خالف البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني الجديد لتوتنهام هوتسبير أحد الأعراف الكروية الشهيرة التي تنص على أنك لن تنجح في مجال التدريب ما لم تكن لاعبًا محترفًا قضى سنواتٍ طويلة داخل الملاعب.
الاستثنائي، كما يُلقب نفسه، تحوّل من مترجم إلى مساعد مدرب ثم بات أحد أبرز مدربي كرة القدم في آخر 20 عامًا، فكيف حدث هذا التحول، وكيف استعد مورينيو خلال سنواتِ العمل في الظل ليصبح جديرًا بعد ذلك بقيادة أفضل فرق العالم؟
"اترك الكرة.. لن تجني منها المال"
كان فيليكس مورينيو، والد جوزيه، حارس مرمى خاض مسيرة جيدة بالدوري البرتغالي في ستينيات القرن الماضي، وعندما خلع قفازيه اتجه إلى التدريب. عام 1976 كان فيلكس مديرًا فنيًا لفريق كالادازا. وقتها كان جوزيه ابن 14 عامًا. ورغم صغر سنه إلا أنه أبى أن يكتفي بمشاهدة والده يقود الفريق بينما هو جالس في المدرجات لا يفعل شيئًا.
أقحم جوزيه نفسه في المشهد وقرر كتابة تقارير عن الفرق المنافسة. كان يتابع المباريات ويحلل أداء اللاعبين ثم يُسلِم والده تقريرًا مطوّلًا قبل كل مواجهة. استعد مورينيو مبكرًا في سن صغيرة لمهمة سيكررها لاحقًا في مسيرته.
انتبه فيلكس إلى شغف ابنه الشديد بالكرة. وانتبه، في الوقت نفسه، إلى أن جوزيه لا يملك المهارة اللازمة ليصبح لاعبًا محترفًا. بعد عام حاوّل الأب تغيير مسار نجله. قال* له "اترك الكرة، لن تجني منها مالًا كثيرًا" رفض جوزيه، وقال إنه سيصبح لاعبًا ثم مدربًا.
كما توقع الأب، انتهت مسيرة جوزيه كلاعبٍ في بداياتها. تنقّل بين عدد من أندية الدوري الممتاز في مراحل الناشئين، بعضها كان يدربها والده، ثم خاض مسيرة قصيرة مع أندية بالدرجة الثانية، قبل أن يتوقف نهائيًا عن ممارسة الكرة وعمره 23 عامًا.
قبل ذلك، كان مورينيو قد خالف رغبة والدته التي سعت لإلحاقه بجامعة متخصصة ليدرس إدارة الأعمال، وقرر أن يتخصص في دراسة علوم الرياضة.
أخفق مورينيو في الجزء الأول من مسيرته. تحدى والده وقال إنه سيصبح لاعبًا محترفًا لكنّه لم يقوَ على ذلك؛ غير أنه كان عازمًا ألا يكرر هذا الإخفاق في الجزء الثاني من مسيرته.
تخرّج مورينيو وعمل مدرسًا رياضيًا بإحدى المدارس ثم ارتقى خطوة وعمل مدربًا للناشئين في فيتوريا سيتوبال، قبل أن يعمل مساعد مدرب في فريق اشتريلا دا أمادورا بعد هبوطه إلى الدرجة الثانية عام 1991.
البداية
كان سوزا سنترا رجل الأعمال البرتغالي الشهير الذي تولى رئاسة سبورتيج لشبونة في أواخر الثمانينيات، يبحث عن مترجم يعمل مع الإنجليزي بوبي روبسون المدرب الجديد للفريق.
طُرِح اسم جوزيه الذي يجيد الإنجليزية وله خبرة بسيطة بكرة القدم. وافق مورينيو على الفور وانتقل ليعمل رفقة بوبي روبسون كمترجمٍ ليس أكثر.
كانت هذه لحظة البداية الحقيقة لرحلة مورينيو في الظل. تلك الرحلة التي استمرت ثمانية أعوام كاملة قبل أن ينتقل إلى مقعد القيادة.
تسلّح مورينيو خلال تلك الرحلة بالعديد من المزايا لعلّ أهمها وأبرزها قدرته الفائقة على قراءة المشهد مبكرًا. في كل تجربة خاضها كان يحدد هدفًا مسبقًا، ويحدد أيضًا الطريق الأمثل لتحقيق هذا الهدف.
فور تعيينه مع روبسون أدرك جوزيه أنه لن ينجح في هذا العمل ما لم يحظَ بثقة المدرب، ولكي يحظى بثقة بوبي روبسون عليه أن يترجم كل شيء، ولو أزعج هذا الأمر بعض اللاعبين.
كان مورينيو يترجم حديث المدرب إلى اللاعبين، وفي الوقت نفسه ينقل إلى المدرب كل ما يقوله اللاعبون. يقول بوبي روبسون "كان جوزيه يخبرني ما يقوله اللاعبون خلف ظهري، بعضهم كان يستغل عدم إجادتي للبرتغالية ويتحدث بشكل سيئ".
لكنّ هدف مورينيو خلال تلك المرحلة لم يقتصر على التقرب من مدربه والتودد إليه. أراد أن يلفت انتباه المدرب الإنجليزي إلى قدراته. وأن بإمكانه أن يحظى بفرصة أكبر من الترجمة.
خلال أحاديثهما كان جوزيه يفصح، بين الحين والآخر، عن وجهة نظره في إحدى الأمور الفنية. جذب انتباه روبسون سريعًا وقرر الأخير الاعتماد عليه.
مكافأة ومفاجأة
كافئ روبسون مترجمه الشغوف بإسناد مهمة جديدة إليه. طلب من مورينيو الذهاب لمتابعة مباريات الفرق المنافسة وكتابة تقارير تفصيلية عنها. نفس المهمة التي تطوّع جوزيه بها قبل أكثر من 16 عامًا لمساعدة والده.
حين عاد مورينيو من مهمته الاستكشافية الأولى طرق باب روبسون ثم سلمّه ملفًا يحوي كل التفاصيل، وهنا كانت المفاجأة. يقول المدرب الإنجليزي "قرأت التقرير وتفاجأت. هذا أفضل تقرير قرأته طوال مسيرتي التدريبية. كان جوزيه وقتها في مطلع الثلاثينات، لا يملك خبرة كلاعب أو كمدرب، ورغم ذلك، كتب تقريرًا احترافيًا لم أر مثيلًا له من قبل".
حقق سبورتينج نتائج جيدة في الدوري لكن عقب الهزيمة أمام سالزبورج في كأس الاتحاد الأوروبي تغيّر كل شيء. قرر سوزا سنترا رئيس النادي إقالة بوبي روبسون من منصبه.
مترجم.. ومدرب أيضًا
بعد إقالة روبسون من تدريب سبورتينج بفترة وجيزة، قدّم نادي بورتو عرضًا للمدرب الإنجليزي. اتصل روبسون بجوزيه وطلب نصيحته، حثّه مورينيو على قبول العرض، وبدأ الثنائي مهمة جديدة، سيكون فيها جوزيه مترجمًا ومساعدًا للمدرب الإنجليزي في الوقت نفسه.
ارتقى مورينيو خطوة كبيرة، وقبل أن يبدأ مهامه الجديدة كان كعادته محددًا وواضحًا ودقيقًا. تمسّك بالفرصة التي منحها له روبسون وقرر استغلالها على نحو مثالي.
حتى يصبح مساعدًا للمدرب، عليه أن يُدير الحصص التدريبية بكفاءة، وأن يتواصل بشكل يومي مع اللاعبين ويدربهم ويطوّر من قدراتهم، وإلى جانب ذلك، عليه دون شك أن يعزز من استفادته من بوبي روبسون ويقدم لمدربه الدعم الفني متى احتاج إليه.
يقول فيتور بايا الحارس البرتغالي الشهير الذي عمل مع روبسون ومورينيو في بورتو، وانتقل معهما لاحقًا إلى برشلونة الإسباني "كان جوزيه منظمًا ودقيقًا للغاية. يعرف كيف ينظم الصفوف داخل الملعب، يشرح أفكاره بوضوحٍ للاعبين، وفي الوقت نفسه يتواصل معهم بشكل جيد ليعرف ماذا يريد كل منهم".
كان روبسون يتابع جوزيه ويشعر بسعادة كبيرة لما يقدمه. ترك مساحة كبيرة أمام الشاب البرتغالي ليتمدد ويتعاظم دوره داخل الجهاز الفني، وكان مورينيو في المقابل يشعر بامتنان كبير.
يقول جوزيه "أنا مدين له بالكثير. لم يكن أحد يعرفني حتى جاء بوبي روبسون إلى البرتغال. لقد منحني الفرصة للعمل معه في ناديين، ثم منحنى فرصة للانتقال إلى أحد أكبر أندية العالم (برشلونة). نحن شخصان مختلفان تمامًا لكنني تعلمت منه الكثير، تعلمت كيف أصبح مدربًا محترفًا".
إلى كتالونيا
كان مورينيو يتابع الصحف بدقة. قرأ ذات يوم أن إدارة برشلونة بدأت تبحث عن خليفة ليوهان كرويف. وقرأ أيضًا أن بوبي روبسون من الأسماء المرشحة.
خطوة جديدة كبيرة كانت في طريقها إلى المدرب البرتغالي الشاب، وقبل أن يتحقق مورينيو من الخبر، وقبل أن يتفاوض النادي مع روبسون، بدأ البرتغالي الاستعداد الجاد. قرر جوزيه أن يتعلم اللغة الإسبانية حتى يكون قادرًا على التواصل مع اللاعبين والإعلام، كما قرر تعلم اللغة الكتالونية ليتحدث بسلاسة مع اللاعبين من أبناء إقليم كتالونيا.
أقال جوزيه نونيّا رئيس برشلونة الإسباني يوهان كرويف من قيادة الفريق الكتالوني، واستقر على التقدم بعرض لبوبي روبسون بعد نتائجه المميزة مع بورتو، انتقل روبسون إلى كتالونيا وفي صحبته مورينيو.
طلبت إدارة النادي من روبسون إسناد مهام المساعد الأول إلى خوسيه رومان إلكسانكو، الذي لعب 250 مباراة بقميص برشلونة قبل أن يعتزل عام 1993. وافق بوبي على طلب الإدارة لكنه أصر على وجود مورينيو في طاقمه الفني، مساعدًا ومُترجمًا.
الاختبار الأصعب
خلال استعداده المبكر لهذه الرحلة. أدرك مورينيو أنه سيخوض اختبارًا شديد الصعوبة.
اللاعبون في برشلونة هم صفوة نجوم الكرة، وهو مدرب مساعد بلا تاريخ كروي يُذكر. الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية تفرض ضغوطًا هائلة على الجهاز الفني لبرشلونة. والجمهور لا يرضى إلا بالفوز. وضع مورينيو خطة دقيقة للتعامل مع كل شيء، وبدأ في تنفيذها.
جذب مورينيو الأنظار إليه سريعًا. في المؤتمرات الصحفية لم يكتفِ بالترجمة فحسب. كان يتحدث كمترجم ومدرب للفريق في آن واحد. له وجهة نظر خاصة يشرحها بالتفصيل. بعد مؤتمرين أو ثلاثة، انتبه الصحفيون، خاصة من يجيدون الإنجليزية، إلى عدم اكتفاء مورينيو بمهمة الترجمة، وإلى سعيه الدائم لإضافة آرائه. اضطرت إدارة النادي لإبعاده عن المؤتمرات الصحفية ليكتفى بالترجمة بين المدرب ولاعبيه في الملعب وداخل الغرف المغلقة.
مع الصحافة، نجح مورينيو في تكوين العديد من الصداقات القوية. يقول سانتي خيمينث الصحفي بجريدة أس "كان مورينيو شخصًا مختلفًا عن ذلك الذي يظهر على الشاشة الآن. أحبّه اللاعبون واحترموه. أحبه الصحفيون كذلك، وكانت له العديد من الصداقات معهم".
أما لو مارتين الصحفي بجريدة الباييس فيحكي أن مورينيو اعتاد قبل مواجهات برشلونة الأوروبية خارج كامب نو أن يلتقي الصحفيين ويتنزه معهم. وأضاف "كان ودودًا للغاية، أحبه الجميع وقتها. لقد تغيّر بعد ذلك، ويمكنني أن أقول إن الشخص الذي يظهر الآن على الشاشة ليس مورينيو الذي عرفته قبل سنوات".
أمّا التحدي الأصعب مع اللاعبين فكانت لمورينيو طريقته الخاصة لتجاوزه بنجاح ودون أي تعثر.
كان بوبي روبسون حريصًا على التعامل مع لاعبيه بشكل احترافي. لا مجال للصداقة. أنت لاعب وأنا مدرّب. هناك مسافة تفصل بيننا لن يتجاوزها أحد. استغل جوزيه هذه المسافة. تقرب إلى اللاعبين وتسلل إلى قلوبهم، والأهم من ذلك، فرض عليهم احترامه.
كانت لمورينيو فلسفة خاصة في التعامل مع هؤلاء النجوم. كان مقتنعًا أنه لن ينجح في مهمته إذا وجّه إليهم التعليمات بشكل مباشر. يقول جوزيه "إذا كنت تدرب لاعبين بهذه الجودة يجب أن تعلم أنه لا مجال لإعطاء الأوامر والتعليمات بشكل مباشر. يمكنك إرشادهم ونصحهم، هكذا تسير الأمور".
ويضيف "لاعبون بهذه الجودة لن يلتزموا بتعليمات المدرب لمجرد أنه يشغل منصبًا يمنحه الحق في توجيههم، عليك أن تقنعهم بما تقوله، أن تقدم لهم أدلة تُثبت صحة وجهة نظرك. ويتابع "دورك هنا أن تكون ناصحًا ومُرشدًا، تُقدم لهم الأدلة وهم يفسرونها ويتحققون من صحتها، فلسفتي كانت الإرشاد والاستكشاف".
أحب اللاعبون مورينيو ووثقوا في قدراته. يقول الفرنسي لوران بلان، الذي لعب في برشلونة موسم (1996-1997) إن اللاعبين كانوا يُقدّرون الجهد الكبير الذي يبذله مورينيو، خاصة حين يقوم بإعداد فيديوهات دقيقة مُفصلة عن المنافسين قبل المباريات. ويضيف بلان "كنت أطلب الحصول على تلك المقاطع، وأشاهدها مجددًا في المنزل وأتعلم منها الكثير".
فاز برشلونة في موسم (1996-1997) بثلاثة ألقاب؛ الكأس والسوبر المحليين، وكأس أوروبا للأندية أبطال الكؤوس لكنّه لم يتوّج بالبطولة الأهم.. الدوري.
وداعًا بوبي
بعد نهاية الموسم، أقال برشلونة روبسون وعيّن الهولندي لويس فان خال بدلًا منه. قرر مورينيو العودة إلى البرتغال لكنّ روبسون أقنعه بالبقاء في برشلونة والعمل مع فان خال. ولم يكتفِ بذلك بل تحدث إلى المدرب الهولندي وأثنى على جوزيه وقدراته التدريبية.
يقول مورينيو "تعلمت من بوبي الكثير والكثير لكنّ الدرس الأكثر أهمية؛ أن تعلم حين تفوز أنك لست الأفضل، وحين تخسر أنك لست الأسوأ". ويضيف "لم يكن بوبي رجلًا شغوفًا بالجوانب النظرية، ولم يكن مهتمًا بتطوير حصص التدريب، لقد كان رجلًا ميدانيًا يحب الملعب. يتحدث بشكل مباشر إلى لاعبيه. يوجههم وينصحهم، كان يحب الكرة الهجومية. إذا قسّمنا الملعب إلى ثلاثة أجزاء، فإن تركيزه كان منصبًا على الجزء الأخير المواجه لمرمى الخصم، لذا كنت مُطالبًا بالاهتمام بالنواحي الدفاعية بشكل كبير".
أهلًا لويس
افترق الرفيقان. سيبدأ جوزيه مهمة جديدة مع مدرب ينتمي لمدرسة كروية أخرى؛ المدرسة الهولندية التي يفضلونها في برشلونة. ومع مدربٍ يختلف تمامًا عن مدربه السابق.
كيف ينجح مورينيو في هذه المهمة؟ كيف يقنع مدربًا صارمًا مثل فان خال بأحقيته في هذا المنصب؟ وكيف يحتفظ بالمزايا العديدة التي كان يحظى بها مع بوبي روبسون؟
من بين اختيارات كثيرة، قرر مورينيو أن يصطدم بمدربه الهولندي. سيحاول البرتغالي الشاب الدفاع بقوة عن وجهات نظره، ولن يوافق على قرارات المدير الفني إذا لم يقتنع بها. كانت هذه الطريقة الأنسب من وجهة نظره لإقناع المدرب، ونجحت بالفعل.
يقول فان خال "كان جوزيه شابًا فخورًا بنفسه. لم يلتزم بدوره في الجهاز الفني وكان يتجاوزه كثيرًا. كان يجادلني خاصة حين يظن أنني مخطئ. أزعجني هذا الأمر في البداية لكنني أحببت جوزيه بمرور الوقت. أصبح أكثر شخص أثق برأيه داخل الجهاز الفني".
كان فان خال يعتمد على مورينيو لكتابة تقارير مفصّلة قبل مواجهة الفرق الكبرى، لذا كان جوزيه يسافر كثيرًا خلال عمله مع المدرب الهولندي. بالإضافة إلى ذلك، كان فان خال يفضل جلوس مساعده في المدرجات بدلًا من التواجد على مقاعد البدلاء، والسبب في ذلك هو رغبته في أن تتاح لمورينيو رؤية أفضل للملعب حيث كان يقوم المساعد بكتابة تقرير مفصل عن نقاط القوة والضعف في المنافس، ويسلّمه إلى فان خال بين شوطي المباراة. وكان المدرب الهولندي يعدّل من طريقة لعبه بناءً على هذا التقرير.
الرجل الأول
نجح مورينيو في الاختبار الأول وفاز بثقة مدربه الهولندي، لكنّه لم يحظَ بنفس المهام التي كان يوكلها إليه بوبي روبسون. تراجع دوره خلال الحصص التدريبية التي كان فان خال يضع بنفسه جدولًا مفصلّا ودقيقًا لها. وهو العمل الذي اعتاد مورينيو القيام به مع المدرب الإنجليزي.
ورغم أن فان خال كان يكلّف مورينيو بقيادة الحصص التدريبية، وبقيادة الفريق في بعض المباريات الودية إلا أن كل هذا لم يكن كافيًا بالنسبة لجوزيه الذي كان يتطلع إلى أكثر من ذلك.
كان واضح للجميع أن المساعد الشاب الذي يحظى بمحبة واحترام اللاعبين وثقة المدير الفني يتطلع إلى مهمة أكبر. يقول الهولندي مايكل رايزيجر الذي لعب في برشلونة بين عامي 1997 و2004 إن مورينيو لم يكن مساعدًا عاديًا. ويضيف "كان يحظى بعلاقة جيدة مع الجميع. كان يهتم بكل التفاصيل سواءً داخل الملعب أو خارجه. لقد أحببنا ذلك، وكان واضحًا لنا جميعًا أنه لن يرضى بدور الرجل الثاني لفترة طويلة".
سئم مورينيو من العمل مع فان خال بعد موسمين. كان يرغب في الرحيل. تلقى بالفعل عرضًا لتدريب براجا في صيف 1999 لكنّه رفض لأن المقابل المادي كان ضعيفًا، ولأن أسرته كانت تستمتع بالحياة في إسبانيا. قضى موسمًا آخر مع برشلونة. خلال هذا الموسم تضاعف غضب مورينيو وإحباطه.
أدرك مورينيو أن رحلته في برشلونة قد انتهت. قرر الرحيل والعودة إلى البرتغال. لم يمتلك وقتها أي عرضٍ تدريبي. لم يمتلك سوى رغبة في صلاحيات أكبر، وعمل يخضع لقواعده الشخصية لا لقواعد وضعها شخص آخر. لن يصبح الرجل الثاني أو الثالث مجددًا.
جلس طوال الصيف في منزله دون عمل ثم تلقى عرضًا من بوبي روبسون ليعمل مساعدًا له في تدريب نيوكاسل. فرصة جديدة للعودة مع أستاذه بصلاحيات كبيرة، وفي بطولة قوية. وفي الوقت نفسه، جاءته أخيرًا فرصة الجلوس على مقعد القيادة بعدما قدم له بنفيكا عرضًا ليشغل منصب المدير الفني بعد إقالة يوب هاينكس.
قارن مورينيو بين العرضين. اعتذر إلى أستاذه ووافق على عرض بنفيكا ليبدأ في سبتمبر عام 2000 رحلة جديدة ستصبح خلال سنوات قليلة من أهم وأبرز قصص النجاح في عالم التدريب.
* جميع التصريحات الواردة بالتقرير من مجلة four four two