78 انتهاكًا لحرية التعبير، وقعوا خلال الربع الأول من عام 2017، وأوردتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في تقريرها ربع السنوي لحالة حرية التعبير.
وفي التقرير الذي يُغطي الفترة من يناير/ كانون أول- إلى مارس/ آذار 2017، تصدرت وسائل الإعلام والمنصات الصحفية رأس قائمة المتعرضين للقمع بـ56 انتهاكًا، تلاها حرية الإبداع بـ11 انتهاكًا، بينما بلغ عدد الانتهاكات لحقوق وحريات الطلاب 6 حالات، أما حرية التعبير "الرقمي" فجاء ف ينهاية القائمة بـ5 انتهاكات بحقّ ممارسيه.
ونوّهت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى أن "انحسار الانتهاكات الموثقة، لا يُعبّر إلا عن نجاح مؤسسات الدولة في ضغوطها لتقييد حرية التعبير، والتي اعتمدت فيها على العقوبات التأديبية والمحاكمات". في إشارة لممارسية الصحفيين والمبدعين والمواطنين لشكل من الرقابة الذاتية لتفادي خطر الاحتجاز أو المحاكمة.
صراع السلطة والصحفيين
عرضت "حرية الفكر والتعبير"، في تقريرها، حكم الاستئناف الصادر في قضية نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش وعضو مجلس النقابة السابق خالد البلشي وثالثهم جمال عبد الرحيم، بالحبس سنه مع وقف التنفيذ 3 سنوات، والصراع الذي دار بين السلطات والنقابة، منذ 2016، ورأت فيه "حرية الفكر والتعبير" أنه خلق استقطابًا داخل الجماعة الصحفية بين مؤيدي ومعارضي المجلس النقابي السابق، بدا جزء منها في "حضور غير مسبوق للصحفيين لانتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة".
وعن تلك الانتخابات، رأت "حرية الفكر والتعبير" أن فوز كلاً من عمرو بدر وجمال عبد الرحيم بعضوية المجلس الحالي "إشارة شديدة الأهمية، لأن كلاهما لعب دورا مهما في أزمة اقتحام نقابة الصحفيين".
وبعيدًا عن المعركة النقابية، لم ينس التقرير ما كان من "هجوم مجلس النواب على بعض الصحفيين والمؤسسات"، ومنه بلاغ رئيسه علي عبد العال ضد إبراهيم عيسي، بتهمة "إهانة المجلس ورئيسه"، إضافة إلى انتقادات مماثلة وُجِّهت لمؤسسة "الأهرام".
اقرأ أيضًا: إبراهيم عيسى.. اللعب على حبال السياسة والصحافة
لكن الحصيلة الأكبر من انتهاكات حرية الصحافة والإعلام- وفقًا للتقرير- تمثلت في "المنع من أداء العمل" في إشارة لمنع الصحفيين من ممارسة عملهم الميداني بالتغطية أو التصوير، بواقع 32 حالة بمختلف أنحاء الجمهورية، تصدرتها القاهرة بـ21 انتهاكًا. واستمرت "الجهات" في تصدُّر قائمة المعتدين بواقع 15 انتهاكًا.
تخوّف المبدعين
في هذا القسم، فصّل التقرير حالات توضح كيف ساهمت "الممارسات المقيدة لحرية الإبداع، في سيطرة التخوف والحذر على توجهات المبدعين وعملهم"، وضربت مثلاً برسامي الجرافيتي وبفرقة "أطفال شوارع"، وكيف ان تعرضهم للملاحقة الأمنية "مثل رسالة إلى المبدعين، بالابتعاد عن الشأن السياسي".
اقرأ أيضًا: "أطفال شوارع" على الأسفلت.. الاستئناف يوقف عداد الحبس الاحتياطي
وعلى مستوى الممارسات المتعلقة بالرقابة على الأعمال الإبداعية، كان من بين أبرز ما عرضه التقرير، حالة فيلم "18 يوم" الذي يرصد وقائع ثورة 25 يناير، والذي ذكر أن الرقابة منعت عرضه بشكل مفاجئ، في 23 فبراير/ شباط 2017، بدعوى أنه "يحتوي على الكثير من الألفاظ النابية"، ما رأت فيه المؤسسة الحقوقية "استمرارًا للتدخل الرقابي، لمنع الأعمال الإبداعية التي ترتبط بذاكرة ثورة 25 يناير".
شُح المعلومات
وانتقدت "حرية الفكر والتعبير"، في تقريرها، عدم حدوث أي تطور على مستوى إصدار قانون لحرية تداول المعلومات، وهو ما ردّته إلى "تقاعس" مجلس النواب الحالي عن الالتزام بالاستحقاقات التي نص عليها دستور 2014.
وربما يكون لغياب مثل هذا القانون، عاملاً كبيرًا في تعدد الملفات التي ذكرها التقرير، كأمثلة لشُحّ المعلومات التي وفرتها الوزارات والجهات الرسمية، وعلى رأسها ملف اﻷسر المسيحية التي نزحت من شمال سيناء بسبب التهديدات الإرهابية، إذ أكدت المؤسسة أنه وحتى صدور التقرير "لم تعط الجهات الرسمية أي معلومات حول مستقبل هذه الأسر، وإمكانية عودتهم إلى محافظة شمال سيناء".
عزوف الطلاب
شدد التقرير الحقوقي على أن "القيود المفروضة على الحقوق والحريات الطلابية؛ أدت إلى تقليص مساحة الفعاليات الاحتجاجية لحركاتهم، وخفوت الاهتمام بالنشاط السياسي بينهم، تجنبا لعقوبات تأديبية ومخاطر عديدة".
وتطرق التقرير إلى اللجنة التي شكّلها وزير التعليم العالي، لإعداد لائحة مالية وإدارية جديدة لتنظيم عمل الاتحادات الطلابية، وما وُجِّه إليها من انتقادات طلابية، سواء على مستوى تشكيلها "إذ تضم بعض الخريجين"، أو على مستوى "عدم وضوح عملها".
وأشار التقرير إلى ارتباط قرار إعداد لائحة جديدة، بقرار آخر اتخذه المجلس الأعلى للجامعات، في منتصف نوفمبر/ تشرين ثان 2016، بتأجيل إجراء الانتخابات الطلابية لحين وضع لائحة جديدة، ما اعتبرته المؤسسة الحقوقية يعكس "خشية السلطة التنفيذية- متمثلة في وزارة التعليم العالي- من تكرار تجربة الانتخابات الطلابية الأخيرة، التي استطاع طلاب مستقلون ومعارضون الفوز فيها بأغلبية المقاعد".
وفي القسم الخامس، تطرق التقرير إلى أوضاع الحرية الأكاديمية، وأبرزها استمرار التحقيقات في قضية مقتل طالب الدكتوراة جوليو ريجيني، وكيف أنه لم تعلن السلطات، خلال الربع الأول من العام 2017، أي استنتاجات جديدة في التحقيق، أو "ارتباط مباشر للأجهزة الأمنية بمقتله".
ملاحقة فيسبوك
وفي آخر قسمين، رصد التقرير الانتهاكات الموجهة ضد الحق في الخصوصية والتعبير الرقمي. ففي القسم السادس، تحدث التقرير عن استمرار تسريب تسجيلات لمكالمات هاتفية شخصية، من خلال برامج يقدمها إعلاميون معروفون بتأييدهم للنظام.
وفي القسم السابع، ذكر التقرير أن انتهاكات حرية التعبير الرقمي، شملت حالتي قبض تعلقت إحداهما بآراء منشورة من خلال صفحة شخصية، واﻷخرى بإدارة صفحة عامة على "فيسبوك"، وغلق مجموعة من الصفحات عليه، وكل ذلك جائت مبرراته "امتداد لنفس الحجج المستخدمة خلال اﻷعوام الثلاثة الماضية، وتشمل نشر أفكار متطرفة والتحريض على العنف، واﻹساءة إلى مؤسسات الدولة".
مجهودات متواصلة
كما رصد التقرير تطور تحقيقات ودعاوى قضائية، يتابعها محامو "حرية الفكر والتعبير"، خلال الربع الأول لـ2017.
وكان من أبرز الدعاوى، تلك التي تطالب بتمكين الناشط والمدون علاء عبد الفتاح من القراءة واﻹطلاع داخل السجن، ومتابعة قضية الكاتب أحمد ناجي، ودعوى إلغاء قرار وزير التعليم العالي بضوابط عمل لجان اختيار القيادات الجامعية.