تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفاوضات جارية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يومًا، ووجه بتسريع احتلال مدينة غزة، وسط تحذيرات دولية من خطورة الأمر وتدمير القطاع بالكامل وتهجير الفلسطينيين منه.
وتدرس إسرائيل مقترحًا مُحدثًا يقضي بوقف الحرب في قطاع غزة لمدة 60 يومًا، قدمه الوسطاء في مصر وقطر الأسبوع الجاري، ووافقت عليه حركة حماس، ويتضمن إطلاق سراح عشرة محتجزين إسرائيليين أحياء، إضافة إلى نصف عدد الجثامين التي تحتجزها المقاومة، مقابل إفراج إسرائيل عن مُعتقلين فلسطينيين، كما يتضمن انسحابًا إسرائيليًا من محور موراج ومنطقة رفح حتى حدود المنطقة العازلة.
وأعلن مكتب نتنياهو عبر إكس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أصدر تعليماته بتقليص المهلة الزمنية للسيطرة على معاقل حماس وهزيمتها، زاعمًا أنه لا يعتزم إقامة مستوطنات في القطاع، في تباين مع تصريحات سابقة لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش المؤيد لتوطين الإسرائيليين في غزة.
في السياق، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيفي ديفرين، أن الجيش شرع في تنفيذ الخطوات الأولى من العملية العسكرية الواسعة للسيطرة على مدينة غزة.
وأوضح ديفرين في مؤتمر صحفي أن القوات الإسرائيلية بدأت بالفعل في تطويق أطراف المدينة، وقال إن "حماس باتت قوة حرب عصابات مستنزفة" في إشارة إلى اشتباكات دارت مع مقاتلي الحركة جنوب خانيونس أمس.
وأكد أن جيش الاحتلال سيكثف هجومه على ما وصفه بـ"المعقل الحكومي والعسكري للمنظمة الإرهابية" في مدينة غزة.
وحسب رويترز، يمثل هذا الإعلان إشارة واضحة إلى أن إسرائيل ماضية في خطتها للسيطرة على أكبر مركز حضري في القطاع، على الرغم من الانتقادات الدولية المتصاعدة، وما قد يترتب عليها من نزوح جديد لعشرات آلاف الفلسطينيين.
وكان وزير الدفاع يسرائيل كاتس صادق على خطة تفصيلية للعملية، التي تحمل اسم "عربات جدعون 2"، ومن المقرر أن تشارك فيها خمس أو ست فرق عسكرية بدعم جوي كثيف، وتشير تقديرات الجيش إلى أن العملية قد تستمر ما بين أربعة وستة أشهر.
وتأتي هذه التحركات في ظل خطة اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي وأقرها المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت فجر الثامن من أغسطس/آب الجاري، لاحتلال مدينة غزة وبسط السيطرة الكاملة عليها.
وضمن التجهيز لهذه الخطة أعلن جيش الاحتلال السبت الماضي أنه سيزود الفلسطينيين في قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء ابتداء من الأحد استعدادًا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع "حفاظًا على أمنهم".
وأمس أعلن جيش الاحتلال استدعاء 60 ألف جندي من الاحتياط وتمديد أوامر الخدمة لعشرين ألفًا آخرين.
وعلى الأرض، صعّد جيش الاحتلال ضرباته الجوية والمدفعية على أطراف مدينة غزة، مركّزًا على أحياء الزيتون والصبرة جنوب المدينة، وبلدتي جباليا البلد وجباليا النزلة شمالًا.
كما ألقت طائرات مُسيّرة منشورات تطالب السكان الذين عادوا إلى تلك المناطق بالإخلاء مجددًا والتوجه إلى منطقة المواصي في جنوب القطاع.
في المقابل، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالعملية ووصفتها بأنها "وجه آخر لعملة الإبادة والتهجير والضم"، معتبرة أن الخطوات الإسرائيلية الأخيرة "لم تترك مجالًا لتردد المجتمع الدولي" وداعية إلى التحرك الفوري وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وحذّر جوليان ليريسون، مدير بعثة الصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، من أن تصعيد العمليات سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
وقال ليريسون إن أكثر من 80% من سكان غزة تأثروا بالفعل بأوامر الإخلاء، مؤكدًا أن فرض موجة نزوح جديدة في مدينة غزة "غير معقول" وقد يضاعف المخاطر على المدنيين والرهائن المحتجزين لدى "حماس".
من جانبها، اعتبرت حركة حماس أن الإعلان عن العملية يمثل "استهتارًا بالجهود العربية والدولية" الرامية إلى وقف إطلاق النار.
وفي بيان نشرته عبر تليجرام، اتهمت الحركة نتنياهو بتعطيل أي اتفاق محتمل، مشيرة إلى أنه "لا يأبه لحياة أسراه المحتجزين في غزة" وأنه يعرقل عمدًا مساعي الوسطاء للتوصل إلى هدنة.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة، واستأنفت حربها في القطاع، ولم يتمكن الوسطاء حتى الآن من إتمام هدنة أخرى أو اتفاق شامل يُجبر إسرائيل على إنهاء الحرب، رغم استمرار المفاوضات بهذا الشأن.