انتقد سياسيون تنظيم اتحاد القبائل والعائلات المصرية احتفالًا بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، إحياء لذكرى نصر أكتوبر، نظرًا لـ"الدلالات السلبية" لحصول الاتحاد على دعم رئاسي، في ظل غياب الهدف من تشكيله، وبقائه عقب انتهاء الحرب على الإرهاب في سيناء.
وسبق وحذر خبيران في العلوم السياسية من خطورة تأسيس اتحاد القبائل، كونه يقوم على "أساس عرقي، ويضم ذوي الأصل العربي الذين وفدوا إلى مصر بعد عام 642".
وشارك السيسي، للمرة الأولى منذ تدشين الاتحاد في مايو/أيار الماضي، في فعاليات الاحتفال الذي نظمه الاتحاد باستاد العاصمة الإدارية الجديدة، أمس، وتضمن فقرات فنية وغنائية، وعرضًا لأفلام وثائقية عن عسكريين ورموز شعبية شاركت القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، عوضًا عن قصص أبطال رياضيين.
أهداف غامضة
واعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية الدكتور سعيد صادق مشاركة الرئيس في الاحتفال "تعبيرًا واضحًا عن دعم الدولة للاتحاد رغم غموض الهدف من تأسيسه".
وأكد صادق لـ المنصة أن وجود الاتحاد في سيناء في فترات سابقة كان مفهومًا لدوره في معاونة الجيش في حربه على الإرهاب، إلا أن "بقاءه وتوسعه ليشمل القبائل العربية بات أمرًا مستغربًا بعد كبح الإرهاب في سيناء".
وبدأ الجيش المصري في فبراير/شباط 2018 حربًا موسعة على الإرهاب في سيناء، وأعلن الرئيس نهاية الإرهاب في يناير/كانون الثاني 2023.
وكان أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، تساءل عن سبب استمرار الاتحاد وطبيعة الدعم الرئاسي الممنوح له بقوله "يا جماعة ماتفهمونا إيه حكاية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية وفي حضور السيد رئيس الجمهورية؟".
وأضاف، في بوست على فيسبوك، "العجيب إنه رغم حضور الأحزاب إياها من مستقبل وطن وحماة وطن فقد تجاهلها الإعلام تمامًا وركز فقط على هذه الكيانات العجيبة".
من جانبه، قال رئيس الاتحاد إبراهيم العرجاني، في تصريحات لموقع العربية نت أمس، إن "الاتحاد أنشئ لجمع كافة القبائل العربية في مصر داخل كيان واحد يقف خلف القيادة السياسية ويصطف خلف الجيش ويدعم ما تتخذه القيادة والقوات المسلحة من قرارات لحماية الأمن القومي المصري والعربي ورفض مخططات التهجير إلى سيناء وعدم التفريط في أي حبة رمل من أراضيها".
ورجح صادق احتفاظ الاتحاد بدور مستقبلي "غير معلن"، لا سيما مع توليه حاليًا أدوارًا وصفها بـ"غريبة الشأن"، كتدخل رئيسه إبراهيم العرجاني في عمليات إعادة إعمار ليبيا، وهو ما يشير بوضوح إلى أن دوره لم يعد يقتصر على الحرب على الإرهاب، "بالتأكيد هما شافوا إنه فيه استخدامات سياسية للاتحاد أكبر من موضوع الإرهاب اللي تم تحجيمه بالفعل في شمال سيناء".
وحول مدى مناسبة هذا الدور للوضع المصري، أشار صادق إلى أن القبائل بطبيعتها تشكيلات اجتماعية قديمة وباتت تتراجع بشدة في الشرق الأوسط، موضحًا أن الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن القبائل كانت تمثل حوالي 20% من سكان الشرق الأوسط عام 1900، أما الآن فباتت لا تمثل سوى نحو 1%، وبالتالي فإن إحياءها في الوقت الحالي "شيء غريب".
ويتفق مع هذا الطرح المتحدث باسم الحركة المدنية طلعت خليل، الذي قال لـ المنصة "مفيش دولة مدنية حديثة تعتمد على فكرة القبائل، وبالتالي فنحن نستعجب كيف يكون هناك جمهورية جديدة تزكي النعرات القبلية. هذا أمر في منتهى الخطورة وغير صحيح".
وتساءل خليل عن طبيعة الاتحاد ومن يقف وراءه للحد الذي يجعله يعين كلًا من وزير الإسكان السابق عاصم الجزار أمينًا عامًا ووزير الزراعة السابق السيد القصير أمينًا عامًا مساعدًا في كيان يترأسه إبراهيم العرجاني، مضيفًا "هناك غموض شديد جدًا حول هذا الكيان المسمى باتحاد القبائل العربية، وإحنا كسياسيين بننظر لهذا الأمر نظرة فيها اندهاش وصدمة".
لكن العرجاني يرى أن الهجوم على الاتحاد "تقف خلفه جماعات الهدم من أعداء الوطن الذين يسعون لإحداث فتنة بين الشعب وقيادته خاصة أن الاتحاد أعلن عن مواقفه مبكرًا وفور إنشائه، ومنها رفض تهجير وتوطين الفلسطينيين في سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما لا يتماشى مع أهدافهم"، مؤكدًا أن "الاتحاد بات له دور مهم في المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها للسكان في غزة"، حسب تصريحاته للعربية.
وقال "اتحاد القبائل يسعى ليكون رقمًا مهمًا على الساحة الوطنية، دون أن يكون بديلًا للأحزاب السياسية الحالية"، موضحًا أنه "سيكون مكملًا للجميع ولكافة الأحزاب من أجل خدمة أهداف الوطن".