في هذا المقال النادر، غير المترجم إلى العربية من قبل، الذي كتبه المفكر الفلسطيني الأمريكي الراحل إدوارد سعيد لمجلة "فيلاج فويس" بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الثاني 1983، يبدو وكأنه يكتب عما يحدث اليوم من سلب وتهجير وقتل للفلسطينيين، ودعم أمريكي غير مشروط لإسرائيل، وأوروبا تقف في منتصف الطريق، وعالم يرى ويتعاطف لكنه لا يستطيع فعل الكثير.
المقال هو تحليل لفيلم .Hanna K للمخرج اليوناني كوستا جافراس، الحاصل على الأوسكار وصاحب الأفلام السياسية المهمة مثل "تحت الحصار" و"زد" و"مفقود". و"هانا ك" واحد من أوائل وأهم الأفلام الروائية العالمية التي صُنعت عن القضية الفلسطينية. وتعرض الفيلم في زمنه لحملة ضارية من اللوبي الصهيوني في أمريكا، ورُفع من دور العرض بعد أيام من صدوره، بل وقامت الشركة الموزعة له بمنع مخرجه من نشر إعلان مدفوع الأجر في الصحف على نفقته الخاصة.
هذا مقال تاريخي عن فيلم تاريخي، ربما يستحق الثاني أن يُشاهد، ويستحق الأول أن يُقرأ، الآن، أكثر من أي وقت مضى.
.Hanna K*، أحدث أفلام كوستا جافراس، هو معالجة أصيلة للصراع العربي الإسرائيلي لا ينقصها تناول العمق التاريخي والتعقيد الأيديولوجي للصراع، أو مراعاة حساسية جمهوره، في تصوري. وسواء كإنجاز سياسي أو سينمائي، فإن .Hanna K يحمل بيانًا ذا دلالة عظيمة، وباقية، في اعتقادي. إن قوة رسالته السياسية تغطي على مشكلاته الجمالية، التي ستكون بالتأكيد أكثر عرضة للانتقادات المتربصة من أعماله السابقة.
يتميز كوستا جافراس، كصانع أفلام قوية جيدة الصنع حول عدد من القضايا السياسية الملحة، بتحقيق قدر كبير من النجاح الجماهيري. ورغم أن لا أحد غيره وضع لنفسه المهمة الشاقة نسبيًا، وغير المريحة غالبًا، المتمثلة في تعرية أوجه الطغيان حول العالم في سلسلة من الأفلام القوية المتلاحقة، فإن هذه الأفلام استطاعت مخاطبة عدد كبير من الأمريكيين الذين اكتشفوا أنهم لا يعلمون الكثير عن جنرالات اليونان العسكريين، أو أنظمة أمريكا اللاتينية الديكتاتورية، أو أنظمة الكتلة السوفيتية.
وتتجلى موهبة جافراس في قدرته على استثارة غضب المشاهد على مظاهر الظلم، ومهارته التقنية في جعل الفيلم يتدفق كمحرك طاقة هائل، بالإضافة إلى موهبته في أنسنة، وربما بث الحياة في، القضايا السياسية التي تبدو أنها لم تعد محل اهتمام. هذه بعض خصائص الأسلوب الذي طوره وأتقنه جافراس على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية.
إذا كان كوستا جافراس صَدم مشاعر جمهوره في فيلم "مفقود" باتهام الولايات المتحدة بالتواطؤ في انقلاب تشيلي 1973، فإن .Hanna K كما يمكن أن نرى بمجرد النظر إلى قصته، هو مغامرة أكثر طموحًا، ومخاطرة سياسية.
هانا كاوفمان (جيل كليبورج) يهودية أمريكية مهاجرة إلى إسرائيل، ابنة أسرة ناجين من الهولوكوست. وهي شخصية مشاكسة، عنيدة وذكية، تعمل محامية، وتعينها المحكمة للدفاع عن فلسطيني، اسمه سليم بكري، متهم بالإرهاب والتسلل إلى البلاد بشكل غير شرعي، تقوم حجته على الزعم بأنه كان يحاول استعادة بيت عائلته الذي استولى عليه إسرائيليون.
تنجح هانا في إنقاذه من السجن، ولكن يُرحَّل إلى الأردن. في الوقت نفسه تحتل حياة هانا الشخصية، التي لا تندمج داخل الفيلم بشكل جيد أبدًا، صدارة المشهد. علاقتها بالمدعي العام للمقاطعة يوشع هيرتسوج، ويؤدي دوره ببراعة الممثل الأيرلندي جابريل بيرن، ليس لها مستقبل، رغم أنها على وشك أن تنجب طفلًا منه.
وهي منفصلة عن زوجها الفرنسي، فيكتور، وإن كانت لم تزل مرتبطة به، رغم أنها دخلت في عدة علاقات منذ انفصالهما. يعود سالم من جديد، ومن داخل سجنه يطلب منها أن تكون محاميته. وهو متهم بالهجرة غير الشرعية للبلاد. تتردد في البداية، لكنها تبدأ في التحقق من قصته وتكتشف أن منزل عائلته لم يزل باقيًا، ولكنه تحول إلى مزار سياحي في "كفر ريمون"، وهي مستوطنة بناها ويعيش فيها يهود روس.
أما قرية سالم، كفر رمانة، فقد اختفت من الوجود باستثناء بعض الأحجار والأشجار التي يشير إليها رجل فلسطيني عجوز.
تصل القضية إلى نهايتها عندما يقترح المدعون على هانا صفقة بشأن سليم: تنازلي عن الدعوى وسوف نوفر له الحصول على جنسية بلد آخر، جنوب إفريقيا، ومن ثم يمكنه العودة للسعي إلى استرداد ممتلكاته. يُقدَّم هذا العرض خلال المشهد المحوري في الفيلم، حيث تضطر هانا إلى مواجهة حقيقة أن تراث الهولوكوست قد أدى إلى انتزاع ملكية شعب آخر.
والحجة التي تقدَّم هي أنه يجب الدفاع عن إسرائيل، حتى لو أن ذلك يعني إنكار حقوق الفلسطينيين. تخسر هانا قضيتها، وتنجب طفلها، وتواصل حياتها المفككة غير المتحققة. وأثناء حفل ختان طفلها ديفيد، يخبرها صديقها أمنون، طبيب السجن، بأن سليم أضرب عن الطعام في السجن، وأنه يطلب رؤيتها من جديد.
يتم الإفراج عن سليم، الذي يوشك على الموت، ليصبح تحت وصايتها. تنتاب يوشع الغيرة والشكوك بشأن الاثنين، فيما تقوم هانا بتغذية سليم ورعايته. وبدوره فإن سليم، "جليس الأطفال الإرهابي"، كما يصفه يوشع، يرعى الطفل ويسميه عمر، رغم أن هانا تظل غير متأكدة من نيات سليم السياسية الغامضة، خاصة خروجاته الغريبة، وصمته البارد دومًا.
تقوم هانا بتتبع سليم، وهو يزور أحد مخيمات اللاجئين حيث قضى طفولته مع عائلته. وعند هذه النقطة تفهم محنته الإنسانية والسياسية، وتنمو بينهما علاقة حب. ينتهي الفيلم بقيام يوشع باتهام سليم بارتكاب عملية تفجير في كفر ريمون، ما يدفع سليم إلى الفرار من المنزل. وتصل قوة مسلحة من رجال الشرطة إلى المنزل لتجد في انتظارها هانا المصدومة الصامتة.
لا يوجد تلخيص يمكن أن يصف القوة الكامنة في الكثير من مشاهد الفيلم، تفاصيله الصغيرة، ودقته السياسية المدمرة. ولكن يجب أن أستطرد هنا، بأنني شاهدت الفيلم كشخص منخرط في هذا الموضوع، دون أن يمنعني ذلك من ملاحظة سطحية السيناريو في بعض الأحيان، وأداء كليبورج المتفاوت الجودة، التي أعتقد أنها اختيار غير مناسب لهذا الدور.
لا يبدو أن كوستا جافراس فاته الكثير مما هو جوهري، بما في ذلك قوة إسرائيل العسكرية والاجتماعية الحقيقية، وحقيقة أن مثل هذا الفيلم يمكن صنعه "هناك"، وليس مثلًا في أي بلد عربي، وحقيقة أن هؤلاء الإسرائيليين من نوعية هانا، وأمنون، وحتى يوشع المتصلب، هم الذين سيلعبون في نهاية المطاف الأدوار المحورية في أي تصالح بين العرب واليهود.
لا يوجد في الفيلم شخص يتحدث كبوق للحكومة أو المؤسسات السياسية، بل على العكس، تُبنى المواقف على دوافع إنسانية ووجودية، بناء على التجربة الحياتية، وليس على المبادئ الأيديولوجية والبلاغية. سليم يريد استعادة بيته، لا قرار من الأمم المتحدة، ولا تنفيذ الميثاق الوطني الفلسطيني.
وهانا ليست مرسومة على نموذج، وهي لا تشبه فيليسيا لانجر أو ليا تسيميل المحاميتين الإسرائيليتين اللتين اشتهرتا على مستوى العالم بدفاعهما عن الفلسطينيين في المحاكم الإسرائيلية: إنها غير منظمة، وحياتها الشخصية منتهكة بفعل علاقاتها العاطفية المتعددة غير المحسومة، ومواقفها السياسية اندفاعية وغير مكتملة التشكل لكي تصبح مثل المثلين المذكورين، اللتين تنتميان للأحزاب اليسارية المنظمة وتتصرفان وفقًا لضرورات أكثر صلابة.
مع ذلك، تظل الحقائق الجارية تتدفق تحت السطح بقوة كافية. المشهد الافتتاحي، الذي يكتشف فيه سليم المختبئ داخل بئر مياه، يقول جندي إسرائيلي "لعله تبول داخله" في إشارة إلى أن مياه القرويين العرب قد تكون ملوثة، ويجيبه زميله "إنهم معتادون على ذلك"، وينتهي المشهد بنساء وأطفال يجرّون بعض محتويات منزلهم قبل أن يخرج منه جندي يجرُّ سلكًا من داخل المنزل ينتهي بأداة تفجير، عندما يضغطها، ينفجر.
يتطلع الفلاحون الذين استخدم سالم وأربعة متسللون آخرون بيتهم للاختباء، نحو الدمار الذي لحق بعالمهم، يتطلعون بالمعاناة الصامتة والمقاومة المضمرة، لشعب يتعرض للقمع الظالم سوف يواصل الحياة رغم كل الصعوبات الفائقة.
يقوم بدور سليم بكري الممثل محمد بكري، وهو عضو فلسطيني بفرقة مسرحية إسرائيلية. يبرع سواء في التحدث بنبرة صادقة، أو بحضوره الهادئ والناري في الوقت نفسه، مثل روايته. نعلم أن سليم طُرد من كفر رمانة مع عائلته، وعاش في الضفة الغربية لاجئًا في أحد المخيمات، ثم في مخيم آخر في بيروت حيث قُتلت أمه في إحدى الهجمات الصاروخية الإسرائيلية.
هذا الترحيل القسري من مكان لآخر يقول عنه يوشع، بوجه بريء، إن الهدف منه كان حماية الفلسطينيين من وطيس المعارك، وهو ما ترد عليه هانا بسخرية من أن هذه الحماية أدت إلى مذابح قتلت كل أسرة سليم فيما عداه. في المحكمة يثير حضور سليم ملاحظة بأنه لم يملك أبدًا جواز سفر، وليس مواطنًا في أي دولة، فربما لا يكون موجودًا على الإطلاق.
من جانبه خاض حياة المنفى المتنقلة والمتشبثة، وبطريقة غير مباشرة على الإطلاق يسمح لنا كوستا جافراس، للمرة الأولى حرفيًا في فيلم روائي أمريكي أو أوروبي، أن نشهد الأزمة الفلسطينية كتاريخ إنساني قابل للحكي. وهذا، في ظني، ما سوف يجعل الكثيرين يديرون ظهورهم للفيلم.
ولكن، كما قلت، فإن تفاصيل الفيلم المحلية مؤثرة بشكل عميق. هناك صف طويل خارج سجن إسرائيلي يتشكل بالكامل من العرب، ولكن هانا وصديقها لا يحتاجان إلى الانتظار، ويدخلان على الفور. سليم إما أن يظهر كمحتجز، أو كشخص تحت حراسة هانا.
الفلسطينيون يسيرون، أو يُدفعون دائمًا، وباستثناء مشهد أو اثنين، فهم لا يتحدثون. الجنود في كل مكان؛ على الشاطئ، في الطرقات، على مداخل المساجد في المدينة القديمة. يقول فيكتور "شالوم" بسخرية غير مقصودة لأحد الجنود، هناك "إرهابيون" داخل رأسه، بينما يعتبر إخضاع الفلسطينيين غير المسلحين تفصيلة ثانوية غير مهمة.
كل هذه الأشياء التي يضعها أمامنا كوستا جافراس لا تهدف فحسب إلى إظهار الانتهاكات غير الإنسانية التي تحدث في "الأراضي المقدسة"، لكن أيضًا لإظهار المحنة الأخلاقية المتمثلة في معنى أن ينكر شعب حق آخر في أرض يملك كل منهما حججًا قومية تخصه، إلا أن أحدهما فقط حظي بذلك الحق.
هذا إنجاز هائل إذا فكرنا في أن الثقافة العامة، في الحقيقة، تقبل فكرة أنه حيثما توجد قضية فلسطينية أو فلسطيني، فإن أيًّا منهما لا يتمتع بقيمة إنسانية. وعلى العكس فإن الإسرائيليين منفتحون، ديموقراطيون، رواد، إلخ... رغم كل شيء يفعلونه: ومع الوضع في الاعتبار وجود استثمارات أمريكية على نطاق واسع في إسرائيل، وروابط طبيعية بين اليهود الأمريكيين والإسرائيليين، وجهاز العلاقات العامة ومؤسسات الضغط القوية الإسرائيلية، فإن معظم الأمريكيين، نتيجة لذلك، يمكنهم التماهي مع الإسرائيليين شعبًا، ومع الإسرائيلي الفرد إنسانًا.
هذه النظرة لـ"الآخر" أمر مطلوب وجيد في حد ذاته بالطبع، ولكن كما هو الحال في كل السياسات الثقافية المفروضة، فإن هناك شيئًا آخر يُقمع بالتزامن. وفي هذه الحالة، فهو الفلسطيني الذي لم يظهر أبدًا إنسانًا مكتملًا صاحب هوية سياسية، جزئيًا بسبب "الإرهاب"، الذي سمح حرفيًا للإسرائيليين بالإفلات من القتل الذي يرتكبونه بدرجة لا تتناسب بالمرة مع العنف الفلسطيني، دون أن يترك أثرًا عميقًا بعدم الارتياح في كثير من الإسرائيليين، أما الأمريكيون المؤيدون لإسرائيل فليست لديهم فكرة عما يحدث غالبًا، وجزئيًا بسبب أن الثقافة الفلسطينية نفسها غير غربية، إسلامية بشكل واسع، وعصية على الفهم.
بالإضافة لذلك، وبسبب الخوف من الظهور بمظهر المنتقدين لإسرائيل، فإن معظم الناشرين والمسؤولين في وسائل الإعلام يتحاشون الموضوعات الفلسطينية حتى عندما يتعلق الأمر، مثلًا، بترجمة الأدب الفلسطيني، أو إقامة معارض للفن الفلسطيني، أو نشر صور للفلسطينيين وهلم جرا.
كمؤشر صغير على ذلك، فإن رواية المتشائل لإميل حبيبي، وهي بكل المقاييس واحدة من الأعمال السردية الأساسية التي أنتجها الخيال الساخر في عصرنا، ترجمتها ووزعتها دار نشر صغيرة، ولم يُكتب عنها على الإطلاق، ولم يدر بوجودها أحد.
محمود درويش، وهو واحد من أعظم الشعراء الأحياء، لم يترجم له إلى الإنجليزية سوى بعض القصائد المتفرقة. وينطبق الأمر نفسه على كثير من الكتاب والفنانين وصناع الأفلام، الذين يعانون ألم التجاهل في صمت وغياب عن المشهد.
النقطة هي أن الفلسطينيين، باستثناءات نادرة، لا يستطيعون تمثيل أنفسهم، ويتعين عليهم أن يمثلوا من خلال "الآخر"، وعادة من خلال وجهات نظر سلبية.
إن سوق الأفلام الغربية التجارية هي أرض غير مأهولة عندما يتعلق الأمر بالعرب بشكل عام، والفلسطينيين بشكل خاص. والاستثناء الوحيد هو بالطبع فيلم معركة الجزائر.
في الوقت نفسه هناك إما الإسرائيلي المؤسطر، كما في أفلام "الخروج"، "افرد ظلًا عملاقًا"، وكل الأفلام المأخوذة عن العهد القديم، أو هناك كل هؤلاء العرب الذين في أفلام مثل "لص بغداد" و"الشيخ" و"لورانس العرب"، وحتى الإرهابيين في "الأحد الأسود"، وهي أعمال تساهم في نزع أنسنة تعادل على المستوى السياسي عمليات السلب والقمع المستمرة للفلسطينيين.
حتى فيلم "فتاة الإيقاع الصغيرة" المقتبس عن رواية جون لو كار، الذي يحاول عرض محنة الفلسطينيين بقدر من التعاطف، ولذلك هاجمه اللوبي الإسرائيلي، فهو يقدم الفلسطيني من خلال عيون إسرائيلية كإرهابي، وصُور أيضًا في إسرائيل.
في مثل هذا الجو الكئيب، الذي يمكن أن نضيف عليه أخبار قنوات التليفزيون العامة التي تصور "المسلمين المسلحين" ضد قوات المارينز في لبنان، والسياسة القومية التي برأت نفسها من أي مسؤولية، سواء عن المذابح في صبرا وشاتيلا أو عن استعمار الضفة الغربية، تقوم حملة رئاسية أقصى وعودها المتوقعة والمبتذلة هو الدعم غير المشروط لإسرائيل، فإن .Hanna K لكوستا جافراس يبدو شعاع نور ساطعًا. فيلم لا يمكن أن يصنعه سوى أوروبي، حيث الرأي العام حول الفلسطينيين أقرب للنظرة العالمية منه إلى النظرة لـ(مأساة السكان الأصليين في كل من) الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا.
سليم بكري، فلسطيني الفيلم، هو فلسطيني لديه من القوة ما يرفع مستوى الفيلم من قصة حب كئيبة وتافهة إلى مرافعة سياسية. وهو مثل شخصية بارتلبي في رواية ميلفل، يبدو أنه يقول "اقتلني إذا استطعت، ولكنني بالتأكيد لن أفضل أن أرحل".
لا، سالم ليس ككل الفلسطينيين، إنه ليس مقاتلًا مسلحًا، وهو ليس قوى التاريخ. هو مجرد فلسطيني دافعه الأساسي هو منزله، وحياته، وقَدَره. أما أن كوستا جافراس بنى فيلمه على هذه الهموم، في مثل هذه الظروف الفنية والسياسية الاجتماعية، فهذا نوع من التضامن الإنساني والسياسي شديد الشجاعة. ولكن لكي يحقق .Hanna K مهمته، فهو يحتاج إلى أن يفتح مناقشات ومناظرات. ولكن، للأسف، فهذا شيء لن يسمح به للجمهور الذي لن تتاح له الفرصة لمشاهدة الفيلم، لأسباب سياسية، إما برفعه من دور العرض بسرعة، أو بعدم عرضه على نطاق واسع.
* إدوارد سعيد، Village Voice، العدد 41، 11 أكتوبر 1983، ترجمة: عصام زكريا