أرسل أعضاء ديمقراطيون في لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي رسالةً إلى المفتش العام بوزارة العدل، الاثنين الماضي، يطلبون منه التحقيق فيما إذا كان المعينون من قبل الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب "تدخلوا ومنعوا" تحقيقًا جنائيًا في الاستخبارات الأمريكية حول محاولة الحكومة المصرية منح ترامب 10 ملايين دولار لتعزيز حملته الرئاسية في 2016، حسبما نشرت واشنطن بوست قبل يومين.
ويأتي الطلب لمراجعة كيفية انتهاء التحقيق بعدما كشفت مقالة نشرتها واشنطن بوست، في أغسطس/آب الماضي عن تفاصيل تحقيق سري أجرته وزارة العدل بشأن "معلومات استخباراتية تتحدث عن تلقي حملة ترامب مبلغ عشرة ملايين دولار من مصر"، وأشارت إلى أن التحقيق أغلق على الرغم من سعي المدعين العامين والوكلاء إلى اتخاذ خطوات إضافية في التحقيق.
وذكرت واشنطن بوست "أنه قبل 5 أيام من تولي ترامب منصبه، تم سحب مبلغ يكاد يكون مماثلًا للعشرة ملايين دولار التي وردت في المعلومات الاستخباراتية عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أحد البنوك في القاهرة، مرتبط بجهاز المخابرات العامة المصري، على شكل أوراق نقدية من فئة 100 دولار"، مشيرة إلى أن "اكتشاف عملية السحب تلك تم في أوائل عام 2019 ما كثف من إجراءات التحقيق السري".
لكن المدعي العام وليام بار تدخل لاحقًا شخصيًا في القضية، وفق الصحيفة الأمريكية، وحث قادة مكتب التحقيقات الفيدرالي على "فرض إشراف" على العملاء الذين يسعون للحصول على السجلات المصرفية لترامب لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على أدلة تؤكد أن الأموال وصلت إلى ترامب، حسبما ذكرت واشنطن بوست.
وقال القائم بأعمال المدعي العام الأمريكي آنذاك مايكل شيروين، الذي أغلق القضية في عام 2020، لواشنطن بوست، إنه "فعل ذلك بسبب عدم كفاية الأدلة".
ووقع 4 أعضاء من لجنة القضاء في مجلس الشيوخ، السيناتور ريتشارد بلومنثال (كونيتيكت)، ومازي هيرونو (هاواي)، وأليكس باديا (كاليفورنيا)، وشيلدون وايتهاوس (رود آيلاند)، على رسالة تطلب من المفتش العام لوزارة العدل مايكل هورويتز التحقيق في "نمط من السلوك يتضمن التدخل السياسي غير اللائق، وتجاهل معايير التنحي، وإلغاء إرشادات النائب العام، من بين اعتبارات غير لائقة أخرى".
وكتب الأربعة أنه إذا تم اختصار القضية بشكل غير لائق، فإن "مثل هذا التدخل يشكل سببًا للقلق الشديد بشأن نزاهة وزارة العدل في عهد الرئيس ترامب آنذاك وعملياتنا الديمقراطية على نطاق أوسع".
ووصفت حملة ترامب التقارير التي تتحدث عن هذا الأمر بأنها "أخبار كاذبة تمامًا".
وقال المتحدث باسم الحملة ستيفن تشيونج إن التحقيق الذي أجرته وزارة العدل "لم يعثر على أي مخالفات وتم إغلاقه"، متهمًا أعضاء مجلس الشيوخ بمحاولة "التدخل" في الانتخابات المقبلة.
والشهر الماضي، أرسل كبار الديمقراطيين في لجنة الرقابة بمجلس النواب رسالة إلى ترامب يسألونه فيها عما إذا كان قد تلقى أموالًا بشكل غير قانوني من الحكومة المصرية. ولم يستجب ترامب للرسالة، وفقًا للمتحدثة باسم جيمي راسكين (ديمقراطي من ماريلاند).
وفي معرض دفاعهم عن هورويتز، كتب أعضاء مجلس الشيوخ الأربعة أن "التدخل الأجنبي في الانتخابات الأمريكية يشكل مصدر قلق رئيسي للأمن القومي، وأن قبول التبرعات الأجنبية للحملات الانتخابية، إذا كان صحيحًا، من شأنه أن يشكل جريمة فيدرالية".
"وعلاوة على ذلك، فإن التدخل في تحقيق حساس يتعلق بالرئيس آنذاك من قبل كبار المسؤولين في وزارة العدل الذين عينهم ذلك الرئيس من شأنه أن يشكل انتهاكًا صارخًا لقواعد وإجراءات الوزارة، فضلًا عن تهديد خطير للإدارة المحايدة للعدالة"، كما كتبوا "وبناءً على ذلك، نحثكم على إجراء تحقيق كامل وشامل في هذه التقارير المزعجة للغاية".
وبموجب إرشادات وزارة العدل، قد يضطر مكتب المفتش العام إلى طلب تفويض من مكتب المسؤولية المهنية التابع لوزارة العدل لإجراء أجزاء من التحقيق. ورفضت المتحدثة باسم هورويتز التعليق.
وكانت هيئة محلفين في محكمة اتحادية في مانهاتن أدانت السيناتور الأمريكي بوب منينديز، في يوليو/تموز الماضي، في جميع التهم الجنائية الموجهة إليه، وعددها 16، ومنها العمالة لصالح الحكومة المصرية.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وجهت وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهامات إلى منينديز، وزوجته نادين أرسلانيان منينديز، بالفساد والرشوة مقابل تقديم خدمات غير مشروعة للسلطات المصرية، وفق موقع CNN.
وذكرت لائحة الاتهام الفيدرالية الموجهة إلى منينديز وزوجته أنهما قبلا مئات الآلاف من الدولارات، ووظيفة لزوجته بمرتب دون عمل، وسيارة فاخرة، مقابل استغلال منصب السيناتور لصالح السلطات المصرية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل في أكتوبر/تشرين الأول 2022 منينديز في القاهرة، في لقاء قال عنه المتحدث باسم رئاسة الجمهورية "تولي مصر أهمية للتواصل الدائم مع قيادات الكونجرس، في إطار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين إزاء مختلف القضايا"، مؤكدًا "متانة العلاقات الاستراتيجية الممتدة منذ عقود بين مصر والولايات المتحدة، وحرص مصر على تعزيز تلك العلاقات، لا سيما في ظل الواقع الإقليمي المضطرب في المنطقة وما يفرزه من تحديات متصاعدة، وعلى رأسها خطر الإرهاب الآخذ في التنامي".