أدانت 20 منظمة حقوقية مصرية ودولية بشدة ما وصفته بـ"التوظيف غير المسبوق للبعثات الدبلوماسية المصرية كأدوات للقمع العابر للحدود" ضد المتظاهرين السلميين في الخارج، مطالبةً الحكومات المضيفة والأمم المتحدة بفتح تحقيقات عاجلة ومحاسبة المسؤولين.
واستند بيان مشترك أصدرته المنظمات إلى فيديو مسرب منسوب لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، يوجّه فيه موظفي السفارات بالتعامل بعنف مع المحتجين، قائلًا "هاته من قفاه ودخله على جوه ويتكتف ويتجاب الشرطة... طلع عين أبوه".
وعبرت المنظمات عن صدمتها من ذلك التوجيه، مؤكدة أنه تُرجم إلى اعتداءات فعلية في عدة عواصم عالمية، مما يمثل تصعيدًا خطيرًا في استهداف المعارضين.
وسلط البيان الضوء في هذا السياق على حوادث موثقة تظهر تحول السفارات إلى مراكز عمليات للقمع، أبرزها في لاهاي حين رد موظفو السفارة على متظاهرين بالاعتداء اللفظي، وتزامن ذلك مع اعتقال أفراد من عائلاتهم داخل مصر، قبل أن يتطور الأمر إلى حشد موالين للنظام لمواجهة المحتجين وتهديدهم.
وعدت المنظمات ما حدث أمام السفارة المصرية في نيويورك مثالًا آخر على ذلك، حين قام أفراد أمن البعثة المصرية بسحب مواطنيّن أمريكيَّين قسرًا إلى داخل المبنى والاعتداء عليهما بالضرب بسلسلة معدنية قبل تسليمهما للشرطة، وفي لندن كذلك حين اعتمدت السلطات على "موالين حكوميين" للاعتداء الجسدي على النشطاء في الأماكن العامة بالقرب من مواقع الاحتجاج.
ولم يقتصر الأمر على اعتداءات الخارج، حسب البيان الذي أكد أن تلك الوقائع صاحبتها وقائع داخل مصر شملت اعتقال وإخفاء فرد من عائلة صحفي مصري بالمنفى قسريًا، انتقامًا من عمله خارج البلاد، كجزء من نمط أوسع يشمل حرمان العائلات من الخدمات القنصلية واستهدافهم ببرامج تجسس.
وأكدت المنظمات الموقعة أن هذه الأفعال تمثل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، حيث يتم إساءة استخدام حصانة المباني الدبلوماسية التي تهدف إلى حمايتها من التدخل الخارجي، لا لتحويلها إلى "أماكن احتجاز أو أدوات إكراه".
وضمت قائمة المنظمات الموقعة على البيان منظمات مصرية من بينها المنبر المصري لحقوق الإنسان والجبهة المصرية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز النديم ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومنصة اللاجئين، إلى جانب منظمات دولية من بينها منظمة يوروميد للحقوق EuroMed Rights، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
وطالبت المنظمات في ختام بيانها باتخاذ إجراءات دولية منسقة، تشمل تحقيقات مستقلة من قبل حكومات هولندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الوقائع التي جرت على أراضيها، إلى جانب اتخاذ إجراءات مساءلة تشمل إعلان الدول المضيفة للدبلوماسيين المسؤولين عن الاعتداءات "أشخاصًا غير مرغوب فيهم".
كما طالبت المنظمات بتدخل أممي، عبر دعوة المقررين الخاصين في الأمم المتحدة للتحقيق في إساءة استخدام مصر للحصانة الدبلوماسية لارتكاب أعمال قمع، وإلزام الدول المضيفة بضمان سلامة المحتجين وقدرتهم على ممارسة حقوقهم دون ترهيب أو عنف من قبل الدبلوماسيين المصريين.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، واجهت السفارات المصرية في عدد من الدول الأوروبية حملة احتجاجات ومحاولات لحصارها وإغلاقها، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح معبر رفح على الحدود مع قطاع غزة وإيصال المساعدات للأهالي الذين يعانون من التجويع.
في المقابل، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر لم تدخر جهدًا لإنهاء الحرب في قطاع غزة وإدخال المساعدات العاجلة لأهالي القطاع، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو القادر على إيقاف الحرب وإدخال المساعدات وإنهاء معاناة الفلسطينيين.
ودافع السيسي خلال كلمة مصورة عن اتهام مصر بإغلاق معبر رفح في وجه إدخال المساعدات لغزة، قائلًا "منقدرش نمنع دخول مساعدات، لا أخلاقياتنا ولا القيم الأخلاقية أو الوطنية ولا الظرف يسمح بكده"، مؤكدًا أن إدخال المساعدات يتطلب تنسيقًا مع الجانب الآخر من المعبر والذي تسيطر عليه إسرائيل منذ السابع من مايو/أيار 2024.