أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، في إشارة إلى السياسات الإثيوبية المتعلقة بإنشاء سد النهضة، مشددًا على أن القاهرة حرصت على أن يكون النيل مصدرًا للتعاون لا الصراع، وقال "مُخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي، وسنتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية".
وأضاف السيسي، خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه نظيره الأوغندي يويري كاجوتا موسيفيني، أن مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل، لكنها ترفض أن تؤثر تلك المشروعات على حصتها من المياه.
وأشار إلى حديث الرئيس الأوغندي عن حجم الأمطار التي تسقط على حوض النيل والتي قدرها بـ1600 مليار متر مكعب سنويًا، يتم تقسيمها إلى أجزاء تذهب إلى الغابات والمستنقعات ويُستخدم جزء منها في الزراعة والثالث يتبخر والرابع يصل للمياه الجوفية، أما الجزء اليسير بمقدار 85 مليار متر مكعب فهو الذي يصل إلى النيل الأبيض والأزرق وهو ما نتحدث عنه الآن.
وأوضح السيسي أن هذا الجزء لا يتجاوز 4 أو 5% من إجمالي المياه في حوض النيل، وهو ما يصل إلى مصر والسودان، مردفًا "حينما نطلب وصول هذا القدر إلى مصر والسودان من أجل العيش بهم لا يعني رفضنا التنمية في دول الحوض أو رفض الاستفادة من المياه المتاحة لديهم سواء كان في الزراعة أو في إنتاج الكهرباء".
وأردف "لن نتخلى عن أي جزء من حصتنا، فالتخلي عنها يعني التخلي عن حياتنا؛ لأن ليس هناك سبيل آخر لنا".
واستطرد بأن مصر تواجه ضغوطًا كثيرة، وقد تكون المياه جزءًا من حملة ضغوط لتحقيق أهداف أخرى، ونحن مدركون لذلك، مضيفًا "أؤكد مرة أخرى أننا دائمًا ضد التدخل في شؤون الآخرين وضد التآمر على الآخرين، وضد الهدم والتدمير، فنحن مع البناء والتعاون والتنمية حيث إن بلداننا في إفريقيا قد كفاها سنوات طويلة من الاقتتال والصراع".
لكنه اختتم حديثه في هذه النقطة بالتأكيد "لن نسمح أبدًا بأن يتم المساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين مصري، و10 ملايين تقريبًا من الضيوف.. فلا نُسميهم باللاجئين".
وخلال المؤتمر، كشف السيسي عن استعداد مصر للمساهمة في تمويل مشروع سد أنجلولو بين أوغندا وكينيا، عبر آلية استثمار مصرية بقيمة أولية 100 مليون دولار، كما أعلن عن توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع أوغندا في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية بقيمة 6 ملايين دولار على خمس سنوات.
وشهدت زيارة الرئيس الأوغندي توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجالات إدارة الموارد المائية، والزراعة، والاستثمار، والإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، والتعاون الدبلوماسي.
وأكد السيسي ثقته في الدور الذي تلعبه أوغندا لقيادة العملية التشاورية في مبادرة حوض النيل، ودعا إلى استعادة الشمولية والتوافق بين دول الحوض، قائلًا "نعيش جميعًا، وننمو جميعًا، ونتعاون جميعًا من أجل ازدهار واستقرار بلادنا".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدةً في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وفي مارس/آذار الماضي، أقرّ وزير الري هاني سويلم بتأثر مصر ببناء السد الإثيوبي، لكنه قال إن "الدولة قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%.