أصدرت محكمة جنح المعادي، الأحد، حُكمًا بالسجن 3 سنوات مع الشغل والنفاذ، بحق 32 من عُمّال قطاع الأمن الإداري، بمصنع أسمنت طرة، أدانهتم بتهمتي "التظاهر ، وإثارة الشغب".
وفي جلسة سابقة، انعقدت يوم 28 مايو/ أيار الماضي، قررت المحكمة تأجيل أولى جلسات محاكمة العُمّال، لتعذر حضورهم إلى مقرّ المحكمة، ليستمر حبسهم، في سجن 15 مايو، منذ ألقي القبض عليهم يوم 22 مايو/ أيار الجاري، من مقرّ الشركة، حيث فض الأمن اعتصامهم الذي بدأ منذ أبريل/ نيسان الماضي، ضد اتخاذها قرارًا اعتبروه يهدر حقوقهم، بعد فترة عمل لا تقل لكل واحد منهم عن 10 إلى 15 سنة.
واعتصم العُمال ضد قرار نقل تبعيتهم إلى شركة "كوين سيرفيس"، دون ضم سنوات خدمتهم السابقة، والتي تضمن حقهم في المعاشات ومكافآت نهاية الخدمة من محلّ عملهم الأساسي "أسمنت طره"، التي طالبوا بالتثبيت رسميًا لديها ومساواتهم بكافة عامليها فيما يخصّ البنود المالية والإدارية.
جلسة بلا متهمين
بعد يوم واحد من القبض عليهم، أُحيل العُمّال من نيابة المعادي، إلى محاكمة عاجلة، بقائمة اتهامات شملت "التعدي على قوات الأمن أثناء تأدية عملها، واحتجاز مجندين أثناء تنفيذ أوامر ضبط وإحضار عدد من العمال والبلطجة".
وفي تصريحات سابقة لـ"المنصّة"، قال عضو هيئة الدفاع عن العُمال، عمرو محمد، المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إنه فوجئ بقرار التأجيل "لتعذر حضور المتهمين"، موضحًا أنهم محتجزين في سجن 15 مايو، والذي يعد قريبًا من مقرّ محكمة المعادي.
وأضاف "محمد"، فيما يتعلق بموقف العُمال قانونيًا، أنهم يحاكموا بموجب المادتين 136 و375 من قانون العقوبات، إذ أن بين الاتهامات الموجهة إليهم "التلويح بالعنف واستعراض القوة، والتعدي على مأمور الضبط القضائي".
تنص المادة 136 على أن " كل من تعدى على أحد الموظفين العموميين أو رجال الضبط أو أى إنسان مكلف بخدمة عمومية، أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ستة اشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه".
وتنص المادة 375 من القانون نفسه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه، كل من استعمل القوة او العنف والارهاب أو التهديد أو تدابير غير مشروعة، فى الاعتداء أو الشروع في الاعتداء، على حق الغير فى العمل، أو حق الغير فى أن يستخدم أو يمتنع عن استخدام أي شخص أو حق الغير في أن يشترك أو لا يشترك في جمعية من الجمعيات".
قد يُعمّق أزمة العُمال، المُطالبين بالتثبيت والأرباح، عدم وجود تعاقدات رسمية بينهم والشركة، إذ يقول محاميهم "للأسف مفيش عقود"، لكن قد يقّوي موقفهم حكم قضائي سابق يقول عنه "كان فيه حكم لصالحهم، يقضي بإنهم يتساووا بعمال المصنع، وبتوزيع الأرباح بينهم"، وهو ما لم تنفذه الشركة حتى هذه اللحظة.
ويوضح "محمد" أن محاولات العُمال لإثبات حقوقهم لدى الشركة، بدأت عام 2008، حين عملوا بها "باليومية"، لكن ما جددها هو قرار نقل تبعيتهم لمقاول توريد عمالة، ثم تعاقد الشركة مع شركة "كوين سيرفيس" كمحاولة لتسريحهم بضمهم لها دون منحهم حقوق سنوات العمل الماضية، وبناءً عليه قرروا الاعتصام، الذي فضته يوم 22 مايو، قوة من قسم شرطة المعادي، وقبضت على 22 عاملاً، ثم 10 آخرين في اليوم التالي للفض.
تضامن سياسي
ومنذ القبض عليهم وحتى موعد محاكمتهم، قوبلت قضية العُمال بتضامن من عدة أحزاب سياسية وقوى مدنية وشخصيات عامة، اجتمعوا على إصدار بيان موّحد، يطالب بحفظ حقوق العُمال.
وذكر البيان، الذي صدر بتوقيعات من 252 شخصًا وجهة سياسية وحقوقية، أن العمال الخاضعين للمحاكمة "تعرضوا للتعذيب داخل قسم شرطة المعادي، ولسرقه موبايلاتهم ومتعلقاتهم"، مُشبهًا طريقة القبض عليهم بالعمليات العسكرية حيث "طاردت المدرعات العمال داخل مصنعهم، ثم تم إعادتهم إلى القسم مرة أخرى"وفقًا للبيان.
وذكر البيان أن العمال "يتعرضون لانتهاكات، منها أن أكثر من 34 عاملا، المقبوض عليهم، لا يتقاضون رواتبهم، رغم حلول شهر رمضان، بسبب رفض الإدارة صرفها، مشترطًة أن ينقل العمال تبعيتهم لشركة جديدة، حتى لا يطالبوا بتنفيذ حكم أحقيتهم في التعيين، وتتم معاملتهم كباقي العاملين الجدد، التابعين لشركة توريد العمالة، التي تعاقدت معها الإدارة، للتخلص من العمال الحاصلين على حكم أحقيتهم في التعيين".
وأدان البيان ما سمّاه "سياسة تجريم الحق في الإضراب، واقتحام المصنع مرتين من قبل العمليات الخاصة"، مطالبًا بـ"الإفراج الفوري عن العُمّال المحتجزين، وإحالة كل رجل شرطة تطاول عليهم بالضرب أو بالسب للمحاكمة".