في الرابع من فبراير عام 1917 وُلِد في قرية شرباص بدمياط عبد الرحمن بدوي (توفى عام 2002)، أول فيلسوف مصري، أو آخر فيلسوف مصري، أو أحد الفلاسفة المصريين، أو أحد أهم ناقلي الفلسفة في العصر الحديث إذا اعتبرنا أن تاريخ مصر الحديث يخلو من الإسهام الفلسفي.
نجد أنفسنا مرتبكين حتى في كتابة الجُمَل الأولى في هذا الملف، وذلك لأننا نتحدث عن عبد الرحمن بدوي، وعن الفلسفة.
يقول عنه مقداد عرفة منسية، أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية، في دراسة بـ "موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين": "شخصية جبارة هيمنت بجدارة ولا تزال على الفكر العربي الإسلامي في النصف الثاني من القرن العشرين".
نعرف عن بدوي أنه ألّف كتابًا بارزًا عن الفلسفة الوجودية عام 1943، وهو العام نفسه الذي نشر فيه جان بول سارتر كتابه الرئيسي "الوجود والعدم". وهي معلومة تثير الشجون في وقتنا هذا الذي نتعامل فيه مع الإسهامات الفلسفية التي مر عليها 50 عامًا أو يزيد على أنها إسهامات معاصرة، قد نشرحها أحيانًا ولكن يندر أن نسهم فيها.
ونعرف عن بدوي، المنغمس في الفلسفة، أنه أخذ على عاتقه ترجمة عيون الأدب الكلاسيكي العالمي إلى العربية، متسلحًا بمعرفة ما يزيد عن خمس لغات حية، ليجد القاريء العربي ترجمة كاملة لرواية "دون كيخوته" لثربانتس، ومسرحية "فاوست" لجوته، وبعض من أعمال بريخت.
ونعرف عن بدوي ميوله السياسية، وكان ميّالًا للنازية، ونعرف مشاركته في لجنة وضع دستور عام 1954 بعد ثورة يوليو، الدستور الذي تحول إلى خيبة أمل كبيرة بعد تجاهل النظام الجديد له رغم ما يضمنه من حريات.
كان بدوي شخصية صعبة المراس، شخصية منعزلة وحادة، مما يجعل خلافاته مع الآخرين تتحول إلى طرائف، عندما كتب سيرة حياته انتقد الكثيرين من معاصريه ومن بينهم من مدحوه في بداية حياته كطه حسين.
بدوي المعتز بنفسه كتب فصلًا يتكون من 24 صفحة عن "عبد الرحمن بدوي" حين ألف موسوعة فلسفية، أشار في الفصل إلى حياته ومؤلفاته وملخص فلسفته، ومما كتب فيه: "وقد أحاط علمًا بكل تاريخ الفلسفة، وتعمق في مذاهب الفلاسفة المختلفين والألمان منهم بخاصة. لكن أقوى تأثير في تطوره الفلسفي إنما يرجع إلى اثنين هما هيدجر ونيتشه".
بدوي الوجودي اتجه في نهاية حياته في تأليف كتب تدافع عن الإسلام والقرآن ضد المستشرقين.
أحد عناوين كتب بدوي هو "شخصيات قلقة في الإسلام"، وفي سياق العنوان يمكننا أن نعتبر بدوي شخصًا قلقًا في ثقافتنا، يصعب أن تصنّفه، ولكن لا يمكن أن تتجاهله عندما تلقي النظر على الثقافة المصرية والعربية.
هو عملاق آخر من عمالقة الفكر في مصر، وإذا كنا نشكو الشكوى المستمرة من أن مؤسسات الدولة أو الوسط الأكاديمي لا يقدم لذكراه التكريم الكافي، فعلينا من قبلهم أن نحتفي به في مئوية مولده، من خلال التذكير بحياته ومناقشة بعض من أفكاره.
1- بالصدفة أتيت إلى هذا العالم - ماهر عبد الرحمن
"في يوم1 مايو عام 1945 دخل الدكتور بدوي إلى المحاضرة وهو يرتدي رابطة عنق سوداء. وعندما سأله طلابه عن السبب قال: لأني حزين على وفاة هتلر".
2- "حب المصير".. نظرة على وجودية بدوي - أمير زكي
"وجود الإنسان نسيج من الواقع والإمكان، يُحاك على نول الزمان".
3- عبد الرحمن بدوي من النقد إلى الدفاع عن الإسلام - كريم الصياد
"هل كان انتقال بدوي من النقد إلى الدفاع تحولًا أم امتدادًا طبيعيًا؟ هل هو تحول إلى النقيض أم تطور؟ هل هي ظاهرة عامة أم فردية؟ هل هي مرتبطة بطبيعة تكوين المفكر العربي المعاصر أم بظروف الارتداد السياسي-الاجتماعي إلى الأصولية بعد نكسة 67؟".
4- مشروع الترجمة عند عبد الرحمن بدوي - طه زيادة
"يستنتج المتابع لمنجز عبد الرحمن بدوي في الترجمه أنه كان حريصًا على اتباع منهج دقيق، يتجاوز الهفوات التي تحول دون الإفادة من تراث الغير وحسن التفاعل معه، عبر اختيار نصوص وأعمال مميزة تفي بتحقيق مسعاه بالتأثير في النفس والوجدان والعقل".