أفرجت السلطات الأمريكية عن الناشط الطلابي الفلسطيني محمود خليل، ليغادر مركز احتجاز المهاجرين في ولاية لويزيانا الأمريكية أمس بعد ساعات من حكم قضائي بالإفراج عنه، اعتُبر على نطاق واسع تقويضًا لسياسات إدارة الرئيس ترامب بملاحقة للطلاب المشاركين في احتجاجات رافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة داخل جامعات الولايات المتحدة وترحيلهم من البلاد.
وقررت محكمة جزئية أمريكية في نيوجيرسي أمس إطلاق سراح خليل، الذي اعتقل في نيويورك يوم 8 مارس/آذار الماضي، بعدما أقرت بأنه لم يُتهم بارتكاب أي عنف، وأن "الأدلة المقدمة لا تُثبت أنه يشكل خطرًا على المجتمع، كما لم تُلب الحكومة معايير الاحتجاز بوضوح".
وقبض على خليل بعد صدور أمر تنفيذي من وزارة الخارجية بترحيله على خلفية مشاركته في الاحتجاجات الطلابية المناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، في إطار مساعي إدارة ترامب للتضييق على الاحتجاجات الطلابية الواسعة ضد إسرائيل بزعم معاداتها للسامية، وذلك عبر ملاحقة الطلاب الأجانب وترحيلهم، بالإضافة إلى الضغط على الجامعات.
ولكنَّ خليل طعن على الأمر التنفيذي، ليصدر قرار قضائي بعد يومين بوقف إجراءات الترحيل مؤقتًا حتى نظر الدعوى، التي صدر الحكم فيها اليوم بعد 104 أيام من الاحتجاز.
من ناحيته، استنكر البيت الأبيض على لسان المتحدثة باسمه أبيجيل جاكسون، قرار الإفراج عن خليل الذي تصرّ الإدارة الأمريكية على ترحيله بتهمة ممارسة "سلوك يضر بمصالح السياسة الخارجية الأمريكية والحصول على تأشيرة دراسية عن طريق الاحتيال".
ونفى البيت الأبيض في البيان الذي أصدرته جاكسون، اختصاص المحكمة في القضية، وأكد أنه سيستأنف الحكم؛ "لا أساس لأمر قاضٍ اتحادي محلي في نيوجيرسي، غير مختص قضائيًا، بالإفراج عن خليل من مركز احتجاز في لويزيانا". وأضاف "نتوقع تأكيد صحة موقفنا في الاستئناف، ونتطلع إلى ترحيل خليل من الولايات المتحدة"، ما يعني استمرار إجراءات سلطات الهجرة بحقه.
وحسب رويترز، قال خليل عند إطلاق سراحه في بلدة جينا في ريف لويزيانا "رغم أن العدالة انتصرت، فإن ذلك تأخر كثيرًا جدًا، ما كان ينبغي أن يستغرق ذلك ثلاثة أشهر".
وندد خليل، الذي كان يرتدي الكوفية ويرفع قبضته اليمنى أثناء اقترابه من الصحفيين خارج مركز الاحتجاز حسب وصف رويترز، بسياسات الهجرة العنصرية لإدارة ترامب، وقال إنه يترك وراءه مئات الرجال الموجودين في مركز الاحتجاز الذين لا ينبغي أن يكونوا هناك.
وأضاف "تبذل إدارة ترامب قصارى جهدها لتجريد الجميع هنا من إنسانيتهم، لا أحد غير قانوني، لا يوجد إنسان غير قانوني"، مردفًا "بمجرد دخولك إلى هناك (الحجز)، ترى واقعًا مختلفًا عن هذا البلد الذي يفترض أنه يدافع عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة".
وقال محامو خليل إن موكلهم، الذي وُلد في سوريا، يعتزم العودة إلى نيويورك ليكون إلى جانب زوجته وابنهما الرضيع الذي وُلد خلال فترة احتجازه.
وبالإضافة إلى خليل، تعرض عشرات الطلبة والأكاديميين المؤيدين لفلسطين لإجراءات مماثلة. فقد أوقفت جامعة ييل الباحثة هيليه دوتاجي المختصة في القانون الدولي عن العمل، ومنعتها من دخول الحرم الجامعي، بدعوى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وفي منتصف مارس الماضي، أعلنت إدارة الهجرة الأمريكية اعتقال الطالبة لقاء كردية لمشاركتها في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا، إضافةً إلى إلغاء تأشيرة رانجاني سرينيفاسان، وهي مواطنة هندية وطالبة دكتوراة، في 5 مارس الماضي، بداعي "الترويج للعنف والإرهاب".
ونهاية الشهر نفسه، أقامت طالبة أمريكية من أصول كورية جنوبية دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأمريكي ترامب لمحاولتها ترحيلها بسبب مشاركتها في احتجاجات طلابية بجامعة كولومبيا لتأييد فلسطين ومعارضة العدوان الإسرائيلي.
وشهدت الاحتجاجات الحاشدة في الجامعات لإدانة الإبادة الجماعية في غزة قمعًا غير مسبوق، مع اعتقال مئات الطلاب وعددًا من الأكاديميين، قبل الإفراج عنهم لاحقًا، وتعهد ترامب بترحيل المتظاهرين الأجانب المؤيدين للفلسطينيين، واتهمهم بـ"دعم حركة حماس وتشكيل عقبات أمام السياسة الخارجية الأمريكية ومعاداة السامية".