في الاعتبار أن هذا الدور الذي تضطلع به مصر إيمانًا مما يقع عليها من مسؤولية قومية تحتم وقوفها إلى جانب أشقائها العرب.
ويهمني هنا أن أعبر عن تقديري وامتناني لما يوفره الأشقاء العرب بدورهم من دعم ومساندة لمصر في كل ما يؤثر على أمنها القومي. لا سيما في قضية سد النهضة انخرطنا من أجلها في مفاوضات مضنية، لفترة توشك على تجاوز السنوات العشر مع الجانب الأثيوبي، سعيًا للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم عادل ومتوازن، حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وفي النقطة بتاعت سد النهضة، أنا عايز أقولكم باختصار، إن إحنا، من أول لحظة أنا كنت توليت فيها المسؤولية، قلت إن أنا أتفهم التنمية لأشقائنا في أثيوبيا، وأتفهم التنمية لأي شعب، من حق الشعوب إنها تعيش، وإنها تنمو. لكن وهي بتعمل ده مايكونش على حساب حياة الآخرين، فإحنا قلنا إحنا متفهمين إن إنتم عايزين تنتجوا طاقة كهربائية، لا شك في ذلك، لا بأس في ذلك، بس تعالوا نعمل اتفاق قانوني ملزم، إحنا وأشقاءنا في السودان، ده نهر عابر للحدود، وإحنا دولة مصب، لكن مهم قوي إن أشقاءنا يبقوا متفهمين القضية وعدالتها، عشان وقوفهم إحنا مابنقولهمش اقفوا معانا عشان إحنا مصر وخلاص، لأ، إحنا بنقولهم اقفوا مع مصر عشان عدالة القضية قضية حياة أو موت بالنسبة لمصر.
غير أن كل محاولاتنا تم مواجهتها بتعنت من الجانب الأثيوبي، ومع ذلك فإن مصر لا تزال تحاول بكل جهودها في الحفاظ على فرص إيجاد حلول لهذه القضية عبر الحوار والتفاوض.
السادة الحضور،
ما بين تقوية الجبهة الداخلية في مصر وتعزيز تحركاتنا الخارجية، تبدأ ملامح المرحلة الجديدة من الازدهار في مصر إلى الوضوح شيئًا فشيئًا، وسيكون انتقال الدولة إلى عاصمتها الجديدة إيذانًا ببدء هذه المرحلة، لتبدأ مصر بعدها لاستكمال مسيرتها نحو التقدم، ولكي تصبح مصر ذخرًا لأبنائها من المصريين وأشقائها العرب. ولكي تظل علاقات التضامن بين الأشقاء، هي أساس قوتنا ومكانتنا على الدوام.
أنا برحب بيكم، أهلا وسهلا، كل سنة وإنتو طيبين وسعداء بيكم في بلدكم التاني مصر، وأتمنى تكون إقامتكم إقامة طيبة، وأتمنالكم التوفيق، ونتمنى لبعض جميعًا التوفيق، شكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (تصفيق)
ألقيت الكلمة في القاهرة، بحضور عدد من وزراء ومسؤولي الإعلام العرب.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط