قبل دقائق قليلة من فجر اليوم الإثنين بتوقيت بغداد؛ بدأت عملية التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب لـ"تحرير الموصل" من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية. وبينما تقرأ هذه السطور؛ تواصل قوات التحالف بمساعدة قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية مواجهاتها مع ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية، مع تردد أنباء عن هروب زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي وأسر زوجته.
وشَهِد الأسبوع السابق على بدء معركة الموصل تطورا ملحوظا في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية شمالي العراق، كما خرج علينا المسؤولون العراقيون بتصريحات تصدرت عناوين الصحف، تبدى فيها تفاقُم الأزمة العراقية التركية، لينتهي الأسبوع بمحاولة فاشلة لاغتيال رئيس الوزراء حيدر العبادي.
بدأت القطاعات العسكرية بالوصول إلى مناطق التجمع حول مدينة الموصل مطلع الأسبوع الماضي، بعد أن ازدادت وتيرة القصف والطلعات الجوية التي يقوم بها التحالف على أهداف داخل مركز المدينة، وخارجها. وتوالت التصريحات والتحركات التي مهدت الطريق لبدء المعركة التي ينتظر منها أن تكون فاصلة في تحرير الأراضي العراقية من بقايا التنظيم.
السبت 8/10/2016
الجماعات المسلحة التي يقصدها ماكجورك تمثل كل من الحشد الشعبي، وحزب العمال الكردستاني.
والحشد الشعبي، هو فصيل شبه عسكري مدعوم من الحكومة العراقية وتتهمه السعودية بكونه مدعومًا من إيران. تشكل الفصيل بعد فتوى الجهاد التي أطلقتها المرجعية الدينية الشيعية، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المدن العراقية. أما حزب العمال الكردستاني فهو جماعة مسلحة كردية يسارية، مناهضة لحكومة إقليم كردستان، و مصنفة لدى الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.
ورغم بدء المعركة بالفعل واستمرار تقدم القوات المشتركة نحو الموصل، واستيلائها على عدد من القرى التي كانت -حتى مساء أمس- خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية؛ لا تزال هناك شائعات حول حقيقة مشاركة حزب العمل الكردستاني في عملية "تحرير الموصل"، بعد تأكيد مشاركة الحشد الشعبي.
الأحد 9/10/2016
جاء هذا التصريح ليؤكد عدم مشاركة الحشد الشعبي والبيشمركة الكردية في عمليات التحرير، وأن الجيش العراقي هو الذي سيدخل المدينة، بدعم من طيران التحالف الذي سيؤمن دخوله.
لكن الأخبار الواردة من وكالات الأنباء الدولية وعلى رأسها رويترز وراديو ألمانيا "دويتشة فيلا"، تؤكد أن عناصر قوات البيشمركة وقوات الحشد الشعبي يشاركون بالفعل في معركة تحرير الموصل. وأن مهمة قوات البيشمركة الكردية العراقية، المدعومة بمقاتلين أكراد سوريين ستكون تحرير القرى المحيطة بالموصل وتأمين سكانها المدنيين.
الإثنين 10/10/2016
لا تزال الأزمة العراقية التركية متواصلة، منذ طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بشكل رسمي سحب القوات التركية من الأراضي العراقية، وقُوبِل طلبه بالرفض من الجانب التركي.
ويتواجد نحو 1200 عنصر تركي شمال العراق، 500 منهم في منطقة "بعشيقة" تحديدا، وبحسب الجانب التركي فإن تواجدهم جاء بطلب من محافظ نينوى السابق "أثيل النجيفي"، لتدريب ما يعرف بـ "الحشد الوطني"، وهو مجموعة قتالية تضم مقاتلين من أبناء محافظة نينوى، تحت قيادة النجيفي. وتشكل الحشد بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة.
الثلاثاء 11/10/2016
جاءت تصريحات أردوغان "لتصب الزيت على النار" كما صرحت الحكومة العراقية، وفي وقت حرج تقترب فيه معركة تحرير الموصل، وقبل حسم مشاركة قوات الحشد الشعبي. وتصر تركيا على وضع الحكومة العراقية بمأزق أكبر؛ بإصرارها على إبقاء قواتها متحدية السيادة العراقية.
أفادت تصريحات سابقة لتركيا، أن قواتها موجودة بطلب من الحكومة العراقية، ثم أعربت لاحقاً عن قلقها على مصير "الإخوة السنة" في الموصل؛ خوفا من تدخل قوات الحشد الشعبي الشيعية في التحرير، وسارعت السعودية على لسان وزير خارجيتها بإعلان تأييدها للموقف التركي.
واعتبرت تركيا وجود قواتها "ضمانة لحماية المكون التركماني" في محافظة نينوى، كونه من "الأقليات المهددة من حزب العمال الكردستاني"، الذي يستوطن مناطق قريبة منه جغرافيا.
وأعرب الكثير من السياسيين العراقيين عن استيائهم من تصريحات أردوغان. كما عاد مسؤولون في الحشد الشعبي إلى التأكيد على مشاركة الحشد في تحرير الموصل، وطرد "القوات التركية المحلتة".
حنان الفتلاوي النائبة في البرلمان العراقي علقت على ذلك التصريح قائلة: "إن كان جيشك الذي تتفاخر به لا يأخذ أوامره من العبادي، فأدعوك للتهيؤ لاستقبال جنودك في توابيت خشبية".
الأربعاء 12/10/2016
عصائب أهل الحق هي جماعة سياسية مسلحة ذات مرجعية إسلامية شيعية، وهي حاليًا فصيل ضمن فصائل الحشد الشعبي.
أثار تصريح الخزعلي موجة استياء في الأوساط السنية، بعد تصريحاته التي ذكر فيها أن مسألة تحرير الموصل ليست أولوية للعراقيين، و مطالبته لرئيس الوزاء ببدء معركة لطرد الأتراك أولا، ثم التوجه الى الموصل لاحقاً.
الخميس 13/10/2016
أعلن النجيفي أن الوقت قد حان للعمل الفعلي للقوات التي يترأسها والتي أشرف على تدريبها الجانب التركي، بالإضافة لعدد من ضباط الجيش العراقي السابق في معسكر "بعشيقة". وأن المقاتلين من أبناء المدينة على أتم الاستعداد لتحرير مدينتهم.
وعلّق عبد العزيز حسن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي على تصريحات النجيفي بقوله:"تصريحات النجيفي تصرف شخصي، ومجموعته المسلحة خارجة عن القانون".
ورفض عضو لجنة الأمن والدفاع مشاركة مقاتلي الحشد الوطني في تحرير الموصل، واصفًا إياها بأنها "مجموعة خارجة عن القانون"، مبينًا أن الحكومة العراقية هي المعنية في تقرير الاتفاقات العسكرية، لا "الشخصيات المناطقية" من أمثال النجيفي.
الجمعة 14/10/2016
بعد أسبوع مليء بالتوتر والتصريحات المتعارضة، ورغم أن الاتفاقات مع قوات التحالف الدولي تفيد بعدم مشاركة الحشد الشعبي؛ صارت مشاركة الحشد ضرورية في نظر الحكومة العراقية أمرًا ضروريًا لطرد القوات التركية.
كما جاءت تصريحات الساسة العراقيين بوجوب مشاركة الحشد، بمثابة الضوء الأخضر لبقائها ضمن الاستعدادات الأخيرة لبدء المعركة الفاصلة؛ رغم وجود تخوفات من أن الأقليات التركمانية لن تكون بمأمن في ظل مشاركة الحشد الشعبي.
الأنظار كلها اتجهت نحو رئيس الوزراء حيدر العبادي لمعرفة مصير القوات الشيعية من المشاركة، فهو الشخصية المعنية بوضع النقاط على الحروف وتعيين أدوار البطولة في سيناريو النهاية. لكن المفاجئة جاءت بمحاولة اغتيال فاشلة، نجا منها العبادي يوم الجمعة في كركوك، حيث استُهدِف مبنى كان يتواجد فيه العبادي، بقصف لم يتبناه أحد -إلى الآن- بعد مغادرة العبادي المبنى بعشر دقائق!
الإثنين 17/1/2016
مرت الأيام التي تلت محاولة اغتيال العبادي دون أي جديد، ودون أن يجاب أي من الأسئلة المطروحة حول طبيعة المساومات التي جرت لتحديد موقف مشاركة القوات ذات الخلفيات الطائفية والعرقية المختلفة في معركة "تحرير الموصل"؛ حتى انطلقت المعركة بالفعل فجر اليوم بمشاركة الحشد الشعبي والبيشمركة، وغياب الحشد الوطني المدعوم من تركيا واكتفائه بتوعد قوات الحشد الشعبي والبيشمركة بالويل إن اقتربا من نينوى.
و انطلقت ساعة تحرير مدينة الموصل-آخر معاقل "تنظيم الدولة" في العراق- فجر يوم الإثنين، ولا تزال الأسئلة نفسها مطروحة، لتتكفل الأيام القادمة بإجابتها.