وصف مخرج فيلم "أبو زعبل 89" بسام مرتضى إقبال الجمهور على الفيلم لدرجة تخصيص عرض رابع له وحصوله على 3 جوائز في الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي بأنه "حلم لا يزال يحاول استيعابه"، وقال لـ المنصة إن ما حدث "معجزة".
وفاز "أبو زعبل 89" خلال مشاركته بمهرجان القاهرة السينمائي أخيرًا بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وتنويه في مسابقة أسبوع النقاد الدوليين، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة أفضل فيلم إفريقي.
وشهد الفيلم إقبالًا جماهيريًا كبيرًا خلال عرضه بالمهرجان، حتى أُضيف عرض رابع له الجمعة الماضي في سينما الزمالك، رغم تحديد ثلاثة عروض له ضمن برنامج المهرجان، ما قال عنه مُخرجه إن رد فعل الجمهور فاق توقعاته "كنت بقول للناس هو فيلم عادي، لكن كانوا يطلعوا يفاجئوني ويتكلموا عنه بتأثر واهتمام".
وأوضح أن الاحتفاء لم يتوقف عند مشهد الترحيب بالفيلم والتصفيق لصناعه، لكن استمر بعد انتهاء العروض وحضور مشاهدين من أجيال وأزمنة مختلفة "الجمهور عرف يطلع من الفيلم علاقة الابن والأب، والابن والأم، والأب والأم؛ وفتح عندهم أسئلة وأفكار كانت أكبر بكتير من اللي كنا بنحلم بيه".
وعن حصده 3 جوائز بالمهرجان، قال "طبعًا كان نفسنا ناخد جايزة ونطلع على المسرح، لكن في لحظة الحصول على جايزة حسينا إننا بنمثل شيء أكبر من ذواتنا، بنمثل اللي حوالينا؛ زملاءنا المستقلين والتسجيليين".
وأثناء استلامه جائزة مهرجان القاهرة لأفضل فيلم وثائقي، قال بسام خلال كلمته "الجايزة دي لكل السينمائيين المستقلين والتسجيليين المصريين وبالتأكيد لفيلم آخر المعجزات".
ومنعت الرقابة عرض فيلم آخر المعجزات للمخرج عبد الوهاب شوقي، في مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ عدل المسؤولون عن المهرجان برنامج حفل الافتتاح قبل ساعات من انطلاقه وحذفوا الفيلم، وعرضوا الفيلم القصير "الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتًا" بدلًا منه.
وتدور أحداث "أبو زعبل 89" في 83 دقيقة، يشتبك فيها بسام مع ماضيه بكل حب، يحاول أن يفهم انفصال أبويه منطلقًا من رحلته مع أمه فردوس بهنسي إلى سجن أبو زعبل عام 1989 لزيارة والده محمود مرتضى، الذي أُلقي القبض عليه في قضية التضامن مع اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989.
ونظم عمال شركة الحديد والصلب اعتصامين خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب عام 1989، للمطالبة برفع الحوافز الشهرية، وفي الاعتصام الثاني اقتحم الأمن الشركة ونكل بالعمال، ما أسفر عن قتيل واحد وعشرات من المصابين ومئات المعتقلين.
وعمل بسام مساعد مخرج لعدد من الأفلام التسجيلية والروائية المستقلة قبل أن يخرج عدة أفلام تسجيلية، وأنتج فيلمه التسجيلي الأول "بيت حلوان" عام 2006، أخرج بعده عددًا من الأفلام التسجيلية منها "أصوات نسائية، وعدل وإنصاف، وبلا بدائل". كما عرض فيلمه التسجيلي السابق الثورة.. خبر في مهرجان برلين الدولي 2012.
وفي نفس وقت مشاركة الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي سافر بسام إلى هولندا للمشاركة بالفيلم في مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية/IDFA، الذي يعد أحد أهم الأحداث الفنية في العالم، وانطلقت الدورة السابعة والثلاثون منه خلال الفترة ما بين 14 إلى 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وضم برنامجه 254 فيلمًا وثائقيًا و27 مشروعًا إعلاميًا جديدًا.
وعن الفرق بين عرض الفيلم في القاهرة وأمستردام، قال بسام إنه كان مشغولًا بمستويات التلقي المختلفة، مضيفًا "اختلاف الناس يخليني أفضل أتأمل هو إحنا بنعمل أفلام إيه ولمين؟ ولحد فين هقدر أوسع الحدوتة (لمشاهد أجنبي) ولحد إمتى الناس في عوالم مختلفة هتقدر تستوعب، دا كان شاغلني طول الوقت وكان تحدي، كنت مش عايز أتوسع في شرح السياق فياخدني بعيد عن حكي الحكاية".
وتابع "المشاهد الأجنبي الأوروبي ساعات بيكون عنده أسئلة بدائية، ورغبة إنه يعرف ويفهم أكتر عن السياق بس أنا عارف لو وسعت أكتر هخسر جمهور أكبر، وهفقد شيء ما من التدفق في المشاعر بتاع جمهور عارف السياق، ودا تحدي هنفضل عايشين بيه طول العمر، يعني مسألة مربكة في الصناعة هنفضل عايشين بيها طول العمر وهتفضل تؤرقنا".
وطوال مدة الفيلم الذي يعد تجربة ذاتية لبسام ووالده، ومن إنتاج سي ميديا للإنتاج الفني والوثائقي وسيرة فيلمز وجوتي فيلمز من ألمانيا، لا يصدر بسام أحكامًا على أحد، فقط حاول بحرفية نقل لحظات السجن والتعذيب وتأثير ذلك في حياتهم.
وعن الصعوبات التي واجهت فريق العمل طوال مدة السبع سنوات التي جرى إنتاج الفيلم فيها، أكد بسام أنه بخلاف المشاكل المتعلقة بتوفير الميزانية، من أكثر الصعوبات التي واجهته كان وفاة والدته أثناء تصوير الفيلم "موتها لخبط حاجات كتير، لخبطني كبني آدم وحسسني إني محتاج وقت كإبن فقد أمه بكل تعقيدات ده، ومحتاج آخد نَفَسي وأفهم وأستوعب، قبل ما أرجع أفكر فيه كمخرج".
وأضاف "فنيًا كمان كنت محتاج أتعامل كمخرج مع فقد شخصية رئيسية بتحرك الفيلم عندها رواية عنيفة وغاضبة، فكنت لازم بشكل فني أفضل محافظ على فكرتي الرئيسية اللي ببني بيها الفيلم، اللي هي كل التعقيدات دي، وإن مفيش صورة واحدة لا للضحية ولا الأذى ولا البطولة، إزاي في اللحظة دي هقدر أعمل ده".
وتابع بسام أن من بين الصعوبات التي واجهت الفيلم أيضًا أزمة تفشي وباء كورونا "فجأة الحياة اتغيرت لكن إحنا في وسط الوباء عايزين نحافظ على عالم فيلمنا بدون تأثير على أفكارنا ولا لغتنا، كان مطلوب مننا نبقى كأننا مش موجودين وعايشين في عالم فيلمنا".
وأشار إلى أن آخر المشاهد التي صورها قبل سنتين من عرض الفيلم، وأنه ظل يصور على مراحل متقطعة، وعاش كثيرًا في إحساس أن الفيلم "لسه مش ده اللي أنا راضي عنه"، وبالتالي "قعدنا سنين في المونتاج، ووصلت لمرحلة أني يأست أني هعمل حاجة مُرضية بالنسبة لنا".
وأضاف "في يوم من الأيام عملت تعديل بسيط، ورتبت كام مشهد وبعت لزملائي في الفريق ولقيتهم كلهم مبسوطين وبيقولوا أيوه هو دا اللي إحنا عايزين نعمله، وفعلًا بعد الموقف دا بقى عندنا فيلم صحيح عدلنا حاجات بسيطة عليه لكن بقى عندنا فيلم".
يذكر أن مهرجان القاهرة السينمائي أقيم خلال الفترة بين 13 إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وفاز الفيلم الروماني "العام الجديد الذي لم يأت أبدا" بجائزة الهرم الذهبي لأفضل فيلم.