وافق مجلس الشيوخ من حيث المبدأ على مشروع قانون المسؤولية الطبية المقدم من الحكومة، والذي يقُر عقوبات على الأخطاء المهنية، من بينها الحبس فترات تبدأ من 6 أشهر وتصل إلى 10 سنوات.
تأتي مناقشة مشروع القانون في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، اليوم، في ظل غياب وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار، ووسط غضب طبي وإعلان نقابة الأطباء عقد جمعية عمومية طارئة في الثالث من يناير/كانون الثاني المقبل، لاتخاذ قرارات وإجراءات ضد المشروع التي تعتبره النقابة خطرًا على المنظومة الصحية بأكملها.
وأثارت المادة 29 من مشروع القانون، الذي اطلعت عليه المنصة، جدلًا خلال المناقشات، إذ تنص على أن تصدر قرارات الحبس الاحتياطي من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل أو من في درجته.
ودافع رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق عن النص خلال تعقيبه على الحبس الاحتياطي للأطباء في الجرائم التي تقع على مقدم الخدمة أثناء تقديم الخدمة الطبية أو بسببها.
وقال عبد الرازق "الحبس الاحتياطي أصبح مؤخرًا له ضوابط صارمة ومعايير دقيقة للغاية". معتبرًا أن "هناك يدًا خفية تبث الرعب، لا تريد أن نأخذ الأمور ببساطة، فهناك عبث كثير فى عقول الناس خلال هذه الفترة لأسباب لا داعي للخوض فيها، وعلينا أن نأخذ الأمور بموضوعية أكثر، فنحن لسنا مقدمين على شيء ينال من هذه المهنة ومكانتها".
فيما دافع وزير شؤون المجالس النيابية محمود فوزي عن مشروع القانون، مشيرًا إلى أن مجلس نقابة الأطباء شارك في مناقشة المشروع في اجتماع لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، مشددًا على أن الدولة دورها التنظيم و"المهن الحرة لا تمشي دون تنظيم، والطب له خصوصية لأنه مهنة سامية، ورسالة أكثر منها مهنة".
وأضاف أن "جودة الخدمة الطبية هي الداعي لسن هذا القانون، وجعل الأمر مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف وإنشاء اللجنة العليا للمسؤولية الطبية ضمان وتعني أننا أسندنا الأمر لأهله".
وتعليقًا على الحبس الاحتياطي، قال فوزي "لدينا ضمانات للحبس الاحتياطي إذا ما اقتضت الضرورة هذا، إذا لم يكن له محل إقامة أو يؤثر على الأدلة، ويجب ألا ننسى أن قانون الإجراءات الجنائية يُقر التعويض المادي والأدبي عن حالات الحبس الاحتياطي الخاطئة".
وسبق أن تقدم قبل سنوات النائب عن حزب الإصلاح والتنمية أيمن أبو العلا بمشروع قانون يمنع الحبس الاحتياطي للأطباء نتيجة عملهم إلا بأمر من النائب العام نفسه وفي حالة الجنايات فقط.
وينص مشروع القانون على تشكيل لجنة عليا تتكون من ممثلين لوزارة الصحة والسكان وذوي الخبرة من الأطباء وممثلين عن الطب الشرعي وممثل عن وزارة العدل، وآخر عن وزارة الدفاع والإنتاج الحربي من أعضاء المهن الطبية يرشحه وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وممثل عن وزارة الداخلية من أعضاء المهن الطبية يرشحه وزير الداخلية، وتتلقى هذه اللجنة الشكاوى الواردة لها من متلقي الخدمة أو من يمثلوهم بشأن الأخطاء الطبية.
وأعرب رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشيوخ نبيل دعبس عن مخاوفه من المشروع، وقال إنه قد يفتح الباب لمطالبات عديدة من المرضى بالحصول على تعويضات من الأطباء أو مقدمي الخدمات الطبية، بمجرد تعرضهم لأي مضاعفات في مراحل الكشف أو التدخل الطبي، وهو الأمر الذى يستحق التأني في الدراسة في الوقت الحالي، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنين.
وعلق أيضًا على العقوبات الواردة في المشروع ضد متلقي الخدمة أو ذويهم الذين يعتدون على الأطباء أو المنشآت الطبية، وقال دعبس "يعني أحبس مواطن لمجرد إنه عمل إشارة بيده كده لطبيب، هذا قد يدفع بعض الأطباء إلى الادعاء بأن المواطن أشار له بيده فيتم حبسه". وطالب بتأجيل مناقشة المشروع.
الأمر نفسه طالب به عضو المجلس الدكتور حسام الملاحي، وقال "لا أحد يقبل أي تقصير أو خطأ يتم من قبل الأطباء في حق المريض"، مضيفًا "المضاعفات التي قد تحدث للمريض لم يتطرق إليها مشروع قانون المسؤولية الطبية".
وبشأن المضاعفات الطبية، قال فوزي "حاجة بتاعة ربنا، وهناك المعروف منها طبقًا لكتب الطب"، مشددًا على أن "العقوبات الورادة في القانون ليس له علاقة بالمضاعفات، ولا تعد خطأ طبيًا".
وأوضح "لدينا تعريف منضبط للخطأ الطبي، وعباراته تتحدث عن الخطأ الجسيم، كما أن لدينا في القانون تحديدًا واسعًا لحالات انتفاء المسؤولية الطبية"، مضيفًا "القانون عبارة عن تعريف الخطأ الطبي والمادة التي تنفي المسؤولية الطبية في غاية الاتساع".
وينظم مشروع القانون التظلم من قرارات اللجنة وجعل اللجنة العليا أحد جهات الخبرة التي يجوز للمحكمة الاستعانة بها، وأوضح فوزي أن المشروع يجيز التسوية الودية في حالات الخطأ الطبي.