استجوبت نيابة أمن الدولة العليا، مساء أمس الثلاثاء، عضو حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) عبد الله السعيد، وذلك بعد عشرة أيام فقط من عرضه الأول في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقبل انقضاء مدّة حبسه الاحتياطي الرسمية التي كانت 15 يومًا، فيما أعلن الحزب تعرّض السعيد لـ"اعتداءات" خلال فترة حبسه.
يذكر أن السعيد ظهر في نيابة أمن الدولة منتصف الشهر الجاري، كواحد من المتهمين في القضية 441 لسنة 2018 أمن دولة، وذلك بعد 35 يومًا من اختفائه، في أعقاب القبض عليه من منزله بالجيزة يوم 13 أكتوبر/ تشرين اﻷول الماضي 2019، وحينها تقدمت أسرته ببلاغات وشكاوى لكافة الجهات المعنية "للكشف عن مكانه".
قبل الموعد
قالت إلهام عيداروس، وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، إن عرض السعيد جاء في اليوم العاشر لحبسه احتياطيًا، وقبل إتمامه مدة 15 يومًا اعتبارًا من يوم 16 نوفمبر الماضي، وأن ذلك تم "دون إعلام محاميه؛ ما جعل محامون آخرين يحضرون التحقيقات معه أمس، حيث صادفوه في مقر النيابة".
وعلّقت عيداروس على الأمر بقولها للمنصّة "لا نعلم على وجه التحديد سبب عرضه مبكرًا عن موعد جلسته، وهل هو لأسباب لوجيستية تتعلق بالنيابة أم عن قصد حتى لا يتمكن من الحضور برفقة محاميه"، مشيرة إلى أن السعيد "حتى هذه اللحظة لم يتمكن من رؤية أهله، ﻷنه في البداية كان مختفيًا، وبمجرد ظهوره تم حبسه وخلال هذه المدة، 10 أيام من الحبس، لم يكن مسموحًا لذويه بزيارته، ﻷنها الأيام المعروفة لدى سلطات السجون بأنها أيام الإيراد".
ويواجه السعيد في القضية 441 اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة"، وهي القضية التي تضم كلًا من المدون وائل عباس، والصحفيين مصطفى الأعصر وحسن البنا ومعتز ودنان.
وقالت عيداروس إن محاميِّ السعيد "قدموا بلاغات للنيابة بوقائع احتجازه بالمخالفة للقانون (الاختفاء)، وكذلك بأن محضر ضبطه مزورًا، إذ انه صادر بتاريخ ظهوره في النيابة، 16 نوفمبر، بينما هو مختفيًا منذ منتصف أكتوبر".
"تشريفة" السجن
وكشف الحزب، في بيان أصدره اليوم الأربعاء، أن عبد الله السعيد "أقرّ أمام النيابة، أمس، بتعرضه للتعذيب في سجن طرة تحقيق، فور ترحيله إليه من النيابة مساء يوم 16 نوفمبر من قبل المسؤولين في السجن، حيث تم استقباله بما يعرف بالـ"تشريفة" وضربه على ظهره وسبه بألفاظ بذيئة".
وقالت عيداروس إن "التشريفة" التي تعرّض لها السعيد "كانت بعد أن أثبت أمام النيابة في جلسة 16 نوفمبر، واقعة اختفائه قسريًا لمدة 35 يومًا، وما تعرّضه من انتهاكات خلالها تمثّلت في التقييد (الكلبشة) والتهديد بالصعق بالكهرباء، وعَصب عينيه وإجباره على خلع ملابسه، وحرمانه لفترة طويلة من استخدام دورة المياه، فيما يمثل معاملة غير إنسانية تَرقى للتعذيب، وهو ما طالب بالتحقيق فيها باعتبارها بلاغ منه وسماع أقواله كمجني عليه".
وفقًا لبيان الحزب، فإن محامي السعيد "توجه ببلاغ للنائب العام طالبًا فتح تحقيق عاجل في واقعتي الاحتجاز غير القانوني والتعذيب، وسماع أقوال موكله كمبلغ أو مجني عليه وتتبع رقم الهاتف الخاص به، وضم دفتر أحوال القوات التي قامت بالقبض عليه، وسؤالهم في وقائع الاعتداء التي ذكرها ومعاينة النيابة العامة للمقار التي تم احتجازه فيها".
واستنكر "العيش والحرية"، ما تعرّض له السعيد، بالقول "لا يمكن تفسير التشريفة التي تعرض لها سوى بالتنكيل المجاني لمواطن تقيّد أجهزة الأمن حريته؛ تلك اﻷجهزة التي ترغب ممارسة الاختطاف واﻹخفاء للمُدد التى تريدها دون مُساءلة أو حتى شكوى".
ووصفت عيداروس "التشريفة" التي تعرّض لها السعيد بقولها "هذا لفظ قميء، ومازال موجودًا منذ عقود وحتى اليوم، وهو الإجراء الذي يراه الأمن مجرد تأديب للسجين، لكنه قد يؤدي للموت، كما حدث مع الناشط شهدي عطية في زمن عبد الناصر، خاصة أن المتهم لا يمكنه الدفاع عن نفسه أمام اعتداءات عدد من رجال الأمن عليه".
و"التشريفة" هي إجراء غير قانوني يشمل اﻹهانة اللفظية والجسدية، تعرّض له خلال الفترة الماضية محبوسين آخرين على ذمة قضايا سياسية مثل علاء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر، وإسراء عبد الفتاح، وفقًا لما وثقّه نشطاء.
وفي هذا الصدد، قالت القيادية الحزبية "كنا نعتقد أن التعذيب يحدث في مقار الأمن الوطني خلال فترة الاختفاء، إلاّ أن الأمر المزعج هو أنه يتم بصورة صريحة داخل السجون أيضًا، وبمجرد وصولهم للسجن، كما وقع لعلاء عبد الفتاح وعبد الله السعيد، على الرغم من كونهم لم يرتكبوا إثمًا، فيما يبدو وكأنه توصيات ضدهم من جهات بعينها".
واختتمت عيداروس بقولها "سنواصل تضامننا مع السعيد، وسنتقدم بشكاوى لكل الجهات المعنية، كما سنعلن عن إجراءات خلال الأيام المقبلة، ﻷن الواقع فرض الآن معركة في مصر ضد الاختفاء القسري والتعذيب والتنكيل بالمواطنين".