"أنا مؤدي مش مطرب" هكذا وصف الفنان الراحل أحمد زكي نفسه، معلقًا على أغانيه التي قدمها في أعماله السينمائية والتلفزيونية. فهو يرى أن أغانيه ما هي إلا بديل للتمثيل، أو كما وصفها في حديثه عن أغنيته في فيلم البيه البواب:"عبد السميع اللي بيغني كدا مش أحمد زكي اللي بيغني كدا". واتصفت كل شخصية قدمها أحمد زكي بأداء مختلف عن غيرها في الغناء، أداء يعبر عن خلفية الشخصية الاجتماعية والثقافية.
بدأت حكاية أحمد زكي مع الغناء في عام 1985، في مسلسل "حكايات هو وهي"، المأخوذ عن سلسلة مقالات لسناء البيسي، واخرجه يحيى العلمي عن معالجة وسيناريو وحوار الشاعر الراحل صلاح جاهين.
مقدمة المسلسل كانت أول لقاء للجمهور مع صوت احمد زكي في الغناء، من خلال "دويتو" لحنه عمار الشريعي لكلمات جاهين. واتضح في تلك الأغنية قدرة أحمد زكي على مجاراة أداء الفنانة سعاد حسني التي بدأت حياتها الفنية كمغنية في برامج الأطفال بالإذاعة المصرية.
هذا التحكم الذي قدمه أحمد زكي في صوته، ليقدم صوتًا مختلفًا لكل شخصية من الشخصيات التي قدمها في هذه الأغنية، أشار إلى أن هذا التتر ربما لم يكن تجربته الأولى في عالم الغناء، فهذا التحكم والتقيد الشديد باللحن الذي وضعه عمار الشريعي بدون أي إضافة لا ينتج إلا عن دراية عميقة بالموسيقى وفن الغناء.
لكن المعلومات المعروفة عنه تقول أنها كانت محاولته الأولى بالفعل، فلا توجد أي معلومات عن دراسة أحمد زكي للموسيقى أثناء دراسته بالمعهد العالي للسينما، أو أُثناء دراسته بمدرسة الصناعة بالزقازيق، لكن هذا لا يمنع أن يكون قد نال قسطًا من دروس الصولفيج التي يتدرب عليها المسرحيون، بل إن هذا الأداء يدل على تلقي أحمد زكي لدروس موسيقية وتدريبات صولفيج متطورة عما يتدرب عليه المسرحيون.
وفي نفس المسلسل، وعند الاستماع إلى أغنية "اثبت" التي تعد من أوائل الأغاني التي قدمها الفنان الراحل منفردا، قدم زكي الأغنية بأداء لم يتكرر إلا نادرًا في أعماله اللاحقة على "هو وهي". إذ أدى زكي الأغنية بصوت يصفه أهل الموسيقى بالصوت "المليان".
اهتم المخرجون بصوت أحمد زكي بعد أدائه في "هو وهي"، ليخرج فيلم "البداية" حاويًا أغنيتين بصوته هما "هيلا هيلا" و"أفتح وقص شريطك قص" من تأليف الشاعر الراحل سيد حجاب، وألحان عمار الشريعي. ثم في "البيه البواب"مع الشاعر بهاء جاهين والملحن إبراهيم رجب، وأغنية "إحنا الأربعة" من كلمات كمال عمار وألحان منير الوسيمي من فيلم "أربعة في مهمة رسمية".
لكن يبدو وأن زكي مال بشكل أكبر لأداء الأغاني الاستعراضية الخفيفة، التي لا تبرز مناطق القوة أو الضعف في صوته، مثل أغاني أفلام "كابوريا" و "البيه البواب" و"استاكوزا" و"مستر كارتيه" و"البيضة والحجر". ودعم هذا الاتجاه ارتباطه بموسيقيين يميلون لهذا اللون من الألحان مثل حسين الإمام، وحسن أبو السعود، ومنير الوسيمي. ولم نر من زكي أداءً مميزا مثل الذي قدمه في أغنية "اثبت"، إلا في أغنيات "إزاي حالك" و"إن مقدرتش تضحك"، بالإضافة إلى مقطع "وصفولي الصبر" من فيلم "هيستيريا". ولحن أغنيات "إزاي حالك" وإن مقدرتش تضحك" الفنان وجيه عزيز.
الألحان هي من رسمت الطريق وحددت الاتجاهات الغنائية لأحمد زكي. لكن من ناحية أخرى، يبدو أنه تدخل كثيرا ليوجه نفسه في هذا الإتجاه، فهو يرى نفسه مجرد مؤدي، وما يقدمه من غناء هو شكل من أشكال التمثيل. وعندما تم وضعه في فئة المطربين أو المغنيين، قاوم بشدة، حتى عندما طُلب منه أن يطرح أغاني فيلم "كابوريا" في ألبوم يحمل أسمه، طلب أن يوضع اسم حسن هدهد -اسم بطل الفيلم اذي قام هو بأداء شخصيته- كمطرب الألبوم.
"أنا بحب الفن، وبحب أتقنه، وبحب أعمله بجد"
يرى زكي أنه لا يملك الإمكانيات التي تجعل منه مطربا، ولهذا فهو ينسب جميع أغانيه إلى الشخصيات التي قام بتمثيلها. فالطرب بالنسبة له شيء "نتسلطن لما بنسمعه"، لذلك قاوم زكي بشدة أن يتم وصفه بالمطرب أو المغني، والتزم بوصف نفسه كمؤدٍ لأنه لا يستطيع من وجهة نظره أن يتقن الطرب والغناء.