تصوير سالم الريس، المنصة
مسيرات العودة إلى شمال غزة لأول مرة منذ 15 شهرًا، 27 يناير 2025

"مخطط خبيث وعنصري".. تصريحات ترامب توحد الموقف في الضفة وغزة

سالم الريس أنصار اطميزه
منشور الأربعاء 5 فبراير 2025

توالت ردود الأفعال من قطاع غزة والضفة الغربية رفضًا لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أعلن فيها أن الولايات المتحدة "ستتولى السيطرة على قطاع غزة وتمتلكه"، والتي أشار فيها أيضًا إلى أنه سيعلن موقفه من "سيادة إسرائيل على الضفة الغربية في الأسابيع المقبلة".

وقال رئيس السلطة الفلسطينية إن "الشعب لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته، وإن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة، منذ عام 1967".

وأضاف أبو مازن "إننا لن نسمح بالمساس بحقوق شعبنا التي ناضلنا من أجلها عقودًا طويلة وقدمنا التضحيات الجسام لإنجازها، وهذه الدعوات تمثل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي".

جريمة ضد الإنسانية

كذلك أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة باسم نعيم، في بيان الأربعاء، أن ما صرح به ترامب هو "جريمة ضد الإنسانية، وتعزيز لشريعة الغاب على المستوى الدولي؛.

وأضاف "على مدار 15 شهرًا حاول نتنياهو وحكومته الفاشية تهجير سكان قطاع غزة وفشلوا في تحقيق هذا الهدف أمام صمود شعبنا وتمسكه بأرضه ووطنه"، مشددًا على أن "ما فشل فيه الاحتلال لن تنجح أي إدارة أمريكية أو قوة في العالم في تنفيذه".

وطالب القيادي في الحركة بتحرك إقليمي ودولي عاجل "لوضع حد لهذه المخططات الخبيثة، لأن أي محاولات لتنفيذ مثل هذه الخطط ستزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة".

ووصف المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان اطلعت عليه المنصة، تصريحات ترامب بـ"العنصرية"، وقال إنها "مُدانة ومرفوضة وشعبنا العظيم لن يُهجَّر مجددًا والاحتلال هو من يجب أن يرحل من فلسطين".

وقال المكتب الإعلامي "نتفق مع الرئيس ترامب في نقطة واحدة فقط، وهي أن سكان غزة لا يرغبون في العودة إلى مخيماتهم المدمرة، لأنهم لم يختاروا هذه المخيمات يومًا، بل تم تهجيرهم قسرًا من قراهم ومدنهم الأصلية عام 1948. وعليه، فإن الحل الحقيقي والعادل لا يكون بإعادة تهجيرهم أو فرض مخططات تصفوية، بل بتمكينهم من العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها قسرًا وفقًا للقرارات الدولية. وإلى حين ذلك، نطالب بإدخال كل المساعدات ومواد الإعمار إلى قطاع غزة دون قيود أو شروط".

وأدان المكتب الحكومي "التصريحات العنصرية التي تعكس نظرة استعلائية تجاه شعبنا الفلسطيني، وكأنه مجموعة من العبيد يمكن ترحيلهم أو التصرف بمصيرهم وفق أهواء السياسة الأمريكية. هذه العقلية الاستعمارية لم ولن تجدي نفعًا، فشعبنا الفلسطيني صاحب الأرض، ومتجذر فيها، وإذا كان هناك من يجب أن يرحل، فهم المحتلون الغرباء الذين اغتصبوا أرضنا بقوة السلاح والدعم الخارجي منذ 77 سنة من القتل والتهجير القسري المخالف للقوانين الدولية".

ومن جهته، أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية مؤيد شعبان لـ المنصة أنه لا تنازل عن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني "بجغرافيتها الموحدة وبحقوقنا المكفولة بكل القوانين"، ورأى شعبان أن قرارات الإدارة الأمريكية عابرة، وأن الشعب الفلسطيني ثابت ومتجذر في أرضه.

ومخطط ضم الضفة للأراضي الإسرائيلية ليس وليد اللحظة، حسبما قال شعبان، مضيفًا أن ما تفعله إسرائيل هذه الأيام "هو محصلة المخطط الممتد منذ سنوات الاحتلال الطويلة".

وسبق أن أعلن عنه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على إكس، داعيًا إلى بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، "2025 عام السيادة (الإسرائيلية) في يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية وتشمل كامل الضفة باستثناء القدس الشرقية)". 

وأضاف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان "عندما نتحدث عن خطة الضم هذه الأيام لا نتحدث فقط عن حواجز واقتحامات، بل نتحدث عن بيئة تشريعية حاضنة لهذا المشروع، عن قوانين يتم تمريرها وقرارات يجري العمل على ترجمتها على الأرض؛ ملكية الأراضي والتوسع الاستيطاني وإعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية والتصدي للموقف الدولي".

وعاب شعبان الصمت الدولي وازدواجية المعايير، قائلًا "المجتمع الدولي هو من شجع الاحتلال، ونحن ندين هذه المواقف التي لا ترقى لحقيقة ما يحدث".

عودة.. لا تهجير 

وعبر غزيون عن رفضهم لتصريحات الرئيس الأمريكي، وقال صابر حمودة لـ المنصة إنه لا ينوي الخروج أو السفر من القطاع بأي حال من الأحول، مضيفًا "إحنا صمدنا أكتر من 15 شهر تحت القصف والقتل والدمار عشان بالآخر نترك البلد ونطلع هيك بكل بساطة؟!".

وأشار إلى أنه اضطر إلى النزوح لجنوب القطاع خلال الحرب إلا أنه انتظر اللحظة التي سُمح فيها لهم بالعودة لمنزلهم هو وعائلته، حيث بدأ في ترميم الأضرار الجزئية في المنزل ليتمكنوا من استعادة جزء من حياتهم التي افتقدوها خلال الحرب.

وقال عامر سلمان، من شمال القطاع، الذي فقد 3 من أفراد عائلته خلال العملية البرية الإسرائيلية، إنه وأفراد عائلته رفضوا الخروج من منزلهم تحت القصف، وقُتل بعضهم نتيجة ذلك، فكيف له ولمن تبقى أن يتقبلوا قرار التهجير.

وأوضح لـ المنصة "بدهم يقتلوا يقتلونا لكن نطلع برا غزة مش طالعين، إحنا ممكن مسافر للدراسة أو العلاج أو لأسباب أخرى، لكن هذا بعد ما يتم تشغيل المعبر بالاتجاهين ونضمن العودة، أما طول ما الوضع مش مستقر والعالم بخطط كيف يقتلعنا من أرضنا، إحنا هينا قاعدين على الركام".

أما عثمان صلاح، وهو من سكان مدينة رفح، الذي مُسح المخيم الذي ولد ونشأ فيه ولا زال جيش الاحتلال الإسرائيلي يمنعهم من العودة إليه، فقال لـ المنصة "كيف يعني نهاجر ونترك البلد؟ طيب محنا لو بدنا نترك غزة كنا طلعنا من المعبر بداية الحرب ووفرنا على حالنا كل إللي عشناه من قتل ودمار وتشريد وغرق للخيام وغيرها من ظروف صعبة".

وخلال الحرب وقبل احتلال إسرائيل لمعبر رفح البري في بداية مايو/أيار الماضي سافرعشرات الغزيين إلى مصر ودول أخرى، وهم اليوم يطالبون بفتح المعبر للعودة إلى غزة، وقالت سماح يونس، مريضة سرطان اضطرت للسفر وترك عائلتها لتلقي العلاج اللازم في الإمارات، إنها أجبرت على السفر بعد فقدان علاجها في غزة وسيطرة جيش الاحتلال على المستشفى التركي المخصص لمرضى السرطان.

وأضافت لـ المنصة أنها لم تتمكن من السفر مع كامل أسرتها، فقط استطاعت ابنتها مرافقتها "بعد ما أعلنوا وقف النار، إحنا كل يوم بنسأل متى بده يفتح المعبر ونرجع، اشتقت لزوجي وأبنائي، اشتقت نجتمع مع بعض في بيتنا، وما في مكان ممكن يجمعنا غير غزة".

وأوضحت أنها لا تفكر في الاستقرار في أي بلد آخر على الرغم من خطورة وضعها الصحي نتيجة المرض وحاجتها لمتابعة وعلاجات غير متوفرة في مستشفيات قطاع غزة خلال الوقت الحالي، إلا أنّ ذلك لا يعني أنها تفكر في الاستقرار خارج القطاع سواء هي أو باقي أفراد أسرتها.

وفي السياق، رفض محمد عرفة، الذي سافر مع أسرته إلى مصر خلال الحرب، أي قرار يقضي بتهجيرهم من غزة، وقال لـ المنصة "إحنا طلعنا بسبب الحرب وبشكل مؤقت، لكن فكرة التهجير ومنعنا من العودة بنرفضها وكل يوم بنسأل وبنتابع أحوال معبر رفح على أمل يفتح للعائدين ونرجع".

وقال ترامب، في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقد في البيت الأبيض مساء أمس إن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، سنمتلكه وسنكون مسؤولين عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع".

وأضاف "سنسوي الموقع بالأرض ونوجد تنمية اقتصادية"، زاعمًا مسؤوليته عن توفير فرص عمل وإسكان لسكان غزة في مناطق مختلفة في دول مجاورة.

وعندما سُئل ترامب عمن سيعيش في غزة لاحقًا، قال إنها قد تصبح موطنًا "لشعوب العالم"، وتوقع أن تصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" وعن العدد  المتوقع تهجيره قال إنه يبلغ 1.8 مليون مواطن.

وقال ترامب إنه يرى في "تملك الولايات المتحدة لقطاع غزة حلًا طويل الأمد للحرب المدمرة التي شهدها القطاع"، متوقعًا "إعادة تطويره اقتصاديًا، بما يشمل مشاريع تنموية واسعة".

وأشار إلى أنه "سيدعم جهود إعادة توطين الفلسطينيين من غزة بشكل دائم إلى أماكن يمكنهم العيش فيها دون خوف من العنف"، مبينًا أنه وفريقه يناقشون إمكانية إعادة التوطين مع الأردن ومصر ودول أخرى في المنطقة.

من ناحيته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن خطة ترامب "قد تغير التاريخ"، بقوله "ترامب لديه فكرة مختلفة جديرة بالاهتمام، وإنه يرى مستقبلًا مختلفًا لغزة".

ووصف نتنياهو الرئيس الأمريكي بأنه "أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق"، مضيفًا "قلت هذا من قبل وسأقوله مجددا أنت أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض".

ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا ترامب مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة، لكن دعوته قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقوله إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.

لكن الرئيس الأمريكي جدد دعوته في وقت لاحق، متجاهلًا الرفض المصري والأردني، وقال، خلال لقاء مع الصحفيين في البيت الأبيض، إن مصر والأردن "سيفعلان ذلك (...) نحن نقدم لهما الكثير، وسوف يفعلان ذلك".

وأصدر وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، خلال الأسبوع الجاري، بياني رفض لمقترح ترامب ولكافّة أشكال التهجير سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، مؤكدين على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، أحدهما تم توجيهه إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.