توفى، أمس الاثنين، الرئيس الأسبق محمد مرسي، عن عمر يناهز 68 عامًا، أثناء حضوره جلسة محاكمته على ذمة القضية رقم 26458 لسنة 2013 جُنح مدينة نصر، والمعروفة إعلاميًا باسم "التخابر".
وأثناء فترة حبسه على ذمة عدد من القضايا، كان مرسي يعاني من أمراض مزمنة مثل الضغط والسكر الذي تعرّض بسببه لغيبوبة أكثر من مرّة وفق محاميه الذي تقدم في يونيو/ حزيران 2017 ببلاغ للنائب العام لتمكين موكله من العلاج، مُتهمًا السلطات المصرية بـ"الإهمال الصحي في حقّه".
وأطلقت جهات حقوقية، من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عام 2018، نداءً للمجتمع الدولي "لإنقاذ حياة مرسي"، والذي نشرت وسائل إعلام دولية تحذير من سوء حالته الصحية التي قد تؤدي إلى وفاته.
ومرسي ليس الوحيد الذي توفى في السجن، إذ سبقه المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، الذي توفى في 22 سبتمبر/ أيلول 2017، أثناء تواجده في مستشفى قصر العيني، حيث نقلته إدارة السجن ليخضع للعلاج، بينما كان قيد الاحتجاز على ذمة عدد من القضايا، وكذلك القيادي فريد إسماعيل الذي مات بسبب جلطة دماغية نقل على إثرها للمستشفى.
وقبيل وفاة عاكف، (89 سنة)، تقدّمت أسرته بالتماس إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية، لنقله إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية في محبسه، وهو ما لقي دعمًا من سياسيين وحقوقيين مستقلين.
الشكاوى مما يتعرض له السجناء فيما يتعلق بالرعاية الصحية، لا تقتصر على السياسيين من جماعة الإخوان المسليمن فقط، إذ تبيّن تقارير إخبارية وحقوقية تعرّض سجناء على ذمة قضايا سياسية وجنائية للحرمان من الرعاية الطبية داخل محبسهم.
عبد المنعم أبو الفتوح
يعدّ عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية والعضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، واحد ممن تتطلب حالتهم الصحية متابعة، وهو حاليًا محبوس على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2018، التي يواجه فيها اتهامات من بينها "نشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون".
وتعرّض أبو الفتوح داخل محبسه، لذبحة صدرية مرتين، خلال أقل من أسبوع في أبريل/ نيسان 2018، وفق ما ذكره ابنه حُذيفة، الذي شكا وأسرته من عدم تمكينهم من تسليمه الطعام والعلاج وموادًا إعاشية.
وكتب حذيفة في وقت سابق أن والده "يعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكر، وكذلك انزلاق غضروفي"، وعلى الرغم من سوء الحالة الصحية، إلاّ أن السلطات لم تستجب لطلب محاميه مالك عدلي بإخلاء سبيله.
وما يزال أبو الفتوح "يتعرض لمشكلات" داخل محبسه، وفق ما ذكره ابنه أحمد في حسابه على فيسبوك، 14 يونيو الجاري، إذ شكا من أنه "ممنوع من تحويله لمستشفى لإجراء الفحوصات والعلاج"، بالإضافة إلى حرمانه من أمور أخرى، بينها وجود ثلاجة في زنزاته الانفرادية ليتمكن من حفظ الدواء والأكل.
محمود الخضيري
بالمثل، كان نائب سابق لرئيس محكمة النقض، وأحد قيادات تيار "استقلال القضاء" محمود الخضيري بين مَن تعرّضوا لمشكلات صحية حين كان يقضى حُكمًا بالسجن 3 سنوات، صدر ضده في القضية المُتَهم فيها بالمشاركة مع قيادات بجماعة الإخوان المسلمين بـ"احتجاز محام وتعذبيه وصعقه بالكهرباء داخل مقر إحدى شركات السياحة بميدان التحرير" خلال ثورة 25 يناير،.
وشكت ابنة الخضيري، عام 2014، من "منع الأدوية لمدة يومين كاملين عن والدها"، مشيرة إلى أن منها "أدوية للضغط ومنظم لضربات القلب؛ ما أدى إلى تدهور حالته الصحية وتم نقله إلى المستشفى للعلاج".
محمد بديع
المرشد العام الجماعة الإخوان محمد بديع، واحد من السجناء الذين تعرضوا لأزمة صحية في السجن، إذ كشف تقرير طبي إصابته بمشكلات في البروستاتا وانزلاق غضروفي، وفق ما ذكرته وسائل إعلامية خاصة وأخرى تابعة للجماعة على حد سواء.
.. وسجناء سابقين أيضًا
وتضم قائمة مَن عانوا مشكلات صحية داخل السجن أيضًا أسماء مثل المصور الصحفي محمود أبو زيد "شوكان" المُفرج عنه مؤخرًا، إذ سبق أن شكا من إصابته بفيروس كبدي داخل الزنزانة، وكذلك أحمد الخطيب الذي أصيب بمرض نادر هو "اللشمانيا الحشوية"، ودعت منظمات حقوقية، كان من بينها المجلس القومي لحقوق الإنسان، السلطات لإخضاعه للعلاج.
في وقت سابق، لجأ سجناء للاحتجاج في سبيل الحصول على الرعاية الطبية، إذ أعلن الصحفي هشام جعفر في أغسطس/ آب 2016، وقت أن كان سجينًا، إضرابه عن الطعام احتجاجًا على "الحرمان من العلاج ومنع دخول الأدوية له في مستشفى قصر العيني، وتهديده وآخرين بينهم المستشار الخضيري بإعادتهم لسجن العقرب قبل شفائهم أو اجراء العملية الجراحية التي يحتاجها".
حق مكفول
أكد المحامي طارق خاطر، في تصريحات سابقة للمنصّة، أن مصر ليست بحاجة لاتفاقيات دولية كي تلتزم بعلاج المرضى، إذ أنه حقّ تقرّه لائحة السجون المصرية ومن قبلها الدستور، والقوانين التي أيضًا "تُلزم السلطات بإخلاء سبيل المُتهم، في حالة كان مرضه يهدد حياته أو زملائه".
لكن خاطر لخَّص ما يحدث من ممارسات في كونها "أزمة لا تتمثل في القانون، بل في تطبيقه وانتهاك حق السجين".
وينص قانون تنظيم السجون، وفقًا لآخر تعديلاته، في المادة 33 مكرر على أن "تلتزم المنشآت الطبية الحكومية والجامعية بعلاج المسجونين المحالين إليها من السجون لعلاجهم".
مصاعب التطبيق
وعلى الرغم من التشريعات، كشف تقرير سابق مشترك بين مركز النديم والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن "الصعوبة الشديدة التي يواجهها المرضى من السجناء في حال احتياجهم إلى العلاج داخل السجن".
ورصد التقرير وعنوانه "يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم: الإهمال الطبي في السجون جريمة"، ما وصفه بـ"تدنّي مستوى الخدمات الطبية داخل السجن، وغياب آليات المراقبة والمتابعة لأداء أطباء السجن، والنقص الحاد في أنواع كثيرة من الأدوية الضرورية داخل مستشفى وعيادة السجن".
وأضاف التقرير أنه وفقًا لما حصل عليه المركز من شهادات فإنه "في حالة احتياج السجناء إلى الحصول على علاج طبي في مستشفى خارجي لا يتوفر في مستشفى السجن، تقوم مصلحة السجون وإدارة الترحيلات وإدارة السجن نفسه بالتنسيق معًا حتى يتم نقل السجين للعلاج، وهو اﻷمر الصعب الذي ينعكس سلبًا على حالة المريض".
ورصد التقرير "مدى صعوبة الملاحقة القانونية لمرتكبي الإهمال الطبي داخل السجون، حيث أنه غير مسموح للسجين المريض ولا لمحاميه بالاطلاع على ملفه الطبي، بالإضافة إلى صعوبة إثبات أسباب الوفاة أو تعرض السجين لأي انتهاك".