قرر مجلس أمناء الحوار الوطني عودة الجلسات العامة العلنية لبحث سبل توجيه الدعم لمستحقيه، وذلك خلال اجتماع أمس، في وقت قال مصدر مسؤول بوزارة التموين، مطلع على ملف الدعم، لـ المنصة إن الوزارة ستبدأ في التطبيق التجريبي لمنظومة الدعم النقدي بدلًا من العيني، المعمول بها حاليًا، في محافظة بورسعيد، بدايةً من العام المالي المقبل 2025-2026، نظرًا لاستعدادها من حيث البنية التحتية المعلوماتية بشكل تام.
ولم يعلن الحوار الوطني، حتى الآن، عن موعد استئناف الجلسات العلنية لمناقشة قضية الدعم، فيما قال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن الدعم النقدي المقرر تطبيقه ينص على تحرير أسعار السلع بشكل كامل، على أن يحصل كل فرد مدرج بمنظومة التموين على قيمة مالية تكفيه لشراء السلع نفسها التي يحصل عليها حاليًا والمتمثلة في زجاجة زيت وكيس سكر.
وأوضح المصدر أن الوزارة لم تحسم بعد قيمة الدعم المقرر منحه للمواطن، بجانب آلية منحها للمستفيد من الدعم، سواء عبر بطاقة التموين نفسها أو من خلال آلية أخرى مثل بطاقة موحدة تجمع بين كل الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواطنين، وعدد آخر من الآليات يجري دراستها حاليًا.
وبدأ الحوار الوطني جلساته، في مايو/آيار من العام الماضي، قبل أن تُعلق جلساته في سبتمبر/أيلول بسبب الانتخابات الرئاسية، ثم عاد الحوار لفتح عدة ملفات حيوية منها الحبس الاحتياطي لكنها كانت جلسات مغلقة، قبل أن يعلن مؤخرًا عن عودة قريبة للجلسات العلنية.
من جانبه، أرجع عضو مجلس أمناء الحوار الوطني ووزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق العودة إلى الجلسات العلنية مع مناقشة قضية الدعم إلى أهميتها وتقاطعها بشكل مباشر مع حياة المواطنين، مشيرًا إلى البدء بالجلسات العلنية وتمثيل كافة الاتجاهات خلال المناقشات.
خطوة حساسة
وحذر عبد الخالق، في تصريح إلى المنصة، من الدفع باتجاه الدعم النقدي ورفع الحكومة يدها عن تقديم الدعم العيني، قائلًا "هذه مسألة خطيرة شديدة الحساسية من الناحية الشعبية ومرتبطة بالاستقرار الاجتماعي"، مشددًا على عدم وجود اتجاه محدد بعد لدى مجلس الأمناء.
وأقر وزير التموين السابق بخطورة فتح هذا الملف في الوضع الاقتصادي الحالي، وتقديره مخاوف المساس بالدعم أو تضييق نطاق المستحقين، قائلًا "هذه مخاوف مبررة، خاصة وأن الحكومة تتجه للدعم النقدي وتجييش الإعلام للحديث عن مزايا الدعم النقدي وعيوب العيني، وهذه محاولة للتأثير على الرأي العام".
وتشهد مصر موجات متتالية من التضخم وارتفاع الأسعار، وسبق ورفعت الحكومة سعر الخبز المدعم من 5 إلى 20 قرشًا بداية من يونيو/حزيران الماضي.
وتابع عبد الخالق "الموضوع ليس أبيض وأسود، ولا يجب مناقشة العيني في مقابل المادي، وكأنهما حلان فقط لا ثالث لهما"، مطالبًا بفتح الأفق للمناقشات والبحث عن إصلاح الدعم العيني وليس الاستمرار للدعم النقدي الذي بدأته الحكومة قبل سنوات.
ونبه عبد الخالق لأن دعم السلع التموينية لا يتجاوز 3.5% من إجمالي المصروفات في الموازنة، ورفعه لن يخفف العبء عن الموازنة.
وحسب بيان صادر عن مجلس الأمناء تتلقى الأمانة الفنية للحوار الاقتراحات حتى اليوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، على أن تُعِد بعدها تحليلًا تفصيليًا لما وصلها، لعرضه على مجلس الأمناء والمقرر العام والمقرر العام المساعد للمحور الاقتصادي.
كما يعقد أسبوع من الجلسات العامة العلنية لمناقشة مختلف جوانب قضية الدعم، يشارك فيها مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية، على أن تتضمن البيانات الرسمية حول منظومة الدعم في مصر، وتحديد مستحقي الدعم ومتطلباتهم، فضلًا عن مزايا وعيوب الدعم العيني والنقدي، وآليات وضمانات وصول الدعم لمستحقيه.
ويليه أسبوع من الجلسات المتخصصة يحضرها خبراء ومتخصصون وممثلون لجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية، لبلورة التوجهات والتوصيات التي تم التعبير عنها في الجلسات العامة، ثم عقد جلسات للصياغة النهائية للتوصيات، لرفعها لرئيس الجمهورية.
الأمن القومي
في سياق متصل، حدد مجلس أمناء الحوار الوطني السبت المقبل موعدًا لعقد جلسة عاجلة "ليعلن للرأي العام المصري القضايا والإجراءات التي سيدعو إليها، من أجل دعم موقف الدولة المصرية الثابت مما يجري من تصعيد خطير في المنطقة، والمساهمة بكل السبل في تعزيز الأمن القومي المصري والمصالح المصرية العليا الثابتة".
وأوضح المجلس في بيان أمس أن هذه المناقشة "استجابة لمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإدراج قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، كأولوية عاجلة في فعاليات الحوار خلال الفترة الحالية والقادمة، نظرًا للتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة".
تأتي هذه المناقشات بعدما استبعد مجلس الأمناء منذ بدء أعماله ثلاث قضايا من محاور النقاش تمثلت في تعديل الدستور والأمن القومي والسياسة الخارجية.
وفيما يخص البند الثاني المُتعلق بقضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، ناقش الحوار باستفاضة التصاعد المطرد في الأحداث، واستمرار الصراع في المنطقة لمدة عام واتساعه بشدة مؤخرًا مما يهدد الأمن والاستقرار في كل المنطقة.