رفضت محكمة بريطانية متخصصة طلب الحكومة البريطانية بإبقاء تفاصيل القضية بين شركة أبل ووزارة الداخلية سرية بالكامل.
وأشارت المحكمة إلى أنه بعد دراسة مستفيضة للأدلة والمرافعات خلصت إلى رفض طلب الحكومة، معتبرة أن المخاوف الأمنية التي طرحتها الحكومة لم تكن مبررة بما فيه الكفاية.
وأكدت المحكمة أن مبدأ العلانية القضائية هو مبدأ دستوري جوهري يجب احترامه، ولا يجوز التضحية به إلا إذا كانت هناك أدلة واضحة ومقنعة على وجود تهديد حقيقي للأمن القومي، وهو ما لم يتوفر في هذه الحالة.
وتدور القضية حول محاولة الحكومة البريطانية إلزام شركة أبل بإنشاء منفذ خلفي في أنظمتها، يتيح للسلطات الوصول إلى البيانات المُشفرة التي يحتفظ بها مستخدمو خدمة iCloud.
وكانت أبل طالبت في دعوى أمام المحكمة المختصة، بالسماح بالكشف العلني عن تفاصيل القضية، مؤكدة أن الشفافية حق عام وأنه من الضروري أن يكون الرأي العام على علم بهذا النوع من الإجراءات التي تمس خصوصية المستخدمين.
في المقابل، تمسكت الحكومة بسرية القضية، بحجة أن مجرد الكشف عن وجودها أو هويات الأطراف قد يشكل خطرًا على الأمن القومي البريطاني، مستندة إلى سياسة "عدم التأكيد أو النفي".
عندما قُدّمت الدعوى، طلبت الحكومة عقد جلسة لتحديد كيفية سير القضية دون الإضرار بالمصلحة العامة أو الأمن القومي، واستجابت المحكمة في البداية عبر أمر مؤقت بالحفاظ على السرية إلى حين البت النهائي. لاحقًا، وبعد مراجعة معمقة، قررت المحكمة إعلان موعد الجلسة ورقم القضية وأسماء القضاة، مع إبقاء أسماء الأطراف طي الكتمان.
وكانت المحكمة استمعت في جلسة 14 مارس/آذار الماضي إلى مرافعات قانونية عن الطرفين، إضافة إلى مداخلات مستشار المحكمة بول سكينر، ومذكرات مكتوبة من منظمات حقوقية دولية ووسائل إعلامية. كما قدم سكينر مرافعات نيابة عن الأطراف الثالثة التي لم يسمح لها بحضور الجلسة السرية.
وتلقت المحكمة وقتها أيضًا مذكرات مكتوبة من BBC ووكالة PA Media وتسع مؤسسات إعلامية أخرى، إلى جانب منظمتي برايفسي إنترناشونال وليبرتي، للمشاركة في القضية، وإدارة الدعوى علنًا، ومعرفة أسماء الأطراف ونشر المذكرات القانونية. كما طلبت المنظمتان النظر في إمكانية إدارة دعواهما بالتوازي مع قضية أبل نظرًا للتقاطع بين القضيتين.
بالإضافة إلى أن المحكمة تلقّت رسالة مشتركة من أعضاء الكونجرس الأمريكي، من بينهم السيناتور رون وايدن والسيناتور أليكس باديلا، والنائبة زوي لوفجرين، وغيرهم عبّروا فيها عن قلقهم الشديد من محاولة المملكة المتحدة فرض منفذ خلفي على أبل، محذرين من تداعيات ذلك على خصوصية الأمريكيين وأمنهم الرقمي.
وذكرت المحكمة أن مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي جابارد أرسلت رسالة إلى الكونجرس أكدت فيها أنها لم تكن على علم مسبق بالقضية، لكنها أعربت عن "قلق بالغ بشأن التداعيات الخطيرة" لمثل هذا الإجراء، محذّرة من أنه سيفتح "ثغرة خطيرة للاستغلال السيبراني من قبل جهات معادية".
من جانبه، علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مقابلة مع ذا سبيكتاتور قائلًا "هذا شيء تسمع عنه في الصين. نحن في الواقع نقول لهم: لا يمكنكم فعل ذلك".
وأشارت المحكمة إلى أن المراحل الأولى من القضية قد تركز على مسائل قانونية، وقد يتم تعليق القضية لحين الفصل في الدعوى الموازية المقدمة من "برايفسي إنترناشونال" و"ليبرتي". كما أوضحت أنه سيتم إصدار أوامر إضافية لإدارة القضيتين لاحقًا.
يُذكر أن أبل أعلنت في فبراير/شباط الماضي أنها لن تواصل توفير ميزة الحماية المتقدمة للبيانات/ADP لمستخدمي iCloud في المملكة المتحدة بعد أن طلبت الحكومة وصولًا كاملًا إلى بيانات المستخدمين. وأوضحت الشركة أن المستخدمين الجدد لن يتمكنوا من تفعيل هذه الميزة، بينما سيُطلب من المستخدمين الحاليين تعطيلها مستقبلًا.