رصدت ثلاث مؤسسات حقوقية القبض على 25 شخصًا على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين استباقًا لدعوة المقاول محمد علي المقيم في إسبانيا للتظاهر يوم 20 سبتمبر.
وذكرت مصادر من المؤسسات الثلاث للمنصة إن ستة من المقبوض عليهم ما زالوا متخفين حتى نشر هذا التقرير، بينما أفرج عن ثمانية وأحيل 11 آخرون إلى نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسهم 15 يومًا واتهامهم بـ "الانضمام لجماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة".
ومع إعلان مؤسسة حرية الفكر والتعبير استعدادها لتلقي البلاغات وتقديم الدعم القانوني في حالات الاستيقاف، فإن هذه الأرقام مرشحة للزيادة أو النقصان حال الإبلاغ عن حالات قبض أو إفراج جديدة.
كما ألقي القبض على أحمد نبيل (38 سنة)، ويعمل مندوبًا للمبيعات، يوم 12 سبتمبر الجاري من منزله في مدينة بلبيس في محافظة الشرقية، وفقًا لما ذكره أحد أفراد أسرته للمنصة، موضحًا أنه خضع للتحقيق بتهم الدعوة للتظاهر وتوزيع منشورات، وتم ضمه للقضية 5729 لسنة 2020.
ونفى المصدر الذي فضّل عدم نشر اسمه أي صلة لأحمد بالعمل السياسي "آخره يقف مع الناس بعد الصلاة قدام المسجد، ويوم ما اتقبض عليه كان لسه بيسجل شهادة ميلاد ابنه اللي لسه مولود".
استهداف مباشر
من جهتها، قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن الوحدة القانونية التابعة لها شكلت غرفة طوارئ ودعم قانوني قبل أسبوعين، وثقت القبض على ستة أشخاص منذ مطلع هذا الشهر ثلاثة منهم في القاهرة، من بينهم المحامي سعيد أباظة الذي قبض عليه فجر أمس الأحد والباحثة نجلاء عبد الجواد التي أرسلت رسالة لأحد أصدقائها يوم 15 سبتمبر الجاري تقول فيها "بيتقبض عليا".
وذكر مسؤول الوحدة القانونية في الشبكة طارق خاطر للمنصة أن المواطنين الستة الذين قبض عليهم، وجميعهم على صلة مباشرة بالعمل العام "ومستهدفون بشكل مباشر حيث تم القبض عليهم من منازلهم فجرًا من قوة مشكلة من القوات الخاصة وأمن الدولة ومباحث القسم التابع للمنطقة التي يعيشون بها"، لم يظهروا إلى الآن في أي مقر احتجاز أو أمام النيابة المختصة.
ولفت خاطر إلى أن الشبكة أرسلت تلغرافات للنائب العام، بشأن اختفاء المواطنين الستة.
ولفت المحامي الحقوقي إلى ما وصفه بـ "الاختلاف في التعامل الأمني" عن أحداث 20 سبتمبر العام الماضي، حيث أن "الحالات المسجلة حتى الآن تم استهدافها بشكل مباشر لعلاقتها بالعمل العام، بينما لم تتلقَّ الشبكة بلاغات تتعلق بحالات قبض عشوائي جماعية مثلما ما حدث العام الماضي"، وذلك رغم رصد حالات استيقاف مواطنين وتفتيش هواتفهم.
وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة وعشوائية مع تظاهر المئات في عدة مدن مصرية في 20 سبتمبر من العام الماضي، بعد دعوات أطلقها محمد علي من مقر إقامته في إسبانيا، ادعى فيها وجود فساد في عمليات مقاولات حصل عليها من القوات المسلحة.
وبلغ عدد المقبوض نحو 3765 شخصا، وفقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أفرج عن معظمهم لاحقًا وبقي نحو مئتي شخص يواجه معظمهم تهمًا من بينها "مشاركة جماعة إرهابية أهدافها"، و"نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
وقالت النيابة في بيان أصدرته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن النائب العام المستشار حمادة الصاوى أمر بإخلاء سبيل عدد من المتهمين فى أحداث سبتمبر، لثبوت تواجدهم بأماكن التظاهر وبين المتظاهرين دون قصد التظاهر خلال أحداث وقائع المظاهرات، كما أمر بإخلاء سبيل الأطفال والطلاب والنساء والشيوخ الذين ثبت تظاهرهم ولم يثبت ارتباطهم "بدعوات الجماعات التي تستهدف هدم مؤسسات الدولة".
ولكن عددًا من المتهمين الذين قبض عليهم في أحداث سبتمبر من العام الماضي أعيد تدويرهم في قضية جديدة حملت رقم 855 لسنة 2020.
وأضاف خاطر أن قوة أمنية استوقفت أحد المحامين بالشبكة أثناء اتجاهه لموقف عبود، وسئل عن هاتفه المحمول دون الاطلاع على بطاقته الشخصية، كما كان يحدث العام الماضي، ولكن خاطر أكد أن "هذا التصرف مخالف للقانون، لا يوجد ما يبيح تفتيش الهواتف الخاصة حتى في حالة صدور أمر ضبط وإحضار لا يجوز تفتيش الهاتف، مهمة جهة الضبط التحفظ عليه دون تفتيشه".
.. وقبض عشوائي
ولكن على صعيد متصل، وثق المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ثمانية بلاغات قبض عشوائي على مواطنين في محيط وسط البلد، أفرج عنهم لاحقًا، بعد توقيفهم وتفتيش هواتفهم الخاصة، حسبما أكد محمد عيسى المحامي الحقوقي بالمركز للمنصة.
وقال عيسى إن المقبوض عليهم احتجزوا لمدد لم تتجاوز اليومين "وهناك من خرج بعد ثماني ساعات".
وأكد المحامي الحقوقي أن "المركز لديه تحفظات شديدة على توقيف المواطنين في الشارع وتفتيش هواتفهم الخاصة" معتبرًا أن هذا الإجراء "مخالف لمواد القانون والدستور" لافتًا إلى استعداد المركز للتلقي أي بلاغات تتعلق بالقبض العشوائي أو الإخفاء القسري.
وفي السياق ذاته قال باحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير إن المؤسسة وثقت القبض على تسعة أشخاص خلال الأسبوعين الماضيين، جرى التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة العليا التي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة اتهامهم بـ "الانضمام لجماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة".
ولفت الباحث الذي تحدث إلى المنصة مشترطًا عدم ذكر اسمه أن المؤسسة تلقت أيضًا قبل بضعة أيام، بلاغين لحالات قبض عشوائي، الأول تم توقفيه في كمين في منطقة الزمالك ووجدوا على حسابه على فيسبوك الخاصة به منشورًا عن ثورة يناير وميدان التحرير، أما الآخر فقبض عليه من داخل مقهى في منطقة الزاوية الحمراء، ووجدوا على حسابه منشورًا عن قرارات إزالة العقارات المخالفة وشروط التصالح.
وأضاف أن الاثنين خضعا للتحقيق على ذمة القضية 880 أمن دولة، باتهامات "الانضمام لجماعة ارهابية ونشر أخبار كاذبة".