طالبت 23 منظمة حقوقية بإسقاط كل التهم والأحكام الصادرة غيابيًا بحق الناشر هشام قاسم، ووقف الملاحقات القضائية ذات الطابع الانتقامي بحقه، وضمان أن أي إجراءات قانونية تُتخذ ضده لا تُستخدم كأداة للانتقام السياسي.
وأصدرت الدائرة الخامسة جنايات بمحكمة القاهرة الاقتصادية، مؤخرًا، حكمًا جديدًا، لكن غيابيًا هذه المرة، بحبس قاسم 6 أشهر مع الشغل وتغريمه 20 ألف جنيه، بتهمة "سب وقذف وإزعاج وزيرة القوى العاملة والهجرة السابقة ناهد العشري"، حسبما قال المحامي الحقوقي ناصر أمين، وكيل قاسم في القضية لـ المنصة في وقت سابق.
كما يُلزم الحكم قاسم بسداد 40 ألف جنيه أخرى على سبيل التعويض المدني المؤقت للوزيرة السابقة، وحددت المحكمة كفالة 5 آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الاستئناف عليه.
ويعد هذا الحكم الثاني من نوعه الذي تصدره المحكمة ضد قاسم، إذ سبق لها الحكم عليه بالحبس 6 أشهر في 16 سبتمبر/أيلول 2023 بتهمة "سب وقذف وإزعاج وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة، والتعدي بالقول على قوة تابعة لقسم شرطة السيدة زينب".
كانت نيابة الشؤون الاقتصادية، المختصة بالتحقيق في قضايا السوشيال ميديا، أحالت قاسم في 30 مارس/آذار الماضي للمحاكمة بتهمة "سب وقذف الوزيرة السابقة بعد أن اتهمها بالسرقة والاستيلاء على المال العام وقت تقلدها المنصب الوزاري" عبر مقال على حسابه الشخصي على فيسبوك.
وكان ذلك القرار محل إدانة حقوقية من قبل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي نددت وقتها بتجدد ملاحقة قاسم للمرة الثانية، بتقديمه متهمًا أمام محكمة جنايات بنفس "الاتهامات المسيسة" التي دانه فيها القضاء قبل عام ونصف العام وقضى بسببها عقوبة
وقالت المنظمات الحقوقية في بيانها أمس إن "الحكم الغيابي الأخير بحق قاسم يكرس لنمط متصاعد من القمع العابر للحدود للمعارضين بالخارج".
وأكدت أن الملاحقات القضائية المتكررة لهشام قاسم، وصدور أحكام متتالية بحقه في قضايا تتعلق بتعبيره السلمي عن الرأي "يكشف تصعيدًا خطيرًا في حملة السلطات المصرية المستمرة لإسكات الأصوات الناقدة ومعاقبة المعارضة السياسية. والقضية الأخيرة تؤكد مجددًا كيف تُستخدم قوانين مثل السب والقذف، إلى جانب نصوص قانونية فضفاضة مثل الإزعاج، كأدوات لقمع حرية التعبير وتكميم الخطاب السياسي، حتى عندما يقتصر الأمر على انتقادات منشورة عبر الإنترنت".
واعتبرت المنظمات أن استخدام هذه "الاتهامات المطاطة" يأتي كمحاولة لإثناء قاسم وغيره "عن طرح القضايا الاقتصادية والسياسية الشائكة؛ التي تتعلق بتدخل المؤسسة العسكرية في الاقتصاد وسيطرة الرئيس وأحزاب الموالاة على الساحة السياسية، وغياب أي مساحة للرقابة والمساءلة، الأمر الذي تسبب في تغول الفساد وغياب حكم القانون"، وفق البيان.
وقالت المنظمات إن هذه الملاحقات القضائية "تمثل بعدًا جديدًا في سياسة تكميم الأفواه، إذ تهدف إلى إرسال رسائل ترهيب لا تقتصر على الداخل المصري، بل تمتد إلى الجاليات والمنفيين والمعارضين في الخارج، ما يكرّس نمطًا متصاعدًا من القمع العابر للحدود".
وطالبت المنظمات كذلك بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين بسبب آرائهم السياسية وتعبيرهم السلمي، ووضع حد لسياسة توظيف القضاء كوسيلة لقمع المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، و"وقف توظيف القوانين الفضفاضة مثل؛ قانون مكافحة الإرهاب، وقانون التظاهر، وقانون العقوبات، وقانون التجمهر، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، للانتقام من النشطاء والمعارضين، وتعديلها لتتفق مع المعايير الدولية".
كما دعت المجتمع الدولي، خاصة شركاء مصر الدوليين، إلى الضغط على الحكومة المصرية من أجل احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتنفيذ التوصيات والقرارات الأممية ذات الصلة.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان "المنبر المصري لحقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، حقهم، مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، الديمقراطية الرقمية الآن، مركز النديم، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مركز الخليج لحقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان".