بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدات والسادة،
يطيب لي أن أتوجه بالشكر لصديقي العزيز فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، لعقد المؤتمر الثاني لدعم الشعب اللبناني الشقيق، بالاشتراك مع الأمم المتحدة، وهو المؤتمر الذي ينعقد في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني، فضلا عن أنه يمثل رسالة جديدة من الدول الصديقة للبنان بالرغبة في العمل معه لدعم لبنان وشعبه، وتعزيز أمنه واستقراره ليعود مزدهرا كما كان.
لقد تابعت مصر، ولا تزال، تداعيات حادث مرفأ بيروت على المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية، وبادرت مصر منذ اللحظة الأولى لوقوع هذه الفاجعة، انطلاقا من مسؤولياتها إزاء أشقائها العرب، بتقديم كافة أشكال العون والمساعدات للبنان، وذلك من خلال جسر جوي وآخر بحري لنقل مساعدات إنسانية وغذائية ضخمة لتعويض لبنان عما فقده من مخزونه الإستراتيجي من المواد الغذائية الضرورية، وجاء هذا الدعم ليتكامل مع جهود المستشفى المصري الميداني ببيروت، والذي يقدم الخدمات الطبية يوميا للبنانيين، واستقبل منذ افتتاحه في يناير الماضي أكثر من 80 ألف حالة.
ولم تقتصر جهود مصر على المساهمات الحكومية فحسب، حيث شاركت المؤسسات الدينية في تقديم الدعم للبنان، فقدم كل من الأزهر الشريف والكنائس المصرية عشرات الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية المتنوعة، كما تم إرسال مساعدات نوعية للمساهمة في جهود إعادة تأهيل المباني التي تضررت من الانفجار.
ولا يفوتنا أن نشير، إلى أن هذه الظروف العصيبة التي يشهدها لبنان تتزامن مع ما يمر به عالمنا اليوم من ظروف استثنائية تتمثل في الموجات المتتابعة لجائحة كورونا، وما ألقت به من أعباء ثقيلة، كما وكيفا، على عاتق كافة دول العالم ودول المنطقة. ومن هنا، فقد قدمت مصر دفعتين من الأدوية لمواجهة جائحة كورونا للجانب اللبناني مما يخفف من الضغوط على الشعب اللبناني الشقيق.
السيدات والسادة،
قد نختلف أحيانا في تقديراتنا للأوضاع في لبنان، ولكن في ظل هذه الظروف العصيبة، فإننا كلنا متفقون على أهمية وقوفنا إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، إذ لا مجال لتركه وحيدا أمام تلك الصعوبات التي اجتمعت عليه متتابعة.
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه لبنان حاليا هو كيفية الخروج من الأزمة السياسية التي يعاني منها. وعليه، فإنني أدعو جميع القادة اللبنانيين إلى إعلاء مصلحة لبنان الوطنية، وتسوية الخلافات، وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة، قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة، وصون مقدرات الشعب اللبناني الشقيق، ووحدة نسيجه الوطني، للحيلولة دون الدخول في حلقة مفرغة من الأزمات المتتالية.
وكما يدرك المجتمع الدولي جيدا مسؤولياته تجاه لبنان، فعلى كل لبناني أن يدرك أن حجم التحديات التي تواجه وطنه، وألا يدخر جهدا للقيام بواجبه، خاصة أن أمن لبنان واستقراره باتا مهددين مجددا، ومن هنا، فإنه من الضروري النأي بلبنان عن التجاذبات والصراعات الإقليمية، وتركيز الجهود على دعم وتقوية مؤسسات الدولة اللبنانية، لتتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها الوطنية في تحقيق الاستقرار بلبنان.
وأود أن أغتنم هذه المناسبة لأؤكد من جديد أن مؤتمرنا اليوم هو رسالة لكافة السياسيين اللبنانيين، بأن المجتمع الدولي على استعداد لدعم لبنان فور تشكيل حكومة جديدة من ذوي الخبرة والنزاهة، ومن خارج منطق المحاصصة والاصطفاف السياسي، وهو المطلب الذي عبرت عنه مختلف أطياف الشعب اللبناني. فلا حل للأزمة اللبنانية إلا عن طريق تلبية المطالب المشروعة للشعب اللبناني الشقيق، واستعادة ثقة المجتمع العربي والدولي بما يتيح استئناف الدعم للبنان، وانتقال من مرحلة الدعم الإنساني غلى مرحلة الدعم الاقتصادي.
السيدات والسادة،
لا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أجدد الشكر للحكومة الفرنسية، على مبادرتها بعقد هذا المؤتمر المهم، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وأن أؤكد على استعداد مصر الدائم لدعم لبنان وشعبه الشقيق لمواجهة كافة التحديات، وأن أعرب عن تمنياتنا لهذا البلد العزيز بأن يتجاوز هذه الظروف القاسية، بوحدة قادته وتماسك شعبه.
وشكرا لصديقي فخامة الرئيس ماكرون.
ألقيت الكلمة عبر الفيديو كونفرانس في المؤتمر الدولي الثاني لدعم لبنان، والذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة، وبمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط