تواصلت الخلافات داخل حزب الوفد بعد تراجع رئيس الحزب عبد السند يمامة عن قراره السابق بالاحتكام للجمعية العمومية وطرح الثقة في نفسه، في أعقاب انتقادات حادة من الهيئة العليا خلال اجتماع عاصف عُقد الأربعاء الماضي، طالبته فيه بالاستقالة على خلفية حصول الحزب على مقعدين فقط في "القائمة الوطنية من أجل مصر"، التي تخوض انتخابات مجلس الشيوخ وحدها.
واتهمت الهيئة العليا يمامة بسوء إدارة الحزب، وهو ما انعكس على تمثيل الوفد الضعيف في القائمة الانتخابية مجلس الشيوخ بحصوله على مقعدين فقط في القائمة التي يشارك فيها 13 حزبًا سياسيًا. وطالب عدد من أعضائها رئيس الحزب بالاستقالة.
وعلى إثر ذلك، أعلن يمامة عزمه الاحتكام للجمعية العمومية للتصويت على سحب الثقة منه، قبل أن يتراجع عن هذا القرار في اليوم التالي ويحذف البيان من الصفحة الرسمية للحزب على فيسبوك، مما زاد من حدة التوتر داخل الوفد.
إلى ذلك، كشف طارق تهامي، عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا للحزب، أن الهيئة ستعقد "اجتماعًا مهمًا" يوم الاثنين المقبل لاستكمال إجراءات سحب الثقة من رئيس الحزب، مشيرًا في تصريحات إلى المنصة إلى أن هذه الخطوة جاءت بناءً على طلب يمامة نفسه في الاجتماع السابق، "هو بنفسه اللي طلب كده".
لكن رئيس الحزب يرى أن تراجعه عن قرار طرح الثقة يلغي قانونيًا أي إجراءات لاحقة، بما فيها اجتماع الهيئة العليا، مؤكدًا لـ المنصة "الاجتماع لاغٍ من الناحية القانونية بعد تراجعي، القرار كان شخصيًا وليس من اختصاص الهيئة العليا، وعدلت عنه".
ورفض يمامة التعليق على آراء بعض أعضاء الهيئة الذين يصرون على عقد الاجتماع، قائلًا "أنا بجاوبك إجابة قانونية، الأثر القانوني لعدولي.. أثره بالوجوب، مفيش حاجة تاني"، وقال "قرار طرح الثقة ليس قرار للهيئة العليا لكنه قرار شخصي موجه للهيئة الوفدية وعدلت عنه، وبالتالي لا يستلزم موافقة الهيئة لإلغائه".
غير أن تهامي رفض هذا الطرح، مشددًا على أن القرار أصبح بيد الهيئة العليا التي وافقت عليه رسميًا في جلسة حضرها 43 من أصل 60 عضوًا، متجاوزة النصاب القانوني المطلوب، وقال إن يمامة لا يملك التراجع منفردًا بعد موافقة الهيئة العليا.
وهاجم تهامي تصريحات يمامة التي قلل فيها من عدد معارضيه داخل الهيئة بقوله لـ المنصة الخميس الماضي، "إن عددهم لا يتجاوز 17 عضوًا"،وقال هذا غير صحيح، وهذا الكلام لا يجب أن يُقال من رئيس حزب عن أعضاء هيئة عليا وقعوا على سحب الثقة منه بالفعل، ثم يقول إنهم لم يوقعوا"، مؤكدًا أن "أكثر من 30 عضوًا صوتوا لصالح سحب الثقة".
وبمقارنة الموقف الحالي بما حدث في انتخابات الرئاسة الأخيرة التي شهدت أزمة داخلية كادت تؤدي لانشقاق الحزب بعد قرار يمامة بالترشح دون الرجوع للهيئة العليا، قال تهامي إن الأمر كان مختلفًا "رئيس الحزب حينها خالف اللائحة بشكل صريح برفضه عرض ترشحه على الجمعية العمومية، ولم يصعّد الحزب الموقف آنذاك ليس من أجله ولكن من أجل الشكل العام".
أما في هذه الواقعة، يقول تهامي "اللائحة في صف الهيئة العليا لأن رئيس الحزب هو من طلب طرح الثقة بنفسه، والهيئة وافقت".
وشدد على أن هناك إجماعًا داخل الهيئة العليا على ضرورة رحيل يمامة، معتبرًا أن أداءه في التفاوض على قوائم الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ كانت "القشة التي قسمت ظهر البعير"، مشيرًا إلى أن تكرار الأخطاء على مدى ثلاث سنوات ونصف، وغياب أي نشاط حقيقي للحزب، بالإضافة إلى أدائه الذي وصفه بـ"السيئ جدًا" في انتخابات الرئاسة وحصوله على الترتيب الأخير.
فيما يستبعد يمامة تفاقم الأزمة وحدوث انشقاقات داخلية قبل الاستحقاقات الانتخابية، وقال "أنا مش متخوف من حاجة، دي مسائل مفتوحة وكل واحد يعبر عن وجهة نظره وإحنا بنقبل الرأي الآخر".
واعتبر أن حزب الوفد ما زالت أمامه فرصة للحصول على تمثيل مناسب في انتخابات مجلس النواب "لسة الأمور لم يتم مناقشتها لسة بدري، لكن طبعًا لدينا فرصة".
ويبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ 300، ينتخب مائة منهم بنظام القائمة المغلقة المطلقة، ومائة بالنظام الفردي، فيما يعيّن رئيس الجمهورية المائة المتبقين، بعد نهاية الانتخابات.
ومساء الخميس الماضي، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، مشيرة إلى أن 469 مرشحًا تقدموا بأوراق ترشحهم على النظام الفردي فيما تقدمت قائمة واحدة على مستوى القوائم وهي "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي استحوذ فيها حزب مستقبل وطن على النصيب الأكبر بأكثر من 40 مرشحًا.
وضمت القائمة 19 مرشحًا لحزب حماة الوطن و12 للجبهة الوطنية و11 لتحالف الطريق الديمقراطي بواقع خمسة للمصري الديمقراطي الاجتماعي، وأربعة لكل من حزبي العدل والإصلاح والتنمية، فيما حصل كل من التجمع والوفد والحرية المصري على مقعدين لكل منهم، وذهب مقعد واحد إلى حزب إرادة جيل.