أحمد مكاوي، فيسبوك
الزميل الراحل أحمد مكاوي، 2021

وداعًا مكاوي

منشور الثلاثاء 14 تشرين الأول/أكتوبر 2025

بالكَثيرِ من الحُزنِ الغامرِ والقَليلِ من الاستيعاب، تَنْعى المنصَّة الزميلَ أحمد مكاوي الَّذي انضمَّ لفريقِها مُستَشارًا للأمانِ الرقميِّ عام 2022، وقبلَها عرفْنَاه لسنواتٍ طويلةٍ -بالإضافة لخبرته في الأمان الرقمي- ناشطًا في مجالاتِ الحقوقِ الرقميّةِ والبرمجيّاتِ الحُرَّةِ/مفتوحةِ المصْدَر.

كمْ نفتقدُك يا صديقَنا الهادئَ ذا الحضورِ الخفيفِ المُحَبَّب. كم يؤلمُنا أن تحياتِك ووجهَك وابتسامَاتِك باعثةَ الثقةِ والتفاؤلِ تغيبُ عنَّا، وأنَّا لن نحظى من جديد بالطمأنينة والوُدِّ، ولن نسمعَ صوتَك وأنت تعرضُ المساعدةَ قبل أن نطلبَها والسؤالَ عما نحتاجُه تقنيًّا وإنسانيًّا.

في بداياتِه، عُرِفَ مكاوي، الشَّابُّ المُنْطوي رغم تَشعّبِ علاقاتِه وجاذبيةِ محبَّته ودَمَاثَتِه، باسم لينُكساوي/linuxawy، في إشارةٍ جليةٍ لما حَظِيَ به نشْرُ المعرفةِ بالبرمجياتِ المفتوحةِ، والتحرر من سطوةِ شركات التكنولوجيا الكبرى، من مكانةٍ مركزيةٍ بالنسبة له.

لم يكنْ فقطْ ناشطًا ضمن مجموعاتِ EGLUG وفعالياتِ تحميل لينكس على كمبيوترات الشباب مجانًا في سنوات ما قبل ثورة يناير، إنما ساهم أيضًا إيمانًا منه باللامركزية في تأسيس مجموعات ويكيمانيا/Wikimania في مدينته الحبيبة، الإسكندرية، حيث تطوَّع وجنَّدَ العديدَ من المتطوعين لدعم المحتوى العربي على ويكيبيديا، بالإضافةِ إلى دعمِ مجموعاتِ لينُكس في المحافظات الأخرى.

نَشِطَ مكاوي (9 يونيو 1980 - 13 أكتوبر 2025) ضمن مجتمع التقنيين العرب/Arab Techies منذ عام 2008، وامتد دعمُه وعلاقاتُه لمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي.

إلى جانبِ أنشطتِه المتعددةِ وإسهاماتِه الطوعيّةِ في تدريبِ وتأمينِ العديدِ من الأفرادِ والمؤسسات رقميًا، كان للينكساوي شركتُه الخاصةُ Spirula التي قدَّم من خلالها خدماتِ الهندسةِ السحابيةِ وتكنولوجيا المعلومات والتخطيط الاستراتيجي.

بشهادات زملائه، فإن مكاوي واحد من أبرز التقنيين، ليس في مصر فقط إنما في المنطقة بكاملها، وقدم مساهمات مهمة وفارقة في العديد من المشروعات الوطنية، من بينها مشاركته في تطوير أول موقع للجنة العليا للانتخابات وموقع الجمعية الوطنية للتغيير؛ كما ساهم في تدشين وتطوير مواقع صحفية بارزة منها موقع جريدة الأخبار، وساسة بوست، وموقع المصري اليوم، وموقع النادي الأهلي وغيرها.

لطالما أحبَّ مكاوي البحر، فلم يكنْ مُستغربًا أن يقصدَه في أكتوبر، لكنَّ ما لم نتوقْعهُ أن تكونَ تلك رحلتَه الأخيرةَ، وما يعزِّينا أنه فَرِحَ قُبيل رحيله بوقْفِ الحَرب في غزةَ، وبالإفراجِ عن رفيقِ دربِه علاء عبد الفتاح، وهما مأساتان كانتا تُثقلان قلبَه كثيرًا.

"أسْعَى إلى التَّعاونِ مع جهاتٍ تستغِلُّ مَهاراتِي التِّقْنيةِ وغيرَ التِّقنيةِ لدَعْمِ الوصولِ المجَّانِيِّ إلى الإنترنت والبرمجيات وجميعِ المعارفِ بما يَخْدِمُ المَصْلَحةَ العامةَ"؛ هكذا أعلنَ في سيرته الذاتية، وهكذا عاش.

العزاءُ لنا، ولرفاقه، وللمجتمع الحقوقي والتقني المصري والعربي.

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.