يبلغ طول لاعب الكرة الشهير محمد صلاح 175 سنتيمترًا. إذا تمدد صلاح على الأرض فهذا بالضبط طول زنزانة يقيم فيها 3 أشخاص بالغين، وإذا أضفت لطوله مترًا؛ فهذا عرض الزنرانة. هذه العلبة لا توجد فيها فتحات تهوية. والكفاح الآن هو إدخال شفاط ومروحة لأصحاب مخطط أسمته وزارة الداخلية "الأمل".
قبل نحو 90 يومًا وزّعت الوزارة بيانًا على مناديب الصحفيين الذين يغطون أخبارها في الصحف القومية و"المستقلة". هذا إعلان عن "خطة"، وهذه الخطة وضعها "إرهابيون". وهذا المخطط الإرهابي أحبطته الوزارة قبل تنفيذه في إحتفالات "30 يونيو" بخمسة أيام.
ضربة استباقية ناجحة بكل المعايير قبل إفساد احتفالات الثلاثين من يونيو. لكن هناك مصادفة تنتمي لعالم الدراما التلفزيونية المبتذل: فهذا المخطط الإرهابي أسمته وزارة الداخلية ومناديبها بـ "الأمل"، ولجرعة إضافية من الدراما وضعت في قائمة المتهمين أسماء معروفة بمواقفها النقدية لجماعة الإخوان، مع رفضهم القاطع للتنكيل بأي صوت سياسي طالما لم يتورط في أعمال عنف.
وكأن هذه الدراما وجرعاتها الزائدة غير كافية؛ وزّعت الوزارة فيديو لاقتحام شركات قالت إنها "إخوانية، ومقاطع لـ "رزم من الأموال" لتمويل المخطط.
لم تمر ساعات، حتى بدأت شخصيات عامة تنشر أن اجتماعات حدثت بالفعل بين أحزاب علنية مرخصة، وبرلمانيين أعضاء في تحالف 25-30، لتشجيع المواطنين على المشاركة السياسية في أي انتخابات مقبلة "تحت مظلة الاعتراف بالنظام القائم". أمر يبدو عاديًا وربما يكون إيجابيًا ولصالح النظام الحاكم نفسه، وتزداد "عاديته" إذا كان 5 على الأقل من المشاركين لا ينتمون تنظيميًا أو حتى فكريًا لجماعة الإخوان. لكن الأمر بالنسبة لوزارة الداخلية لم يكن عاديًا.
شهادات الخارجين من السجون تتحدث دائمًا عن هاجس كبير يطاردهم في الداخل: النسيان.
ربما لهذا السبب قرر أصدقاء لثلاثة من الخمسة مشاركة ذكريات شخصية معهم، لا لمناسبة مرور عدد معين من الأيام على حبسهم، وإنما فقط للقول: نحن لم ننس ذكرياتنا السابقة معكم، وبالتأكيد لن ننساكم وأنتم في هذه الزنازين.
وهذه أيضًا دعوة من المنصة لأصدقاء آخرين في قضية مخطط الأمل لمشاركتنا ذكرياتهم بأن لا أحد ينسى.
هذه المكالمة تلخص علاقتي الممتدة بزياد العليمي لأكثر من ربع قرن، 25 عامًا يمثل فيها العليمي لي مصدر الطاقة المحركة للعمل حتى في أحلك الأوقات، الصديق القادر على إيجاد المخرَج من الأزمة مهما احتدت، البارع في تبسيط الخطاب السياسي واختلافات التوجهات السياسية لغير المختصين والشباب المهتمين بالشأن العام، والأهم أنه كان دائمًا يملك القدرة الفريدة على توحيد الصف رغم الخلاف، وبث روح الصمود والمقاومة والأمل لمواجهة القهر والخذلان.
حين ولد هشام في سبتمبر 1968 كان العالم كله يتابع ما آلت إليه أحداث مايو الفرنسية، وفي مصر كانوا يتابعون نتائج مظاهرات فبراير من العام نفسه عندما هتف طلاب الجامعات للديمقراطية والحرية مطالبين بمحاكمات عادلة للمسؤولين عن هزيمة 1967.
جميعهم، وليسوا وحدهم، بل كذلك أعداؤه وأعداؤهم، أعداء الثورة، إنهم يدركون منذ اللحظة الأولى لتهشيم باب منزله ووضع القيد في معصمه، ثم وهم عليه يلقون عليه أجمل الاتهامات: الأمل، يعلمون أنه من رجاله، يراهنون على وأده داخله، وأوقن أنهم لن يستطيعوا ذلك.