طالبت الحكومة الأمريكية، أمس، جامعة هارفارد بتقديم سجلات مفصلة عن الطلاب الأجانب المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، التي وصفتها إدارة الرئيس دونالد ترامب بأنها "تحمل طابعًا معاديًا للسامية"، في أحدث فصول التصعيد السياسي والاقتصادي بين الإدارة الحاكمة والجامعة العريقة.
وأوضحت وزارة الداخلية الأمريكية في بيان رسمي أنها ستوجه أمرًا مباشرًا لهارفارد بالامتثال، بعدما تجاهلت الجامعة طلبات سابقة لتقديم معلومات تتعلق بطلاب أجانب يُزعم تورطهم في الدعوة إلى "العنف والإرهاب" من خلال مظاهرات داخل الحرم الجامعي.
وقالت الداخلية الأمريكية في بيان "سترسل الوزارة الآن إيعازا يأمر هارفارد بالامتثال، بعد عدة طلبات سابقة لتقديم معلومات عن طلاب أجانب"، مضيفة أن "جامعات عدة، من بينها هارفارد، سمحت للطلاب الأجانب باستخدام امتيازاتهم في التأشيرات للدعوة إلى العنف والإرهاب داخل الحرم الجامعي".
وشمل الطلب الحكومي "سجلات ومراسلات ومستندات" منذ الأول من يناير/كانون الثاني 2020 تتعلق بتنفيذ قوانين الهجرة في الجامعة، مع التركيز على مشاركة الطلاب الأجانب في أنشطة احتجاجية، خصوصًا تلك التي شهدتها هارفارد منذ اندلاع الحرب في غزة.
ووصف بيان الوزارة مظاهرات الجامعات الأمريكية، وعلى رأسها هارفارد، بأنها تجاوزت حدود حرية التعبير، متهمًا إداراتها بالسماح بما سماه "انتهاكًا للحقوق المدنية للطلاب اليهود".
وفي خطوة إضافية، طلبت الإدارة الأمريكية من اللجنة المعنية بالاعتماد الجامعي النظر في سحب اعتماد جامعة هارفارد، بدعوى إخفاقها في حماية طلابها من "التحريض والتمييز"، وهو ما أثار موجة انتقادات من داخل الأوساط الأكاديمية.
من جانبها، أعربت هارفارد في بيان مقتضب عن رفضها لهذه الاتهامات، معتبرة أن مطالب الحكومة "غير مبررة"، لكنها أكدت التزامها بالتعاون ضمن الأطر القانونية.
ويأتي هذا التصعيد بعد سلسلة قرارات رئاسية اتخذها دونالد ترامب منذ بداية ولايته، من بينها إلغاء عقود ومنح فدرالية بقيمة نحو 2.2 مليار دولار كانت مخصصة لهارفارد، فضلًا عن تشديد القيود على قبول طلاب أجانب جدد، الذين يشكلون نحو 27% من إجمالي عدد الطلاب.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أقامت جامعة هارفارد، دعوى قضائية ضد قرار إدارة ترامب تجميد معونات للجامعة بقيمة 2.2 مليار دولار بداعي رفضها الرضوخ لأوامر الرئيس الأمريكي المتعلقة بالقضاء على "معاداة السامية" في الحرم الجامعي، ما وصفته الجامعة بأنه "تعسفي ومتقلب وينتهك حقوقها".
ومنذ نهاية يناير الماضي، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يتعلق بـ"مكافحة معاداة السامية"، يتيح ترحيل الطلاب الذين يشاركون في مظاهرات داعمة لفلسطين، متعهدًا بترحيل المتظاهرين الأجانب المؤيدين للفلسطينيين، واتهمهم بـ"دعم حركة حماس وتشكيل عقبات أمام السياسة الخارجية الأمريكية ومعاداة السامية".
ففي 8 مارس/آذار الماضي، اعتقلت السلطات الأمريكية الطالب محمود خليل، الذي قاد احتجاجات تضامنية بجامعة كولومبيا العام الماضي، تنديدًا بالإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بغزة، قبل أن تقضي محكمة بالإفراج عنه في 20 يونيو/حزيران الماضي، بعدما أقرت بأنه لم يُتهم بارتكاب أي عنف، وأن "الأدلة المقدمة لا تُثبت أنه يشكل خطرًا على المجتمع، كما لم تُلب الحكومة معايير الاحتجاز بوضوح".
كما أوقفت جامعة ييل في أمريكا الباحثة هيليه دوتاجي المختصة في القانون الدولي، عن العمل ومنعتها من دخول الحرم الجامعي، بدعوى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ومنتصف مارس الماضي أعلنت إدارة الهجرة الأمريكية اعتقال الطالبة لقاء كردية لمشاركتها في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا، إضافةً إلى إلغاء تأشيرة رانجاني سرينيفاسان، وهي مواطنة هندية وطالبة دكتوراة، في 5 مارس الجاري، بداعي "الترويج للعنف والإرهاب".
ونهاية الشهر نفسه، أقامت طالبة أمريكية من أصول كورية جنوبية دعوى قضائية ضد إدارة ترامب لمحاولتها ترحيلها بسبب مشاركتها في احتجاجات طلابية بجامعة كولومبيا لتأييد فلسطين ومعارضة العدوان الإسرائيلي.
وشهدت الاحتجاجات الحاشدة في الجامعات لإدانة الإبادة الجماعية في غزة قمعًا غير مسبوق، مع اعتقال مئات الطلاب وعدد من الأكاديميين، قبل الإفراج عنهم لاحقًا.