حساب Monir Shouk على فيسبوك
هدم مقابر باب النصر، أبريل 2025

من باب النصر للروبيكي.. الهدم مستمر و20 ألف جنيه لنقل رُفات الموتى

دينا شعبان
منشور الثلاثاء 13 مايو 2025

تتواصل أعمال هدم مقابر باب النصر، وبينما تقول محافظة القاهرة إن المشروع يندرج ضمن خطط تطوير العاصمة، يرى خبراء أن ما يحدث هو "طمس لذاكرة الأمة لصالح بناء مولات وجراجات"، وسط شكاوى من سوء تجهيز جبانات الروبيكي، بديل مقابر باب النصر، واستغلال سماسرة نقل الرفات الموقف بفرض إتاوات على الأهالي.

تدمير منهج.. وتوثيق محظور

وصف مسؤول سابق بوزارة السياحة والآثار، في تصريح لـ المنصة، المشهد في مناطق المقابر التاريخية بالقاهرة بـ"الجريمة كاملة الأركان"، واعتبره "تدميرًا ممنهجًا" لإنشاء مولات تجارية وفنادق ومنشآت خدمية.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن عمليات هدم مقابر باب النصر تجري على خمس مراحل، وبلغت نسبة الإزالة حتى الآن نحو 30%، مضيفًا أن "الهدف إخلاء المساحة لبناء جراج يخدم مولًا تجاريًا ومجموعة فنادق جديدة على بُعد أمتار من جامع الحاكم بأمر الله دون إشراف أثري أو تنسيق مع الجهات المختصة".

وأكد أن نسبة كبيرة من هذه المقابر، وإن لم تكن مسجلة آثارًا بالمعنى الرسمي، فإنها تمثل "تراثًا لا يقدر بثمن".

ما يزيد القلق، حسب المصدر، هو أن "أي محاولة للتوثيق تُقابل بمنع وتصعيد أمني. باحثين حاولوا يصوروا وتمت مصادرة هواتفهم، وده حصل قبل كده في مقابر الإمام الشافعي".

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، طالبت أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ونحو 700 من المعماريين ونشطاء حقوق الإنسان والأفراد بضرورة التحرك العاجل لوقف هدم جبانات القاهرة التاريخية، بعد مشاهد هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، بمقابر الإمام الشافعي، التي أعلن وزير الثقافة أحمد هنو، وقتها، وقف عمليات الهدم بها مؤقتًا، لحين التنسيق مع الجهات المعنية.

وقال المسؤول السابق بوزارة الآثار "حتى المآذن التاريخية ما سلمتش، زي مأذنة قنصوة الغوري اللي هُدمت رغم إنها كانت مُرممة من قبل مؤسسة الآغا خان بخبرات دولية".

وأكد أن بعض عمليات الهدم تجري ليلًا "كانوا بيطلبوا مننا نوثق كل طوبة بنرممها، دلوقتي ممنوع نوثق اللي بيتهد، لا فيه أرشفة، ولا جرد، ولا احترام حتى للميت".

وناشد بالتدخل العاجل لوقف "العبث الجاري تحت مسمى التطوير"، مطالبًا بتشكيل لجان علمية وأثرية مستقلة لتوثيق ما تبقى.

من جهته، أكد عضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للآثار عبد الرحيم ريحان لـ المنصة أن جبانة باب النصر تقع ضمن حدود القاهرة التاريخية المسجلة كتراث عالمي لدى اليونسكو منذ عام 1979، محذرًا من أن استمرار الهدم دون الرجوع إلى المنظمة الدولية يعرض القاهرة للإدراج على "قائمة الخطر".

وطالب ريحان بتشكيل لجان علمية وقانونية من وزارة السياحة والآثار ومحافظة القاهرة وجهاز التنسيق الحضاري وتصنيف هذه المقابر لتوفير الحماية القانونية لها.

إتاوات لنقل الرفات.. وبدائل غير مجهزة

وتوالت الشكاوى على فيسبوك حول عدم جاهزية مقابر الروبيكي في العاشر من رمضان، المقررة بديلًا لمقابر باب النصر، فضلًا عن استغلال التُرَبية الموقف وطلبهم مبالغ تصل إلى 20 ألف جنيه مقابل نقل رفات الموتى.

وقال أحد سكان الجمالية، الذي تمتلك عائلته مدفنين في باب النصر، وطالبتهم المحافظة بالإخلاء لهدمهما "طُلب مننا مبالغ لنقل الرفات بتتراوح بين 17 و20 ألف جنيه، وده مبلغ كبير".

الأمر لا يقف عند المعاملات المالية، بل يمتد لمشكلات قانونية أعمق، وحسبما قال المصدر لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، "في ناس معهاش ورق تربة أصلًا، التربة دي متوارثة من الجد والأب، بس محدش معاه إثبات، لما بيروحوا المحافظة يقولولهم ما نعرفكوش، ولو مش مثبتة في السجلات مالكش أي حقوق".

وعن بديل مقابر باب النصر، يقول المصدر إن مقابر الروبيكي أرض جرداء بدون بنية تحتية أو وسائل مواصلات.

وحول شكاوى الأهالي حول تلقي التُرَبية مبالغ مالية تصل إلى 20 ألف جنيه مقابل نقل الرفات، قال وكيل إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة المهندس أحمد غالب لـ المنصة "إحنا دايمًا موجودين في المواقع ومهتمين نسمع الأهالي ونرصد مشاكلهم، لكن الأرقام دي مبالغ فيها جدًا، وصعب أصدق إن حد دفع المبالغ دي فعلًا".

وأكد أنه إذا ثبت وجود مثل هذه التجاوزات فهناك آلية رسمية للتعامل معها، موضحًا "في لجنة اسمها لجنة التُرَبية مختصة بمحاسبتهم حال مخالفتهم، وإذا أي مواطن عنده شكوى يتواصل معايا فورًا".

وشدد غالب على أن خدمات النقل من المقبرة القديمة إلى الجديدة، والمستلزمات مثل الكفن وعربة النقل، يتم توفيرها دون تحميل الأهالي مبالغ رسمية، مضيفًا "التُربي مش موظف بأجر، هو معين من المحكمة زيه زي المأذون، وبيعيش على ما يسمى بالسنوية أو إكراميات بسيطة بيخدها نظير مجهوده، مش مبالغ خرافية زي 10 أو 20 ألف جنيه".

من جهته، قال أحد المسؤولين عن تعويضات باب النصر محمد سعيد لـ المنصة إن مشروع إنشاء المقابر الجديدة التي تُنقل إليها رفات الموتى من منطقة باب النصر لا يزال تحت الإنشاء، ولم يتم تسليمه إلى محافظة القاهرة، مؤكدًا أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة هي الجهة المنفذة والمشرفة على الموقع بالكامل.

وأوضح "بدأنا في استقبال الرفات في جزء محدد من الأرض بشكل استثنائي حتى لا يتعطل المشروع القومي".

وحول شكاوى بعض الأهالي من أن المقابر في الروبيكي غير مجهزة، أوضح سعيد أن ما يتم تداوله غير دقيق، قائلًا "أنا شخصيًا دخلت رمل بارتفاع حوالي 42 مترًا على حسابي الخاص، وتم تصوير عملية الفرش بالكامل، كل المقابر تم تغطيتها، وهناك غفراء وأمن موجود في الموقع".

وبخصوص شكاوى غياب الأسقف، قال "كل المدافن في مصر لها نفس التصميم القياسي، ولا تحتوي على تندات أو أسقف، لو أي مواطن عايز يضيف سقف أو يعمل تعديل، لازم يتقدم بطلب لإدارة الجبانات ويحصل على تصريح".

وأوضح أن إجمالي مساحة المشروع تشمل حوالي 400 ألف مدفن، تم الانتهاء من نحو 80% منها.