برخصة المشاع الإبداعي، ويكيبديا
دار القضاء العالي

"العفو الدولية" تطالب مصر بإلغاء "القيود الخانقة" على منظمات المجتمع المدني

قسم الأخبار
منشور الثلاثاء 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بتعديل قانون الجمعيات؛ لرفع القيود الصارمة المفروضة على منظمات المجتمع المدني المستقلة، والتي "تُعرقل الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وغيره من الحقوق، وتُعرّض مستقبل الحيز المدني في البلاد للخطر".

ويفصّل التقرير الجديد للعفو الدولية، المنشور بعنوان "اللي الأمن يقوله يتعمل: تقييد حرية تكوين الجمعيات المستقلة أو الانضمام إليها في مصر"، كيف تفرض السلطات قيودًا غير مبررة على الجمعيات المستقلة عبر القانون رقم 149 لسنة 2019 (قانون الجمعيات)، وباستخدام ممارسات أخرى تهدف إلى إخضاعها لرقابة الدولة شبه الكاملة.

وعلى الرغم من أن "إغلاق القضية رقم 173 في العام الماضي (المعروفة بقضية التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية)، بعد 13 عامًا من التحقيقات الجنائية التي لا أساس لها بشأن تمويل الجمعيات وأنشطتها، بدا وكأنه نقطة تحوّل محتملة، فإن قانون الجمعيات يمنح السلطات قبضةً خانقة على الجمعيات المستقلة، مما يقوّض حقها في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها"، وفق العفو الدولية.

وفي مارس/آذار 2024، أعلن المستشار أحمد قتلان، القاضي المنتدب للتحقيق في القضية المعروفة إعلاميًا بالتمويل الأجنبي، انتهاء التحقيقات التي فتحتها السلطات عام 2011 ضد عدد من المراكز الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، لعدم كفاية الأدلة، وبالتالي غلق القضية، وقال وقتها لـ المنصة المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت "سعداء برفع الظلم ورد الاعتبار، في انتظار اعتذار السلطات عن الضرر المعنوي والمادي".

وفي تقرير العفو الدولية المنشور اليوم الثلاثاء، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة سارة حشّاش إن رفع قرارات حظر السفر وتجميد الأصول بحق عاملين في الجمعيات "خطوة إيجابية"، لكنها أشارت إلى أن السلطات "تجاهلت الدعوات لتعديل قانون 2019 التقييدي، واستخدمته لفرض متطلبات مرهقة، والسماح للأجهزة الأمنية بالتدخل التعسفي في عمل الجمعيات ومراقبتها بصورة مستمرة"، مضيفة أن هذه الممارسات "تخنق العمل الحيوي للجمعيات، وتخلق مناخًا من الخوف والترهيب".

وأكدت أن القانون الدولي يشترط أن تكون أي قيود مفروضة على الجمعيات "محددة بدقة وضرورية للغاية لتحقيق هدف مشروع ومتناسبة"، داعية السلطات المصرية إلى تبني نظام للإخطار بدلًا من الترخيص المسبق، وإلى حماية الجمعيات من تدخلات قطاع الأمن الوطني، ورفع القيود غير المبررة على التمويل.

وتفرض الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي بوزارة التضامن الاجتماعي إجراءات للترخيص المسبق تُخالف، بحسب التقرير، المعايير الدولية وبنود الدستور المصري الذي ينص على منح الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمكّن هذه الإجراءات الدولة من رفض أو تأخير تسجيل الجمعيات، أو فرض قيود على عملها، أو منع التمويل، أو التدخل في تشكيل مجالس الإدارة، وصولًا إلى عزل بعض الأعضاء.

ويعزز هذا الوضع تدخلُ قطاع الأمن الوطني، الذي قال التقرير إنه يمارس مضايقات بحق أعضاء الجمعيات عبر مكالمات هاتفية تهديدية واستدعاءات غير رسمية واستجوابات تحت الإكراه. 

ويستند التقرير إلى مقابلات أجرتها المنظمة مع 19 شخصًا يمثلون 12 جمعية مستقلة تعمل في مجالات التنمية الاجتماعية والإعلام وحقوق الإنسان في القاهرة، خلال الفترة بين مارس ويوليو/تموز 2025، إضافة إلى مراجعة وثائق رسمية صادرة عن الجهات المشرفة على الجمعيات.

ولاقى قانون الجمعيات الأهلية اعتراضات حقوقية عدة، ففي 2019 أعلنت 10 منظمات حقوقية عن رفضها الكامل للقانون بالتزامن مع مناقشة البرلمان له ليكون بديلًا عن القانون رقم 70 لسنة 2017.

وأكدوا وقتها أن القانون ما هو إلا إعادة تسويق "للقانون القمعي الذي يحمل الفلسفة العدائية لمنظمات المجتمع المدني بهدف إخضاعها للأجهزة الأمنية"، كما اعتبروه تحايلًا على المادة 75 من الدستور التي تشترط تأسيس الجمعية بمجرد الإخطار.

ومن بين الاعتراضات الحقوقية على القانون وقت صدوره، وصفه بأنه يسمح للمسؤولين الحكوميين وأجهزة الأمن بالتدخل في الأعمال اليومية للمنظمات، ويعاقب أي موظف في منظمة ما يمتنع عمدًا عن تمكين الجهة الإدارية من متابعة وفحص أعمال الجمعية بغرامة من 50 ألفًا إلى 500 ألف جنيه.

واستقر عدد من أحكام القضاء الإداري، فيما قبل العمل بالقانون الحالي، على بطلان التدخلات الأمنية في إجراءات تأسيس وانتخاب أعضاء مجلس إدارات الجمعيات الأهلية، من بينها حكم سابق للمحكمة عام 2007، خاص باستبعاد مواطن من الترشح لمجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع المحلي بمنطقة شرق الاستاد في بنها لأسباب أمنية.