بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدة أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية،
أصحاب الفخامة، رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة رؤساء الوفود،
أود في البداية أن أعرب عن امتناني لدعوة مصر من قبل الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، للمشاركة في هذا الحدث الخاص الذي يبرز الأولوية التي تعطيها ألمانيا للقارة الإفريقية.
كما أود أن أشيد بالدور الذي تضطلع به ألمانيا في تعزيز جهود إنعاش الاقتصاد العالمي والتحفيز المالي والاصلاح الهيكلي في هذه المرحلة الفارقة، التي يتعاظم فيها العديد من التحديات بشكل غير مسبوق. ومع استمرار الصراعات المشتعلة في كثير من أنحاء العالم، وتفشي ظاهرة الفكر المتطرف وتنامي الإرهاب.
اقرأ أيضًا: نص كلمة السيسي احتفالًا بذكرى العاشر من رمضان 6/6/2017
السيدات والسادة،
لقد تزايدت الحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، لتعزيز الجهد الدولي من أجل رفع كفاءة هياكل الحوكمة الاقتصادية العالمية وتحفيز النمو الاقتصادي، واستحداث الآليات وإيجاد المصادر الجديدة لدفع الاقتصاد العالمي لدائرة جديدة من التنمية والرخاء.
وذلك من خلال توفير بيئة اقتصادية دولية أكثر عدالة، وإدخال الإصلاحات اللازمة للنظام التجاري متعدد الأطراف، وتعزيز دور الدول النامية في المؤسسات المالية الدولية.
لهذا، فقد حرصت مصر خلال مشاركتها كضيف شرف اجتماعات مجموعة العشرين، في عام 2016، على أن تطرح رؤى وطموحات الدول النامية، التي تتأثر بدرجات متفاوتة بالسياسات والإجراءات النابعة من مناقشات مجموعة دول العشرين.
في حين أن تلك الدول النامية بعيدة عن نطاق صياغة تلك السياسات، وهو ما يحتم أهمية التوصل إلى آلية سلسة وفعالة، لنقل تجارب ومخرجات مجموعة العشرين إلى الدول المهتمة بالاستفادة منها.
في هذا الاطار، نعول على المبادرة التي أطلقتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للتعاون مع إفريقيا، والتي تقوم على خلق الشراكات مع المؤسسات الدولية، بهدف خلق مناخ موات لجذب الااستثمارات لإفريقيا بشكل مستدام، لتحفيز نمو الاقتصاد بها، وتوفير فرص اللائق، ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق آمال الشعوب في إيجاد سبل العيش الكريم، ويحد من تداعيات المشاكل التي تعاني منها القارة.
لهذا تتطلع مصر بأن تمثل المبادرة المقترحة قيمة مضافة، تحقق ما سبق أن تضمنته مبادرة مجموعة العشرين بشأن دعم التصنيع في إفريقيا والدول الأقل نموًا. وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في الدول الإفريقية. وستسعى مصر لأن تكون مساهمتها في المبادرة مساهمة بناءة تعمل على إنجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها، خاصة في ضوء ما تتمتع به مصر من روابط تاريخية وعلاقات قوية مع الدول الإفريقية. وحثها على المساهمة في دفع عملية التنمية في القارة بأكملها.
اقرأ أيضًا: نص تعليق السيسي على محتوى الدراما المصرية 7/6/2017
السيدات والسادة،
اسمحوا لي في هذه المناسبة أن ألقي الضوء على الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية وفقًا لاستراتيجيات وطنية لتحقيق التنمية المستدامة، رؤية مصر 2030، والتي تمثل رؤية ثاقبة نحو المستقبل، تضع مصر ضمن أفضل ثلاثين اقتصادًا عالميًا بحلول عام 2030.
وترتكز على نهج متكامل لتحقيق الأولويات الوطنية التنموية. وتعظيم الإمكانية والتغلب على المعوقات على أساس علمي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مصر. والتي ظهر بعضها نتيجة عملية التحول التي تمر بها المنطقة، بعض دول المنطقة وبعضها الآخر، نتيجة التداعيات السلبية لتباطؤ معدلات النمو العالمية.
وفق هذه المعطيات، قامت مصر بتطبيق برنامج جاد للإصلاح الاقتصادي، يرتكز على عدة محاور رئيسية في مجالات السياسات المالية العامة والسياسات النقدية والسياسات الاجتماعية. بالإضافة إلى تطبيق حزمة من الإصلاحات الهيكلية لمعالجة الاختلالات البينية في السياسات المالية. مع تحقيق معدلات نمو أفضل. وفي مقدمتها تبني سياسة توسيع تدفع بحزم مالية تحفيزية برفع كفاءة إنتاجية الاقتصاد.
بجانب العمل على ضبط الموازنة العامة للدولة، من خلال خفض الإنفاق الحكومي وترشيد الدعم وزيادة التنافسية. وتوفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في المجالات الواعدة. وعلى رأسها الطاقة المتجددة والانخراط في العديد من المشروعات القومية العملاقة، وفي مقدمتها تنمية محور قناة السويس.
هذا بالإضافة إلى تشجيع دور القطاع الخاص، ودعم المشاركة بين القطاعين العام والخاص، من أجل توفير الأدوات التموينية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وربطها بسلاسل القيمة المضافة عالميًا.
كما تعمل مصر على تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية وتطوير شبكات الأمان الاجتماعي لتستوعب الفئات الفقيرة والضعيفة.
السيدات والسادة،
يواجه العالم في المرحلة الحالية ظاهرتين تؤثران بشكل كبير على التوازن والاستقرار الدوليين، ومن ثم على تحقيق التنمية في العديد من دول العالم، حيث أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية، لا تحترم الحدود وخطرًا يهدد الجميع. وعلينا أن نعمل سويًا للتعامل الحازم والشامل مع هذا الخطر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين. وذلك من خلال تجفيف منابعه وقطع مسار تمويله وإيقاف إمداده بالسلاح والمقاتلين.
كما أن الهجرة غير الشرعية والتي نتجت عن عدم الاستقرار، وخاصة في منطقتنا، تؤثر بشكل مباشر على كافة المجتمعات، بما يتطلب عملًا دوليًا أكثر تكاتفًا للتعامل مع هذه الظاهرة.
ولا شك أن هاتين الظاهرتين تشكلان تحديًا كبيرًا لكافة الدول، سواء في إطار سعيها نحو تحقيق الاستقرار والأمن، أو تحقيق التنمية والرخاء والنمو الاقتصادي المستدام لمواطنيها.
ختامًا، أود التأكيد على أن التحديات سالفة الذكر تتطلب من مجموعة العشرين العمل عن كثب من أجل وضع تصور مستقبلي لتعزيز التعاون الدولي. بما يحقق التوازن المأمول بين تكلفة التنمية المستدامة والعائد منها، وذلك من خلال اتساق الآليات وتفادي تضارب سياسات الاقتصاد الكلي، والابتعاد عن النهج الانتقائي في التعامل مع مختلف القضايا الدولية. ومراعاة الخصوصية الوطنية.
وفي هذا الصدد، نشيد برؤية الرئاسة الألمانية تجاه إفريقيا، وهو ما يتبلور اليوم في المبادرة المقترحة للتعاون مع إفريقيا، والتي نأمل أن ترى النور في المستقبل القريب.
وشكرًا.