اقتربت أحداث العنف الطائفي التي شهدتها قرية بني منين بمحافظة بني سويف من إتمام شهرها اﻷول، وما يزال المبنى الكنسي الذي وقعت الأحداث في محيطه مُعطلاً عن إقامة الشعائر لدواعٍِ أمنية، في وقت ما يزال 20 متهمًا- بالتساوي بين الجانبين المسيحي والمسلم- رهن الحبس على ذمة قضيتين ترتبتا على اﻷحداث.
وشهدت محكمة جنح الفشن ببني سويف، أمس الثلاثاء، انعقاد أول جلسة موضوعية لنظر القضية رقم 8048 لسنة 2018 جنح الفشن، والمعروفة إعلاميًا بـ"فتنة بني منين"، وانتهت إلى قرار بالتأجيل لجلسة 22 مايو/ أيار الجاري، بينما قررت إحالة القضية الثانية، والتي تحمل رقم 142 لسنة 2018 جنح أمن دولة طوارئ، إلى المحكمة المُختصة يوم الأحد المقبل.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، المحامي ثروت ويليام، إن القضيتين يحاكم فيهما 45 متهمًا من الطرفين، بين 19 مسيحي و26 مسلم، والمحبوس منهم فقط 20 متهمًا، مُناصفة بين المسلمين والمسيحيين الذين من بين محبوسيهم طفل.
وأوضح ويليام لـ المنصّة، فيما يخص القضية اﻷولى، أن قرار التأجيل كان "لإعلان الغائبين باعتبار الحكم الذي سيصدر حضوريًا"، موضحًا أن أبرز الاتهامات المحال بها متهمي هذه القضية للمحاكمة هي "إحداث أعمال من شأنها التمييز بين اﻷفراد على أساس الدين"، والمنصوص عليها في المادة 161 مُكرر من قانون العقوبات.
وأضاف عضو هيئة الدفاع، وهو أيضًا محامي إيبارشية ببا والفشن وسمسطا، أن 3 متهمين مسيحيين في هذه القضية يواجهون اتهام آخر بـ"إنشاء مباني بدون ترخيص، بالمخالفة للمواد 38 و39 و40 من القانون 119 لسنة 2008 (البناء الموحّد)، والمواد 48 و50 و68 من القانون 143 لسنة 1994".
وحصلت المنصّة، في وقت سابق، على مستندات تُفيد بأن المبنى الكنسي الذي دار حوله الصراع، مملوك لإيبارشية ببا والفشن وسمسطا منذ عام 2010.
وقال ويليام، فيما يتعلق بالقضية الثانية، رقم 142 لسنة 2018 جنح أمن دولة طوارئ، إن التُهم الموجهة لهم فيها هي "التجمهر، والبلطجة، وحيازة أسلحة بدون ترخيص"، وتقرر أمس إحالتها للنظر يوم اﻷحد المقبل أمام الدائرة الأولى بالمحكمة المختصة.
وكان من بين ما حصلت المنصّة عليه من وثائق تتعلق بمبنى بني منين، قائمة قدمتها إيبارشية ببا والفشن وسمسطا إلى اللجنة الحكومية المختصة بتوفيق أوضاع الكنائس، وورد فيها اسم المبنى الكنسي محل النزاع، والذي أفاد عدد من مسيحيي القرية باعتيادهم إقامة الصلاة فيه منذ سنوات بصورة متقطعة، إلى أن صارت بصورة منتظمة منذ 6 شهور فقط.
وعززت السلطات اﻷمنية من تواجدها في القرية، لاسيما مُحيط المبنى الكنسي الذي لم تقام فيه الصلوات منذ اندلاع أحداث العٌنف وحتى هذه اللحظة، إذ رفض اﻷمن طلب الأهالي باستئناف إقامة الشعائر فيه، وفقًا لما ذكره للمنصّة الأب مرقس عزيز، راعي كنيسة مامرقس والسيدة العذراء.
وانتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في تقرير صادر عنها نهاية أبريل/ نيسان الماضي، بغلق 14 كنيسة، قدمت طلبات رسمية إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس، "بالمخالفة لقانون بناء الكنائس الذي نصَّ على استمرار الصلاة في الكنائس القائمة قبل صدور القانون، حتى لو لم تنطبق عليها شروط توفيق الأوضاع الواردة في القانون وفي قرار رئيس الوزراء الخاص بتشكيل اللجنة المعنية بذلك".
وأوضح عزيز أن منع الصلاة في مبنى القرية، وهو الكنسي الوحيد فيها، يُضطر مسيحيي القرية للتوجه للصلاة في أقرب كنيسة لهم، وهي مارمرقس بعزبة محمد عبد الكريم، والتي قال إنها تبعد نحو 2 كيلومتر عن بني منين، وإن كان ما يعانونه من ارتباك بعد القبض على ذويهم يحول بينهم الآن وبين رحلات الصلاة، على حد قوله.
وساءت الأوضاع المعيشية لأسر المحبوسين على ذمة القضيتين، في ظل عدم وجود مورد رزق لأسرهم يسد غياب عائلي اﻷسر، فضلاً عن قعود بعض العائلين الآخرين غير المحبوسين عن العمل بسبب ما سببته اﻷحداث من ارتباك، حسبما قال واحد منهم للمنصّة.
وقال المواطن، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "الناس حالها واقف ومش عارفين نشتغل، والفلوس اللى معانا خلصت، ومش عارفين هنجيب أكل للناس المحبوسين منين؟ وبنحاول نوفّر في المصاريف علشان نجيب أكل للمحبوسين".