تصوير محمد الخولي، المنصة
مؤتمر "مستأجري مصر" بمقر حزب الكرامة، 6 مايو 2025

هتافات بسقوط حكومة مدبولي في مؤتمر "مستأجري مصر"

محمد الخولي
منشور الأربعاء 7 مايو 2025

رفض المشاركون في مؤتمر "مستأجري مصر"، الذي عقد أمس بمقر حزب الكرامة بالقاهرة، مشروع قانون إلغاء الإيجار القديم المقدم من الحكومة إلى البرلمان، ورددوا هتافات ضد حكومة مصطفى مدبولي معتبرين أنه المسؤول عن الأزمة، مطالبين بسقوطها.

وعقدت رابطة ومجموعات المستأجرين والجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية "حق الناس"، مؤتمرًا جمع مئات المستأجرين، بمشاركة عدد من الأحزاب والنواب البرلمانيين منهم عاطف مغاورى وسناء السعيد، والبرلماني السابق هيثم الحريري.

ورفض المشاركون أسلوب الحكومة في التعامل مع القضية "حيث لجأت إلى التعتيم على مشروعها، وتضليل المجتمع حول نواياها، ولم تلتزم بإجراء أي حوار مجتمعي حول القضية قبل التقدم بمشروع القانون"، حسب البيان الصادر عن المؤتمر، واعتبروا "مشروع القانون متعارضًا مع أحكام الدستورية العليا، ويتبنى مطالب طرف واحد هو الملاك، ويهدد حقوق ملايين المستأجرين ويشردهم، ولذلك كله يهدد على نحو خطير السلم الاجتماعي للبلاد".

وانتقد البيان النصوص الموجودة بمشروع القانون المتعلقة بإنهاء العقود بعد خمس سنوات وفرض زيادات كبيرة في الإيجارات تصل إلى 20 ضعفًا، معتبرًا ذلك مخالفة لأحكام المحكمة الدستورية، وتجاهلًا لحقيقة أن أغلب المستأجرين سبق أن دفعوا "خلوات" مرتفعة وحصل الملاك على دعم من الدولة وقت إنشاء المباني.

المشاركون في مؤتمر "مستأجري مصر" بمقر حزب الكرامة، 6 مايو 2025

وأكد المشاركون في المؤتمر تمسكهم باستمرار العقود حتى وفاة الجيل الأول من الورثة، ورفض أي صيغة تؤدي إلى "تحرير العلاقة الإيجارية" أو التحول إلى "القيمة السوقية". 

واتفق المشاركون على تفويض المحاميين ميشيل حليم وأيمن عصام مستشار رابطة المستأجرين وزهدي الشامي، أمين مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المصري، بتنظيم مشاركة المستأجرين في أي حوار مجتمعي بشأن القانون.

وقالت النائبة عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي سناء السعيد في كلمتها أمام المؤتمر "كل طلباتكم مسموعة وإن شاء الله مشروع القانون مش هيمر، والنواب على رأسهم نواب الحزب المصري الديمقراطي والتجمع والعدل والمستقلين متبنين مطالبكم".

وأضافت "حكم المحكمة الدستورية العليا مقالش نطرد المستأجرين، وقال نرفع الإيجار لكن الحكومة هي اللي بتخلق المشكلات"، وتابعت "في قوة غير عادية داخل المجلس لرفض مشروع القانون".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".

وسبق ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 إلى ضرورة تحديث قانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن 2 مليون وحدة "أصحابها ماتوا" وأصبحت فارغة وغير مستغلة بسبب هذا القانون.

وقال المحامي أيمن عصام، في كلمته خلال المؤتمر، إن مشروع القانون المطروح من الحكومة يعبر فقط عن الملاك، موضحًا أن "النسخة المطروحة على البرلمان حاليًا أغلب موادها موجودة على الإنترنت منذ فترة وهي وثيقة الملاك، والحكومة أخدتها وضافت حاجات من عندها تؤكد انحيازها لهم".

أما رئيس حزب الكرامة سيد الطوخي، فقال خلال كلمته إن الأزمة خلقتها الحكومة والمعركة ليست بين الملاك والمستأجرين وإنما مع الحكومة.

وهو ما اتفقت معه رئيسة حزب العيش والحرية، تحت التأسيس، إلهام عيداروس، في كلمتها أمام المؤتمر، إذ أكدت أن معركة المستأجرين القدامى "ليست مع الملاك القدامى وورثتهم فهؤلاء جيران وأهل عشنا معهم ويعرفون أن بانتهاء الجيل مستحق الامتداد سيستفيد ورثتهم من العقار والأرض، وإنما مع الحكومة والملاك الجدد الذين اشتروا العقارات وهم يعرفون وضعها انتظارًا للحظة مواتية لينقضوا على سوق العقارات ويستفيدون مما بناه وعمره الناس. ويجب ألا يستفيدوا بأي زيادات".

وكانت الحكومة تقدمت في 29 أبريل/نيسان الماضي بمشروعي قانونين للإيجارات بشأن الأماكن المؤجرة لغرض السكن والأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير السكن، وفقًا لأحكام القانونين 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وخلال المؤتمر هتف المشاركون بسقوط حكومة مدبولي، محملين إياه المسؤولية عن مشروع القانون، وفي نهاية المؤتمر حاول عدد من المشاركين النزول إلى الشارع أمام الحزب إلا أن قوات الشرطة التي حضرت للموقع رفضت ذلك وطلبت من قيادة حزب الكرامة السيطرة على المواطنين وإدخالهم داخل العقار الموجود به الحزب، وهو ما استجابوا له.

وتحدث عدد من المستأجرين لـ المنصة عن الصعوبات التي ستواجههم حال طردهم من مساكنهم، وقالت أمنية عبد الستار، إحدى المستأجرات، إنها تقيم في شقتها بمنطقة المنيل منذ 1986، وهي الآن أرملة وعلى المعاش "وكل ما تتحصل عليه من معاش شهريًا نحو 4200 جنيه تدفع منهم 1200 جنيه شهريًا لصيانة العقار ومصاريف الكهرباء والمياه والغاز ويتبقى لها نحو 3000، وهو مبلغ لا يكفي الشهر فهل منطقي الحكومة تقولي هطردك في الشارع أو ترفع الإيجار"، لافتة إلى أن زوجها "دفع 7000 جنيه عند إيجار الشقة وشهريًا 70 جنيهًا ودا كان تقريبًا كل مرتبه وقتها".  

ولم تختلف أزمة أمنية كثيرًا عن أزمة عادل إبراهيم الذي يقيم في شقة بمنطقة الطوابق المتفرع من شارع فيصل بالجيزة، لافتًا إلى أنه عندما استلم الشقة كانت على الطوب الأحمر "شطبت الشقة ودخلت الكهرباء والميه والغاز والمنطقة اللي كانت مقطوعة في الثمانينيات بقت حية دلوقتي"، وأضاف أن "مالك العقار لم يطلب أي زيادة في الإيجار حتى الآن وبيقولي أنا ماليش دعوة بالكلام دا بس طبعًا لو القانون اتطبق هيعوز محدش هيقول للفلوس لأ".

وتنص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي صدقت مصر عليه عام 1982، على أن الدول الأطراف في هذا العهد تقر "بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية".

وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، تقدمت النائبة البرلمانية آمال عبد الحميد بطلب إحاطة بشأن ارتفاع إيجارات الشقق والمحلات، مطالبة بحماية المواطنين من جشع الملاك، بينما علق رئيس الوزراء على أزمة ارتفاع الإيجارات في أغسطس/آب الماضي، قائلًا "ليس لنا تدخل بهذا الشأن، والسوق يحتكم للعرض والطلب".

وتنص المادة 78 من الدستور المصري على أن "تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية".