أمام المالاجاشي أحمد أحمد، وبفارق 14 صوتًا، خسر الكاميروني عيسى حياتو، منصبه كرئيس للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، بعد 29 عامًا من التربع على هذا العرش، بدأت عام 1988، وجعلت من اسمه والسويسري "بلاتر" الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، أشبه بـ"الثوابت" في عالم كرة القدم.
وانتهت الانتخابات التي أجريت، اليوم، في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، بحصول رئيس اتحاد كرة القدم في مدغشقر، أحمد أحمد على 34 صوتًا، مقابل 20 صوتًا فقط لـ"حياتو"، الذي حكم الكرة في قارة إفريقيا رغم أنه لم يمارس اللعبة أبدًا كمحترف، وانتهت علاقتها بها اليوم بإقصائه عن عرش الاتحاد.
نحو الباب الذهبي
في الموقع الرسمي لـ"كاف"، حيث لايزال عيسى حياتو رئيسًا، لا توجد الكثير من المعلومات التي ترسم صورة كاملة للرجل، وإن القليل الموجود يكشف أن "حياتو" -كغيره من حكام القارة السمراء- كان حتى الأمس يمارس مهام عمله، رغم تخطيه السبعين من العمر.
ولد حياتو في 4 أغسطس/ آب 1946، لأحد سلاطين شمال الكاميرون، وكان على استعداد للمواصلة مع "كاف" لولاية رئاسية ثامنة، لو انتهت الانتخابات اليوم لصالحه.
حاز عيسى حياتو، منذ عام 1986، عضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وبعدها بعامين صار رئيسه، لتنفتح أمامه بوابة ذهبية لتقلد المناصب والمهام، حتى الدولية منها، وكانت أولى البشارات، عام 1990، حين اكتسب عضوية اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الذي تقلد فيه أيضًا منصب نائب رئيس لجنة "الأمن واللعب النظيف"، بالإضافة لعضويته بلجنة تنظيم كأس العالم، ورئاسة اللجنة المنظمة لبطولات كرة القدم الأولمبية للفيفا.
ولكونه مسيطرًا منذ عام 1992 وحتى اليوم، على منصب نائب لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم؛ فقد وصل "حياتو" يومًا ما لعرش "فيفا" نفسه، حين حل بصورة مؤقتة محل رئيسها السابق جوزيف بلاتر، الذي تقرر إيقافه ونائبه ميشيل بلاتيني عام 2015، بسبب قضية "فساد".
وشبهات الفساد لم يسلم منها "حياتو" نفسه، إذ أشارت تقارير عام 2010 إلى وجود وثائق مهمة، تثبت تورط ثلاثة أعضاء من "الفيفا"، من بينهم عيسى حياتو، في قضية "فساد وتقاضي رشاوى". وكان الحديث أكثر صراحة ومباشرة في هذا الشأن، وقت إعلان فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022، إذ اتهم "حياتو" بتقديم الهدايا والمال لدعم ترشيح قطر، لكن الرجل دأب على نفي كل "مزاعم الفساد".
الغريب المُعمِّر
لم يقتصر نطاق عمل "حياتو" على مناصب "فيفا"، بل كان الرجل على درجة من الحظ وربما التشعب في العلاقات أو حتى الكفاءة، ليصبح منذ عام 1997 عضوًا في لجنة المرأة والرياضة التابعة للجنة الأولمبية الدولية، وانتخب كعضو للجنة الأولمبية الدولية خلال دورة موسكو 2001، فضلاً عن أنه كان رئيس الوفود الرياضية للكاميرون في مناسبات رياضية عديدة.
والفضل فيما وصل إليه عيسى حياتو، لا يمكن أن يبتعد كثيرًا عن "كاف"، والذي لم يكن قبل رئاسته إلا مسؤول محلي في الكاميرون، التي كان شقيقه الأكبر رئيسًا لوزرائها، أما هو نفسه فتولى مناصب اختلفت بين رئاسة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم بين عامي 1985- 1988، والتي تقاطعت فترة مهامه فيها مع توليه منصب وزير الشباب بين عامي 1982- 1986، بل ومع منصبه كأمين عام لاتحاد الكرة الكاميروني منذ عام 1974 وحتى 1986.
لكن بداية رحلة عيسى حياتو، كان من قلب العاصمة الكاميرونية ياوندي أيضًا، حيث عمل مُدرسًا في مدرسة Lycée Général Leclerc ، بين عامي 1973- 1974.
واللافت في مسيرة "حياتو" أنه كان مُعمّرًا في المناصب، سواء المحلية أو القارية، لكن المُثير فيها هو أنه لم يحترف يومًا لعب كرة القدم، فالعدّاء الشاب الذي كان بطل بلاده في سباقات 400 متر و800 متر، بين أعوام 1964 و1971، وحاز عضوية منتخب الكاميرون الوطني لألعاب القوى، ولعب كرة السلة لدرجة ارتداء فانلة المنتخب الوطني لفريقها، لم يمارس كرة القدم أبدًا، إلا على المستوى الجامعي.
مشكلات صحية ومهنية
كان عيسى حياتو، على درجة من الحماس والثقة، كافيتين لأن يسابق على فترة ولاية ثامنة كرئيس لـ"كاف"، دون النظر لاعتبارات السن أو الحالة الصحية. رغم أنه يعاني من مشكلات صحية في الكُلى منذ أعوام.
وكانت الثقة ما استند عليه "حياتو" وهو يترشح للجولة التي خسرها اليوم، دون النظر للمشاكل العالقة بينه وبين دول أعضاء في الاتحاد، آخرهم الجزائر التي كانت الأقرب لتنظيم بطولة أمم أفريقيا 2017، وخسرت بعد منح الاتحاد التنظيم للجابون، وسط اتهامات له بـ"عدم الشفافية، والتحيز".
لكن المشكلة الأكبر للإمبراطور الكاميروني، كانت مع مصر، دولة مقر الاتحاد الإفريقي، والتي بلغت حد تقديمها بلاغا ضد "حياتو" بشأن حقوق بث البطولات القارية، وأحاله النائب العام المصري- بالفعل- إلى المحكمة الاقتصادية قبل يومين، ليرد الاتحاد الأفريقي عن رئيسه–حينها- ويرى الاتهامات الموجهة له "ادعاءات ومزاعم". مؤكدًا أنه "سيدافع بشراسة عن موقفه وحقوقه وسمعته باستخدام كل الوسائل القانونية المتاحة"، ما رأى فيه البعض تلويحًا لنقل المقر من القاهرة، وحرمان مصر من المشاركة ببطولات القارة.
لكن لم يمض يومان، حتى حلّت انتخابات رئاسة "كاف"، انتهت بفرحة سادت الإعلام المصري، وتكهنات بأنه لم يكن إلا "تحالف" تصويتي بقيادة مصر، ذلك الذي أطاح بالإمبراطور عن عرش لعبة كان غريبًا عنها.