سمح جيش الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، بدخول أكثر من 120 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة، من بينها 44 شاحنة وصلت عن طريق مصر، بينما وصل الباقي عن طريق منظمات دولية، وتعرضت معظم الشاحنات للنهب والسرقة من قبل مواطنين وقُطاع طرق، حسبما أفاد مصدر في منظمة دولية لـ المنصة.
وقال المصدر، طالبًا عدم نشر اسمه، إن الشاحنات التي وصلت القطاع حملت الطحين والمواد الغذائية المتنوعة، فيما حملت شاحنات أخرى المكملات الغذائية والبامبرز وغيرها من المساعدات الإنسانية الضرورية.
وأوضح أن عددًا محدودًا جدًا من الشاحنات وصلت إلى وجهتها في مخازن المنظمات الدولية، فيما تعرضت غالبيتها لعمليات نهب، وقال ثلاثة شهود عيان من مناطق مختلفة لـ المنصة إن قُطاع طرق وعصابات منظمة هاجمت الجوعى خلال حصولهم على المساعدات بالأسلحة البيضاء بهدف السيطرة على أكبر كمية من المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار باهظة.
وأكد مصدر طبي بمستشفى القدس بمدينة غزة لـ المنصة استقبال أكثر من 70 مصابًا تعرض غالبيتهم لعمليات طعن بالسكاكين خلال مرور الشاحنات في منطقة النابلسي جنوب غرب المدينة.
وأكد مصدر طبي ثانٍ في مُجمع ناصر الطبي بخانيونس لـ المنصة "ارتكاب جيش الاحتلال مجزرة بحق طالبي المساعدات"، ووصل المجمع الطبي 35 ضحية وأكثر من 40 مصابًا نتيجة تعرضهم لإطلاق نار وشظايا من قذائف مدفعية إسرائيلية خلال انتظارهم وصول شاحنات المساعدات في منطقة كف موراج.
وحول المجزرة، أوضح شاهد عيان أنه وبعد احتشاد مئات السكان من مختلف الفئات والأعمار، وقبل وصول شاحنات المساعدات الإنسانية، مساء الاثنين، أطلق جنود الاحتلال قذائف المدفعية والرصاص بشكل كثيف تجاه منتظري المساعدات بشكل مباشر، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات.
وبعد ارتكابه للمجزرة، سمح الاحتلال بمرور الشاحنات بين الضحايا والجرحى، لتتعرض للنهب في المكان ذاته، وذلك نتيجة لسياسات التجويع التي يمارسها ضد سكان القطاع منذ عدّة أسابيع.
ويواجه الفلسطينيون في غزة إلى جانب المجاعة التي تفرضها إسرائيل على سكان القطاع قصفًا شبه يومي من جيش الاحتلال عند نقاط توزيع المساعدات، سواء بإطلاق الرصاص المباشر أو القصف الجوي أو إصدار أوامر للشاحنات بدهس النازحين الباحثين عن كرتونة مساعدات، ما أسفر عن مقتل المئات.
وقالت امرأة غزاوية لـ المنصة إنها وجدت نفسها مضطرة للقدوم إلى مناطق دخول الشاحنات بعدما فقدت زوجها في قصف إسرائيلي سابق وحاجة أطفالها للطعام.
وأشارت إلى أن أطفالها منذ عدة أسابيع لا يأكلون إلا فتات الطعام بسبب عدم توفره، وعدم توفر مصدر دخل للعائلة يمكنها من شراء احتياجاتها، مضيفة "كيف بدي أطعم ولادي إذا ما عنا مُعيل ولا في حد سائل عنا، والشاحنات كل يوم بتنسرق، أنا مجبورة آجي أجري ورا الشاحنات".
ومع انعدام الخيارات أمامها واضطرارها الوصول إلى ممر دخول شاحنات المساعدات، ونجاتها بأعجوبة من قذيفة مدفعية أطلقها الاحتلال، لم تتمكن من الحصول على أي من المساعدات الواردة نتيجة التزاحم الكبير من السكان في مقابل محدودية من الطرود الغذائية.
وفي شمال القطاع بدأت مجموعات من العائلات والعشائر بمدينة غزة منذ ساعات صباح الاثنين في الانتشار بمنطقة السودانية القريبة من حاجز زيكيم، في محاولة لتأمين وصول شاحنات المساعدات إلى وجهتها حيث مخازن المنظمات الدولية، ومنع عمليات السرقة والنهب.
وقال مصدر صحفي لـ المنصة إن الاحتلال وبعد انتشار مجموعات تأمين العشائر ومنعهم وصول السكان ماطل في السماح للشاحنات بالدخول عبر الحاجز عدة ساعات، ليسمح بدخولها قبل هبوط الليل بوقت قصير.
وأفاد المصدر باستهداف نفذته طائرة استطلاع إسرائيلية لمجموعة من عناصر التأمين التابعة للعشائر على دوار السودانية بعد الساعة السابعة مساءً مع تقدم للزوارق الحربية من البحر باتجاه شاطئ البحر وإطلاق الرصاص.
وخلال عملية انتشال الضحايا، حيث قتل 11 من عناصر التأمين وأصيب آخرون، سمح الاحتلال بدخول عدد من الشاحنات لتعم الفوضى وعمليات النهب في المكان، موضحًا أن الاحتلال تعمد إحداث فوضى تؤدي إلى النهب وعدم وصول المساعدات إلى مخازن المنظمات الدولية.
واستنكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان على واتساب اطلعت عليه المنصة، استمرار جيش الاحتلال في استهداف عناصر التأمين وتعمده فتح الحاجز والسماح للشاحنات بالمرور بعد استهدافهم بشكل مباشر.
واعتبر الحادثة "نموذجًا واضحًا وممنهجًا، على أنّ الاحتلال يسعى وبشكل واعٍ ومتعمد إلى نشر حالة الفوضى وهندسة المجاعة، ومنع وصول المساعدات إلى المخازن والمستودعات وبالتالي إلى مستحقيها، الأمر الذي يشكل جريمة متعمدة وبشكل مستمر بحق السكان المدنيين المحاصرين"، حسب وصف البيان.
في السياق، كثف جيش الاحتلال عمليات القصف والاستهدافات لشقق سكنية ومنازل وخيام النازحين في خانيونس جنوبًا، ما أدى إلى مقتل نحو 40 شخصًا وإصابة عدد آخر، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض، حسبما أوضح مصدر في الإسعاف لـ المنصة.
ووصل إلى مستشفيات القطاع أكثر من 110 ضحايا وعشرات الإصابات خلال يوم الاثنين وحتى فجر الثلاثاء، حيث تعرضت عدد من الشقق السكنية في مدينة غزة ومخيم النصيرات للاستهداف المباشر من الطائرات المروحية فجرًا، مخلفًا عددًا من الضحايا والإصابات، حسبما أفاد مصدر في وزارة الصحة لـ المنصة.
وأول أمس أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن هدنة في غزة قال إنها "لأغراض إنسانية"، وقال إن "التعليق التكتيكي للأنشطة العسكرية يشمل المناطق التي لا يتحرك فيها جيش الدفاع وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة وسيكون يوميًا حتى إشعار آخر"، موضحًا "سيبدأ اعتبارًا من اليوم تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية لأغراض إنسانية من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الساعة الثامنة مساء، تم تنسيق القرار مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بعد مباحثات بهذا الشأن".
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة، واستأنفت حربها في القطاع التي بدأتها منذ السابع من أكتوبر 2023.
وخلال الأيام الماضية ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، عادت المطالبات بفتح معبر رفح إلى الواجهة على السوشيال ميديا، لكن الحكومة المصرية تؤكد دومًا أن المعبر مفتوح من الجانب المصري ولم يتم إغلاقه طوال الأزمة في غزة، وأن الجانب الفلسطيني تسيطر عليه إسرائيل منذ السابع من مايو/أيار 2024.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس ردًا على المطالبات والمناشدات بفتح معبر رفح وإدخال المساعدات إن "مصر تُصر على المشاركة الإيجابية في ملف الحرب على غزة مع قطر والولايات المتحدة منذ السابع من أكتوبر 2023، وذلك في ثلاث نقاط تتمثل في إيقاف الحرب وإدخال المساعدات والإفراج عن الرهائن".