وجه رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر عبد المنعم الجمل، ورئيس دار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس، انتقادات لمشروع قانون العمل الجديد، في وقت أرسلت نقابة الصحفيين اليوم رؤيتها وملاحظاتها حول المشروع إلى مجلس النواب.
والثلاثاء الماضي، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة، وسط إجماع نيابي باستثناء صوت رفض واحد، ومطالبات بتعديلات على المشروع من قبل رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر لـ المنصة إن الاتحاد لديه ملاحظات حول مشروع قانون العمل الجديد، يتم إعداد مذكرة حاليًا بشأنها، لإرسالها إلى الأمانة الفنية لمجلس النواب، بناءً على طلب رئيس المجلس حنفي جبالي.
وأضاف أن الملاحظة الأهم تتمثل في إلغاء لجنة القوى العاملة بمجلس النواب خلال اجتماعاتها حول مواد مشروع القانون للبند الخاص ببعض المكتسبات التي تؤول إلى النقابات العمالية.
ولفت إلى أن القوانين السابقة للعمل تنص على أن تؤول ثلث أموال الجزاءات الواقعة على العمال، وأموال المؤسسات الثقافية والاجتماعية التابعة للنقابات العمالية إلى هذه النقابات والجزء الآخر لصالح الدولة.
ونوه إلى أن المادة 13 من الدستور تنص على أن تلتزم الدولة المصرية بعدم سلب أي حقوق مكتسبة سابقًا، لافتًا إلى أهمية إعادة إدارج النص بمشروع القانون لما له من مزايا مالية تعود بالنفع على النقابات العمالية.
وحسب الجمل، فإن الاتحاد لديه ملاحظات حول النص الخاص بتمثيل النقابات العمالية في المجالس التي يتم تشكيلها بقرار من وزير العمل، أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، حيث إن التشكيل ينطوي على تمييز لحجم تمثيل أصحاب الأعمال على حساب تمثيل النقابات العمالية.
وأكد تمسك الاتحاد بالنص المرسل من الحكومة لمشروع القانون مع مراعاة إضافة بعض التعديلات التي توفر المزيد من الضمانات للنقابات العمالية.
وتضمنت ملاحظات الاتحاد، التي حصلت المنصة على نسخة منها، أهمية تعديل المادة 19 من مشروع القانون من خلال استبدال المجلس التنفيذي في المحافظة بلجنة تنفيذية، نظرًا لاختلاف الاختصاصات بين المجلس واللجنة.
وشملت الملاحظات ضرورة إدارج المنظمات العمالية النقابية ضمن المؤسسات التي تقوم بمزاولة عمليات التدريب في المادة 22 "حيث تم استثناؤها رغم امتلاك الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مؤسسات عريقة في التدريب".
وطالب الاتحاد، في ملاحظاته، بحذف المادة 49 والمتعلقة بإلحاق المنظمات الدولية للعاملين بالخارج، معتبرًا أنها لم تمارس دورها، ولم يثبت قيامها بذلك على مدى السنوات الماضية.
من جهته، طالب رئيس دار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس في تصريح لـ المنصة بضرورة إجراء مناقشات جادة داخل مجلس النواب حول مشروع القانون، مشيرًا إلى أن أداء النواب كان ضعيفًا، حيث لم يوضح الرافضون أو المؤيدون لمشروع القانون أسباب الرفض أو التأييد.
وأضاف عباس أن مشروع القانون "لم يعالج الإشكاليات التي نعاني منها منذ إصدار قانون 13 لسنة 2003، التي تتمثل في الأجور، والعقود المؤقتة، وشروط الإضراب، والأمان الوظيفي، والفصل التعسفي للعاملين".
ولفت إلى أن ملاحظات دار الخدمات تأتي على رأسها "إشكالية عقود العمل محددة المدة، التي جاءت مسابقات الحكومة للإعلان عن الوظائف بعقود هي المثل الأسوأ لها".
وتابع "بالإضافة إلى انقضاء علاقة العمل، حيث إن التباس النصوص بقانون 13 لسنة 2003، بين المواد 68 و69 و110، المتعلقة بفصل العامل وإخطار صاحب العمل له بفصله، كانت من أبرز الإشكاليات التي وجدناها في المواد 155 و156 بمشروع القانون الحالي، وهو ما يجدد حالة اللبس التي تؤدي إلى المزيد من الخلافات والإشكاليات بين العامل وصاحب العمل أمام المحاكم".
وأشار إلى ضرورة توافر صفتي العمومية والإلزامية في القرارات الصادرة لتطبيق الحد الأدنى للأجور، بمشروع القانون الجديد، وأن تكون زيادته بما يعادل التضخم وارتفاع الأسعار سنويًا، معقبًا "حيث إنه من غير المناسب أن يظل تحديد وتطبيق الحد الأدنى سببًا في المزيد من الاحتقان على مستوى الساحة العمالية".
واليوم، أرسلت نقابة الصحفيين رؤيتها حول مشروع قانون العمل إلى مجلس النواب، ودعا نقيب الصحفيين خالد البلشي في خطابه إلى البرلمان لأخذ ملاحظات النقابة بعين الاعتبار؛ لضمان استقرار المؤسسات، وأوضاع العاملين بها، وبما يضمن تحقيق التوازن في علاقات العمل دون إخلال بحقوق الطرف الأضعف، وهم العاملون.
وأشار إلى أن مشروع قانون العمل المطروح أمام مجلس النواب حاليًا تمهيدًا لإقراره هو الأساس لتنظيم علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية "وهو ما يقتضي الاستماع لرؤية كل أطراف العلاقات التعاقدية، وفي مقدمتها الأطراف الممثلة لرؤية العاملين، ومن بينها النقابات المهنية، مطالبًا بفتح حوار مجتمعي شامل حول التعديل الأخير المطروح حاليًا".
وكشف البلشي عن أن رؤية النقابة تضمنت ملاحظات تفصيلية تتراوح بين المبادئ العامة، والاشتباك مع عددٍ من مواد المشروع، التي رأت أنها تمس العمل الصحفي بصورة وثيقة ومنها توحيد تعريف الأجر في مشروع القانون بعبارات واضحة صارمة جامعة، مانعة لأي محاولة للتلاعب، وتضمن حصول الصحفي على حقه كاملًا، إضافة تعريف واضح للحد الأدنى للأجر، الذي تقرر الحكومة تطبيقه على المستوى القومي، والاعتداد بمصطلح "الأجر الشامل" وحده في هذا الإطار، لتلافي المغايرة في تعريف الأجر بين قرارات الحكومة وبعضها.
وطالبت نقابة الصحفيين بضمان تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى في جميع القطاعات على المستوى القومي، ومنها الصحافة والنشر، وذلك من خلال إلزام المجلس بتحديد معايير معلنة تضمن الأجر العادل لكل عامل في كل قطاع، وأن ينص القانون على معايير بعينها يلتزم بها المجلس الأعلى للأجور عند تحديد الزيادات السنوية للأجر مثل نسبة الفائدة المحددة من البنك المركزي أو معدل التضخم، بما يحقق التوازن بين طرفي علاقة العمل، والحفاظ على معدلات الإنتاج.
كذلك طالبت بتعديل نسبة العلاوة السنوية إلى 7% من الأجر الشامل، واستحداث دور للنقابة المهنية، أو العمالية للتأكد من معقولية طلبات أصحاب الأعمال لتخفيض العلاوات، وحذف إمكانية طلب التخفيض، أو الإعفاء من صرف الحد الأدنى للأجور، وتشديد الغرامة على المخالفين، حظر إبرام عقود عمل مؤقتة في أعمال دائمة، وتحديث أنماط عقود العمل بما يناسب احتياجات السوق.
ومن بين مطالبها أيضًا تحديد إعانة بطالة لكل طالب عمل يعجز عن إيجاد عمل (مع النظر في تحديد نسبتها قياسًا بالحد الأدنى للأجور)، على أن تصدر القرارات التنفيذية لما سبق في موعد غايته ستة أشهر من تطبيق القانون، واتخاذ إجراءات ضد المؤسسات، التي تقوم بفصل الصحفيين تعسفيًا، وكذلك اتخاذ إجراءات ضد إدارات تلك الصحف دون الإخلال بحقوق باقي الصحفيين، وتدخّل النقابة لضبط مواد الفصل في مشروع قانون العمل بما يضمن الحفاظ على مصالح العاملين، وحقوقهم الاقتصادية.
وطالبت بغلق الباب الخلفي للفصل التعسفي من خلال السماح بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة، ووجوب أن يكون الإخطار قبل ستة أشهر على الأقل، ومن خلال القاضي الوقتي بالمحكمة العمالية. وضرورة إدماج النقابات المهنية في الإجراءات المقررة، والتشكيلات المركزية والإقليمية إلى جانب التنظيمات النقابية والعمالية، وتطبيق التوصيات، التي أقرها الصحفيون في استبيان الرأي الخاص بالمؤتمر بشأن إصلاح أوضاع الصحافة والصحفيين.
كما طالبت باتخاذ إجراءات واضحة لمنع التمييز ضد النساء في أماكن العمل، وأن تضاف إلى مهام المجلس الأعلى لتنمية الموارد والمهارات البشرية وضع لائحة سلوك نموذجية يمكن تطبيقها بذاتها، أو الاسترشاد بها لوضع لائحة ذات ضمانات أكبر في كل منشأة، تكفل حماية العاملات والعاملين من التمييز، والتنمر والتحرش، والمخالفات السلوكية الأخرى، وتفعيل الرقابة على المنشآت لضبط المخالفات.
وفي 19 فبراير/شباط الجاري، وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون، وتمت إحالته للجلسة العامة.
وفي وقت سابق من فبراير الحالي، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.
وأشار التقرير إلى تضمن مشروع القانون نصوصًا تنحاز في حقيقتها لصالح أصحاب الأعمال، وتقلل من التزاماتهم تجاه العامل، ولا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال وضمان استقرار العلاقة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بمرتكزات نشأة علاقة العمل والطبيعة العقدية لها، وكيفية إنهائها.
وانتقد التقرير تقليص العلاوة السنوية المستحقة للعمال، إذ يجعلها بواقع 3% من الراتب، في حين تبلغ نسبتها في القانون الساري 7%، مشددًا على عدم جواز انتقاصها باعتبارها حقًا مكتسبًا للعمال، لا سيما في ظل ثبات القوة الشرائية للجنيه.