تهديدات تلاها تقديم تنازلات. هذا الوصف الأدق لخطابات الرئيس السوداني، عمر البشير، منذ بداية الاحتجاجات التي تشهدها السودان في 19 ديسمبر/ كانون الأول، وواجهتها قوات الأمن بقمعِِ راح ضحيته 45 قتيلاً.
في البداية دعى البشير، الذي يحكم السودان منذ 29 عامًا، إلى الصبر على تردي الأوضاع الاقتصادية "أسوة بالصحابة"، بعدها هدد المتظاهرين "لو دقت مزيكا الجيش تاني كل فأر يخش جحره"، ثم بدأت التنازلات تتوالى بدعوته البرلمان السوداني تأجيل النظر في التعديلات الدستورية التي كانت ستمكنه من الترشح لفترة رئاسية أخرى في انتخابات عام 2020.
"أنا فهمتكم" على الطريقة التونسية
بعد نزول المتظاهرين في الشوارع في موكب 22 فبراير، أمس، تلبية لدعوة تجمع المهنيين السودانيين، الذي يقود الحراك الثوري السوداني منذ بدايته، جاء خطاب البشير معلنًا فيه فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، وتشكيل حكومة تصريف أعمال جديدة، وتنازله عن رئاسة حزب المؤتمر الوطني.
كذلك دعى البشير البرلمان السوداني إلى تأجيل نظر التعديلات الدستورية التي كانت ستؤهله إلى الترشح لفترة رئاسية أخرى في الانتخابات المقرر أن تشهدها البلاد عام 2020.
فيما يعد تغيرًا متناقضًا في لهجة مخاطبة المحتجين التي بدأت بوصف المتظاهرين بـ"المندسين" مرورًا بـ"الفئران والممولين من الخارج" إلى خطاب يحوي "حوار على ما نختلف عليه".
السودانيون في الشوارع: "فات المعاد.. الشارع بس"
جاءت ردة الفعل على الخطاب رافضة لحالة الطوارئ من خلال فيسبوك وتويتر تحت هاشتاج بعنوان الشارع بس، وكسر حالة الطوارئ وقرارات البشير لاتمثلنا، وخرج المتظاهرون إلى شوارع الخرطوم ليلًا، والذي وصفه أحد السودانيين في تغريدة له على تويتر قائلاً: "تمخض الجبل فولد فأرًا".
https://www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FSdnProAssociation%2Fvideos%2F2357446897638841%2F&show_text=1&width=560
هاشتاجات أخرى تحت هاشتاج واحد
ضمّن المتظاهرون السودانيون الكلمات المفتاحية في هاشتاجهم "مدن السودان تنتفض"، وهو الهاشتاج الرئيسي منذ بدء موجة الاحتجاجات في 19 ديسمبر الماضي. إلا أن العديد من الهاشتاجات الرافضة لفرض حالة الطوارئ في البلاد بدأت تظهر عقب إلقاء البشير لخطابه.
فبحسب موقع سوشيال آليت لتحليل الهاشتاج جاء "كسر حالة الطوارئ" متصدرًا قائمة الوسوم التي غرّد من خلالها عددًا من السودانيين تفاعلاً مع خطاب البشير.
عقب ذلك بيان لتجمع المهنيين السودانيين دعا فيه إلى استمرار الاحتجاجات ورفض خطاب البشير "الشعب السوداني قد حدد تماماً ما يريد، ألا وهو تنحي النظام ورئيسه".
ودعا تجمع المهنيين السودانيين إلى استمرار التظاهرات على مدار الأسبوع رفضًا لحالة الطوارئ وحتى إسقاط النظام الذي وصفوه بالسعي لـ"إضفاء الشرعية بفرضه حالة الطوارئ".
وخلال اليوم الأول لفرض حالة الطوارئ انتشرت في المدارس والجامعات بالسودان حملة تحت عنوان "لا تعليم في وضع أليم" إذ شهدت المدارس والجامعات اعتصامات وإضرابات تطالب برحيل عمر البشير.
https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FSdnProAssociation%2Fposts%2F2577428178950520&width=500وبالعودة إلى مدى انتشار الوسوم المتفاعل معها السودانيين عقب خطاب البشير؛ جاء هاشتاج "الشارع بس" ليعلن استمرار التظاهرات كسرًا لقرار فرض حالة الطوارئ، وهو الوسم الذي احتلت من خلاله السودان نسبة 42.86% من إجمالي عدد التغريدات، و20% للسعودية، يليها الولايات المتحدة بنسبة 8.57%، وأيرلندا بنسبة 5.71%، وأسبانيا ومصر بنسبة 2.86% لكل منهما.
وتزامنًا مع تزايد التظاهرات عقب خطاب البشير دعا بيان تحالف قوى الإجماع الوطني "جماهير الشعب السوداني إلى التمسك بمطالب الثورة"، ودعى لـ"مواصلة التظاهرات ليلاً ونهارًا في المدن والأحياء والميادين حتى سقوط النظام وقيام سلطة انتقالية".
https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fncfasudan%2Fposts%2F2148141205277684&width=500
اقرأ أيضًا: تصدر بس: كيف تتحايل صحافة السودان على الحجب والمنع؟
اقرأ أيضًا: السودان: كيف هددت المظاهرات حكم ثلاثين عاما للبشير؟