قال عبد الرحمن هريدي محامي المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبد المنعم أبو الفتوح، إن موكله يتعرض في محبسه لـ"إكراه بدني ونفسي" بإيداعه زنزانة انفرادية منذ 5 شهور، وهو ما نددت به أسرة رئيس حزب مصر القوية إذ اعتبرت أن ظروف حبسه "أثّرت سلبًا على حالته الصحية"، دونما استجابة من للمطالبة المتكررة بنقله لإحدى المستشفيات.
وقال أحمد أبو الفتوح نجل المرشح الرئاسي السابق، إن الحالة الصحية لوالده قبل السجن كانت "ممتازة"، "ﻷنه كان يواظب على الفحص الطبي الدوري، وممارسة الرياضة كعلاج لانزلاق غضروفي أصابه قبل 5 أعوام".
ألقي القبض على أبو الفتوح في فبراير/ شباط الماضي، ووجهت له اتهامات عديدة على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة عُليا، منها "نشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة بجماعة تأسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، وإعلان شرعية الخروج على الحاكم".
نصف الحق
يقول الابن لـ المنصّة "من الطبيعي أن يؤثر الانفرادي على صحة المحبوس ولو كان شابًا، فما بالنا برجل في عمر والدي يُعاني أمراض الضغط والقلب والسكر، معزول عن العالم، ولا يتمتع بغالبية حقوقه كمحبوس احتياطي، حتى زيارتنا له لا تزيد عن نصف ساعة بلا أي خصوصية، إذ تتم في غرفة ضابط مباحث وبحضور ضابط أمن وطني، قد يؤدي تأخره في الحضور أحيانًا إلى انتظارنا لساعات خارج السجن".
يكفل قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنه 1956 وتعديلاته، عددًا من الحقوق للمحبوسين احتياطيًا، مثل السماح له بتأثيث زنزانة على نفقته الشخصية إذا رغب، وارتداء ملابسه الخاصة.
كان لأسرة أبو الفتوح محاولات متكررة لتأثيث زنزانة، وفقًا لما يحكيه ابنه "من ساعة ما الدكتور اتحبس بنتحايل عليهم علشان ثلاجة صغيرة لحفظ الأدوية، لكن لم يُستجب لطلبنا. طلبنا مروحة، لسه متركبة من أسبوعين.. وشفاط لتهوية الزنزانة، لسه متركب اﻷحد الماضي.. وستارة للحمام اللي مفتوح على الزنزانة، لسه متركبة مؤخرًا. حتى الحمام كان بقاعدة أرضي، لا تناسب وضع والدي الصحي كمريض انزلاق غضروفي".
يُعلّق أبو الفتوح الابن على التجهيز المتأخر للزنزانة بقوله "كلها أمور بسيطة ولا تعد رفاهية، وكان من الممكن أن تؤثث بها الزنزانة منذ اليوم اﻷول لحبسه، حفاظًا على صحته"، مشيرًا لخيار آخر عرضته اﻷسرة على إدارة السجن "أو كانوا يستجيبوا لطلبنا بنقله إلى زنزانة فارغة في المزرعة من المتاحين والمؤثثين".
"تنقطع المياه عن الزنزانة بصورة متكررة"؛ ما يُضطر معه السجين لاستخدام زجاجات المياه في ظل رفض السجن لمطلب اﻷسرة بتوفير خزّان مياه "كالموجود في زنازين أخرى" كما أن إدارة السجن لم تستجب أيضًا لمطلبهم بتوفير ثلاجة لحفظ اﻷدوية "التي تفسد من حرارة الزنازنة سيئة التهوية"، وفقًا لما حكاه ابنه الذي يرى في اﻷمر "تعمّد لحرمانه من 50% على أقل تقدير، من حقوقه كمحبوس احتياطيًا".
يكفل قانون مصلحة السجون، أيضًا، للمحبوس احتياطيًا حق إحضار ما يلزمه من الغذاء من خارج السجن، وذلك في مادته رقم 16.
لكن الابن يقول "ضابط الأمن الوطني يُحدد المسموح بدخوله لأبي من الزيارة، ويمتد هذا اﻷمر حتى للطعام"، مضيفًا "طالبنا باستخراج كارت طبلية، يحصل بموجبه على وجباته من خارج السجن، لكن قوبل طلبنا بالرفض".
وتنص المادتين 30 و31 من القانون نفسه، على تشجيع السجناء على الاطلاع وزيارة مكتبة السجن والانتفاع بها، بل وعلى إحضار كتب على نفقتهم الخاصة، لكن وفقًا للابن، فإن الجرائد ممنوعة عن أبو الفتوح، ومثلها زيارة مكتبة السجن أو حتى الاستعارة منها.
ضد "التعذيب"
أمام ما يتعرض له موكلهما في الحبس الانفرادي، تقدم محاميا أبو الفتوح، أحمد أبو العلا وعبد الرحمن هريدي، في مايو/ أيّار 2018، ببلاغ للنائب العام ضد "وقائع التعذيب الممنهج التي تعرّض حياته للخطر".
يقول المحامي عبد الرحمن هريدي، في تصريحات هاتفية لـ المنصّة، إن موكله "طول فترة التحقيق كان ممتنعًا عن (التجاوب) مع التحقيق، لأسباب كان منها عدم حفاظ النيابة التي هو في عهدتها على حقوقه كمتهم احتياطيًا".
يضيف هريدي "تتعرض حقوق الدكتور للانتهاك، فعلى الرغم من أنه محبوس انفراديًا في سجن المزرعة المعروف بأنه محبس للصفوة مثل الوزاراء السابقين، لكن زنزانة الدكتور بمثابة سجن عقرب صغير، محروم بداخلها من أغلب حقوقه، ما يجعله ونائب رئيس الحزب محمد القصاص، المحبوس في العقرب شديد الحراسة، لتعنت وتعذيب وإكراه نفسي وبدني".
وجهت منظمة العفو الدولية لمصر، في مايو 2018، انتقادات بسبب الحبس الانفرادي، إذ وثّقت في تقرير لها استخدامه بحق أشخاص منذ 2013 وحتى العام الجاري، معتبرة إياه "أحدث وسائل التعذيب في السجون المصرية".
يؤكد محامي أبو الفتوح إن حبسه والقصاص انفراديًا "مُخالف للدستور والقانون وقواعد الحبس الاحتياطي"، موضحًا "فالانفرادي عقوبة للمحبوس أو المسجون لو اتركب جريمة داخل السجن، ويكون بعد تحقيق من النيابة فيها، ولا يتجاوز 30 يومًا، بينما الاثنين قيد الانفرادي منذ اليوم اﻷول لهما في طرة".
سرد ذلك البلاغ الذي يحمل رقم 2557 عرائض النائب العام، عددًا من "جرائم وتجاوزات تُشكّل خطورة على حياة أبو الفتوح"، كان منها "عدم الاستجابة لطلبه بإيداعه مستشفى مُجهّز، ﻷنه يعاني من احتباس في التنفس"، مشيرًا إلى أن هيئة دفاعه علمت بـ"إصابته بذبحة صدرية، تكررت لأربع مرّات"، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن هذا اﻷمر.
"إهمال طبي"
يقول أحمد أبو الفتوح إن والده طالب بإجراء فحص نظر دونما استجابة له حتى الآن"، وبالمثل طالب "ومن قبل أن تسوء حالته الصحية"، بنقله لمستشفى السجن أو لأخرى في الخارج تجنبًا لنوبات احتباس التنَفس أثناء النوم، لكن مطلبهم يقابل بالرفض من قبل المسؤولين في النيابة واﻷمن الوطني.
يُشير الابن إلى أن والده كان يلجأ لجهاز تنفس صناعي أثناء النوم، وهو الجهاز الذي "تعطل داخل الزنزانة، بسبب سوء الوضع بها".
ويقول هريدي إن موكله "تعرض، منذ ما يناهز شهرين تقريبًا، لمضاعفات داخل الزنزانة، سقط على أثرها أرضًا وأصيب بكدمات في وجهة، وحينما دخل لمكتب التحقيقات محمولاً، قرر المحامي العام إصدار أمر بعرضه للفحص الطبي في إحدى المستشفيات، لكن السجن لم يمتثل للقرار".
أضاف هريدي "في البداية كان السبب أنهم لم يتسلموا القرار، ثم بدعوى دراسة القرار، وأخيرًا قرروا أن حالته لا تستدعي، وانتهى الأمر بفحصه ظاهريًا داخل السجن، فيما يُمثّل إجراء ومعاملة غير آدمية بالمرّة".
في يونيو/ حزيران 2018، تقدمت هيئة الدفاع عن أبو الفتوح ببلاغ للنائب العام، يُطالب بإجراء تحقيق في "امتناع إدارة سجن إدارة مزرعة طرة عن تنفيذ قرار المحامي العام لنيابة أمن الدولة إجراء الفحوصات واﻷشعة اللازمة له؛ مما يُعرّض حياته للخطر".
تنص قواعد نيلسون مانديلا على أن الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى والحبس الانفرادي لمدة تزيد على خمسة عشر يومًا وحبس السجين في زنزانة مظلمة أو مضاءة دون انقطاع والعقاب البدني أو خفض كمية الطعام أو مياه الشرب والعقاب الجماعي "من قبيل العقوبات القاسية وغير الإنسانية"، وحظرتها تمامًا.
وفقًا لتلك القواعد يجب على الطبيب أن يجري زيارة يومية للسجناء الخاضعين لعقوبات الحبس الانفرادي أو تخفيض الطعام، بل وأن يشير على المدير بوقف العقوبة أو تغييرها إذا رأى ذلك ضروريًّا لأسباب تتعلق بالصحة الجسدية أو العقلية.
يقول أحمد أبو الفتوح "منذ 3 أسابيع انقطعت زيارة الطبيب عن أبي، على الرغم من أنه يزور السجن بصورة دورية، لكن ﻷن زيارة أبي تتطلب إجراءات وموافقات خاصة، فقد تُعيق الطبيب عن معاودته".
تكررت مطالب أسرة أبو الفتوح لإدارة السجن، وشكاوى محاميه للنيابة، وبادرت هيئة الدفاع قبل تفاقم الأمور إلى تقديم طلب، في فبراير/ شباط 2018، يسرد تلك الانتهاكات ويطالب بندب قاضي تحقيق في القضية، بعيدًا عن "النيابة الاستثنائية" التي يمثل أمامها.
لكن التحقيقات استمرت أمام النيابة، وفقًا للمحامي عبد الرحمن هريدي، "ومن المفترض أنها اكتملت"، لتنتقل القضية إلى غرفة المشورة أمام محكمة الجنايات، والتي أصدرت في أولى الجلسات قرارًا بـ45 يومًا حبس لأبو الفتوح على ذمة هذه القضية.