صارت الأديبة الفلسطينية اللبنانية مي زيادة محط اهتمام الوسط الثقافي المصري لمدة ثلاثة أيام بعد وفاتها بـ 74 عاما. بدأ الاهتمام المفاجيء ببوست على فيسبوك، كتبه الصحفي المصري نبيل سيف، يقول فيه إنه سيشهد مساء السبت (الماضي) مزاد (مغلق) يبيع مقتنيات الأديبة الراحلة في (شقتها) بشارع علوي بوسط القاهرة.
أضاف سيف أن الشقة تحتوي على مقتنيات ووثائق مهمة، اطلع على بعضها، وختم البوست بقوله إن ما سيحدث "كارثة" وأن تراث البلد يباع "على عينك يا تاجر".
اسم مي زيادة إلى جانب قضية بيع التراث هو أمر يثير الاهتمام بالفعل، مي زيادة التي كانت حياتها صاخبة واستضافت في صالونها كبار مفكرين عصرها انتهت وحيدة وفقيرة وتنتقل من شقة إلى شقة، وإلى جانب ذلك ففكرة بيع تراثها قد يردد صدى بيع التراث المصري وفقدانه وإهماله من قبل المسئولين.
بالإضافة إلى ذلك فمي زيادة التي عاشت سنوات طويلة في مصر فلسطينية ولبنانية وهناك وقع عربي لأي شيء يهدد تراثها.
كان لهذا أثره على ردود فعل المواقع الاجتماعية على بوست نبيل سيف.
كتبت سالي سليمان على تويتر:
"مي زيادة قتلت مرتين مرة بسبب حب رجل لم يقدرها و مرة بجهل وطن لم يقدرها".
مشيرة إلى حبها غير المكتمل مع الشاعر جبران خليل جبران والذي توقف عند تبادل المراسلات، وبالتالي حياتها القاسية.
ويكتب مالك عدلي: "شقة مي زيادة هتتباع مقتنياتها ف مزاد سري كمان كام ساعة .. مصر بتهرج".
هذا الذي يوحي بتكرار مثل هذه الكوارث في مصر.
تبدو القصة مناسبة جدا لتحظى بشعبية. عدد من المثقفين تدخل واقترح الضغط على الحكومة المصرية لإيقاف بيع المقتنيات، منهم الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد. الذي كتب على تويتر: "#اوقفوا_بيع_شقة_مي_زيادة ياجماعة ادخلوا ع الهاشتاج دا يمكن نلحق نوقف الكارثة دي".
المزاد يوم السبت بحسب كلام نبيل سيف، بشارع علوي، ولكن لا أحد يعرف أي بناية وأي شقة. بالتالي قضى المثقفون والمهتمون ليلة ويوم بوليسيين (مساء الجمعة وطوال يوم السبت) محاولين معرفة مكان المزاد الدقيق ومحاولة إيقافه، وخاصة مع المحاولات غير المجدية للاتصال بنبيل سيف الذي لم يكن يرد على تليفونه ولا بريده على فيسبوك.
وفي مساء السبت أرسلت الصحف مراسليها بشارع علوي بوسط البلد، وعلى غير المتوقع بعثت وزارة الثقافة بلجنة لتقصي الأمر.
لم يجد أحد الشقة المقصودة وبدا أن الأمر مجرد شائعة.
في يوم الأحد نشر الصحفي يحيى وجدي تحقيقا عن عملية البحث عن الشقة بموقع زحمة، وأشار أن الشقة المذكورة في بوست سيف ليست شقة مي زيادة ولكن كانت هناك مقتنيات لها معروضة للبيع بالفعل في هذا اليوم، وبوست سيف هو الذي أوقف العملية أو أجلها.
أخيرا ظهر نبيل سيف نفسه صباح يوم الأحد بعد اختفاءه في اليومين السابقين، قال سيف إنه لم يكن يقصد أن ما كان سيتم هو مزاد بالمعنى المتعارف عليه، وإنما كانت عملية ستتم بالمعنى الضيق بين أشخاص قليلين مهتمين بهذا الأمر. مضيفا إنه يذهب إلى مثل هذه التجمعات بصفته مقتن وليس بصفته صحفي. ثم أخذ يتحدث عن وثائق ومقتنيات أخرى بيعت وتباع لقيادات حزب الوفد التاريخية وأنور وجدي ونجيب محفوظ ونجيب الريحاني.
https://www.facebook.com/nabil.seif/posts/10153646464088449لم يجب نبيل سيف في هذا البوست المنتظر أن يكون توضيحيا على العديد من الأسئلة؛ أين هي شقة مي زيادة؟ وهل هي شقتها بالفعل؟ وهل تم المزاد أو البيع؟ وما طبيعة تلك المقتنيات؟
يبدو أن أحدا لم يستفد بشكل مباشر من الزخم البوليسي الذي جرى يوم السبت عن شقة ومقتنيات مي زيادة.
ولكن مع ذلك بدا أن هذا الزخم هو شيء طفا على السطح من عالم كبير ومغلق قائم على بيع المقتنيات التاريخية، في عمليات لا يسهل إيقافها أو تقنينها.
كانت هناك نسبة من الواقع ونسبة من الخيال فيما حدث يوميّ الجمعة والسبت الماضيين، ولكن ربما يدفع ذلك إلى النظر بحرص أكبر إلى التراث الذي يغيب عن أعين المثقفين والمؤسسات الرسمية والذي يتم بيعه باستمرار.