في 26 مارس/ آذار الماضي، عقدت اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة والسكان لوضع البروتوكول العلاجي للتعامل مع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد اجتماعًا عبر الفيديو كونفرانس، مع عدد من الأطباء الصينيين، انتهى إلى أن النموذج الصيني يتناسب مع الإمكانيات الموجودة في مصر، فتقرر اعتماده وتطبيقه، حسبما قال أحد أعضاء اللجنة للمنصة.
جاء هذا الاجتماع بعد أربعة أيام فقط من تشكيل اللجنة التي ضمت في عضويتها 12 طبيبًا تتنوع تخصصاتهم بين الصدر والكبد، ينتمي معظمهم للمستشفيات الجامعية بالإضافة إلى أطباء تابعين للوزارة، من إدارة الأمراض الصدرية وقطاع الطب الوقائي. عند تشكيل اللجنة كانت مصر قد سجلت بالفعل 327 إصابة بالمرض نجم عنها 14 حالة وفاة.
أصبحت هذه اللجنة هي الأساس لوضع برامج وطرق العلاج التي سيتعين على الأطباء تنفيذها بدءًا من مرحلة الاشتباه بأعراض المرض المستجد، مرورًا بمرحلة التحاليل، انتهاءً بآليات العلاج داخل مستشفيات العزل.
يكشف عضو باللجنة طلب أثناء حديثه مع المنصة عدم ذكر اسمه، كونه يتبع وزارة الصحة التي لا تخوّل لموظفيها وقياداتها الحديث إلى وسائل الإعلام، أنه "أثناء وضعنا البروتوكول العلاجي تمت الاستعانة بالبروتوكول الصيني في معظم الأمور، حتى إنه تم في 26 مارس الماضي، حوارً بالفيديو كونفرانس بين عدد من أعضاء اللجنة وقيادات الوزارة مع عدد من الأطباء الصينيين الذين يشاركون في وضع بروتوكولات العلاج هناك".
يوضح المصدر أن الاجتماع كان "للنقاش حول سبل العلاج، كما جرت الاستعانة ببعض الأبحاث التي نشرت خلال فترة الوباء في الصين. وبعد دراسة ما يتناسب بالإمكانيات الموجودة في مصر، سواء من ناحية الأدوية أو من ناحية الفحوصات والإمكانيات المادية، ودراسة كل جوانب وطرق العلاج، وصلنا إلى أنها (البروتوكولات الصينية) أنسب طريقة للعلاج في مصر، وطبقًا كذلك لما هو متاح من أدوية. الحمد لله تم توفير الأدوية الخاصة بالعلاج من قبل الوزارة، وأنواع الأدوية هنا تنقسم إلى ثلاثة، مضادة للفيروسات وأدوية تحسين المناعة، وفي حالات متأخرة صحيًا نعطي الحالات التي تكون على أجهزة تنفس صناعي، مضادات للأجسام المضادة للمناعة".
بعد إصدار بروتوكول العلاج، تولت اللجنة شرحه لـ 14 ألف طبيب يعملون سواء في مستشفيات الصدر والحميات والعزل وأقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية والجامعية، عبر الفيديو كونفرانس أحيانًا والهاتف في أحيان أخرى تعذر فيها استخدام الفيديو كونفرانس، لتجهيزهم من أجل التعامل مع مختلف السيناريوهات.
الدكتور حسام حسني مسعود، أستاذ أمراض الصدرية بكلية الطب جامعة القاهرة وأحد أعضاء اللجنة يوضح بدوره للمنصة أن عمل اللجنة، فضلًا عن متابعة تنفيذ البروتوكول العلاجي مع الحالات المريضة، يتضمن أيضًا الإشراف على جميع ما يحدث داخل مستشفيات العزل، ومتابعة الحالات المحتجزة بها أولًا بأول.
ويشرح حسني كيفية التعامل مع الحالات بحسب البروتوكول الذي أقرته اللجنة ودربت الأطباء عليه، مشيرًا إلى أن الأعراض التي تؤدي إلى الاشتباه هي ارتفاع درجة الحرارة وعدم استجابة المريض لخافض الحرارة، مع سعال بدون بلغم وضيق في التنفس واحتقان في الحلق واحمرار في العينين "إذا شعر الشخص بهذه الأعراض سواء مُجمعة أو كل عرض منهم استمر لفترة طويلة، عليه أن يتوجه فورًا لأقرب مستشفى حميات أو صدر".
الرحلة من التحليل إلى العزل
هنا يبدأ دور طبيب مستشفى الصدر والحميات "حينما تصل الحالة وتشكو من هذه الأعراض، يقوم الطبيب بعمل أشعة على الصدر، وصورة دم، فإذا أثبتت الأشعة وجود التهاب على الصدر، وجاءت صورة الدم بأن هناك نقص في كرات الدم البيضاء أو في الخلايا الليمفاوية، يجب على الطبيب أن يقوم بالمسح باستخدام عينات مأخوذة من بلعوم المريض وأنف وفمه.
ويتابع "نتائج المسحة تظهر بعد 48 ساعة، وخلال هذين اليومين يظل المريض محجوزًا داخل مستشفى الحميات أو الصدر، لحين وصول النتيجة فإذا جاءت إيجابية يتم تحويله لمستشفى العزل مباشرة".
بحسب حسني فإن اللجنة على دراية بشكاوى بعض المواطنين عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي، من اكتظاظ مستشفيات العزل بأعداد كبيرة بالإضافة إلى مخاطر التعرض للعدوى أثناء إجراء التحاليل التي قد تحولك من شخص سليم إلى حامل للفيروس.
يوضح أستاذ الأمراض الصدرية أن هناك "46 مستشفى حميات على مستوى الجمهورية بالإضافة إلى 33 مستشفى صدر، أي 80 مستشفى تقوم باستقبال الحالات. نحن نعلم الضغط الكبير من المواطنين الذين تساورهم شكوك الإصابة بالمرض، ولدي رسالة لهم؛ أي حد معندوش الأعراض اللى قلنا عليها مش لازم يروح يعمل ضغط علينا ويطلب تحاليل، كدا إنت بتاخد مكان واحد ممكن يكون محتاج".
وتابع قائلًا "ولحل هذه المشكلة هذا الأسبوع سيتم الإعلان عن تخصيص ستة مستشفيات جامعية بالاتفاق مع وزارتي الصحة والتعليم العالي، لإجراء التحاليل من أجل تخفيف الضغط على الحميات".
حتى الآن، خصصت وزارة الصحة 10 مستشفيات للعزل على مستوى الجمهورية، تنقل فيهم الحالات التي ثبت إصابتها بالفيروس، وهى مستشفى النجيلة بمطروح ومايو بحلوان والعجوزة التخصصي بالجيزة وإسنا بالأقصر والعجمي وأبو خليفة بالإسكندرية وقفط بقنا والصداقة بأسوان وقها وتمى الأمديد بالدقهلية، لكن بحسب تصريحات الوزيرة هالة زايد خلال ظهورها الإعلامي في الأسبوعين الماضيين، فإن الوزارة تسعى لتخصيص 18 مستشفى آخر للعزل، من أجل تغطية المحافظات كاملة.
هنا يتحدث عضو اللجنة الذي يعمل بوزارة الصحة، قائلًا "يخضع المريض لتلقي العلاج لخمسة أيام، وبعدها يتم أخذ مسحة منه لتحليها، فإذا جاءت النتيجة إيجابية يستمر في تلقي العلاج أما إذا جاءت النتيجة سلبية في المرة الأولى، أنتظر 48 ساعة وأقوم بأخذ مسحة ثانية، فإذا ظهرت النتيجة سلبية للمرة الثانية، يتم دراسة خروج المريض، وأدرس حالته، ووفقًا لها يتم اتخاذ قرار خروجه، أما إذا جاءت النتيجة إيجابية للمرة الثانية يستمر المريض في العلاج ، وتؤخذ منه مسحة كل 48 ساعة".
ماذا يقول البروتوكول عن المخالطين؟
لا يتعلق البروتوكول العلاجي الذي تطبقه مصر بالتعامل مع المصابين أو المشتبه في إصابتهم فقط، ولكنه يتطرق كذلك إلى المخالطين ويضع إجراءات يتعين اتباعها لضمان تقليص احتمالات الانتشار.
ويقول عضو اللجنة الذي فضّل عدم ذكر اسمه "معظم حالات الإصابة التي تم اكتشافها في مصر كانت من المخالطين، فبالتالي أي حالة يثبت إيجابيتها يتم رصد كل المخالطين بها، وبعدها يتم أخذ عينات من المخالطين لو لمدة ظهرت نتيجة إيجابية يتم تحويلها فورًا على مستشفيات العزل، لو الحالة سلبية ننصحه بالعزل المنزلي لمدة 14 يوم، وفي حال ظهور أعراض عليه يتم التواصل معنا فورًا، ونأخذ منه عينة أخرى للتحليل وغالبا وقتها يكون التقط المرض".
يشرح أيضا "قد يكون من بين المخالطين للحالة الأصلية حاملين للفيروس لكن ليسوا مرضى، بمجرد أن يتم اكتشاف إصابة شخص بالفيروس، يتم فحص جميع المخالطين لها، وبالتالي استطيع اكتشاف الحالات المصابة قبل أن تظهر عليها أعراض".