اتفق المشاركون في جلسة الحوار الوطني، أمس، حول الحبس الاحتياطي، على ضرورة إجراء تعديل تشريعي يخفض مدده، ويعزز لجوء النيابات إلى التدابير الاحترازية قبل إصدار قرار به، في وقت أكد لـ المنصة مصدران من النشطاء السياسيين شاركا في الجلسة، التي امتدت لأكثر من 11 ساعة، وقوع خلافات كان أبرزها على استخدام مصطلح "التدوير" خلال الحديث عن الحبس الاحتياطي المتكرر.
وتطرق المصدارن، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، رفض رئيس الأمانة الفنية المستشار محمود فوزي استخدام الكاتب الصحفي والقيادي في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي خالد داود مصطلح "التدوير"، موضحًا أن اللفظ القانوني "التعدد والتعاصر".
وتدوير السجناء هو نظام أوجدته السلطات المصرية لعدم الإفراج عن السجناء السياسيين لديها، التي ترغب في بقائهم محبوسين رغم انتهاء فترة حبسهم، فتصدر قرارات بإخلاء السبيل دون أن يتم ذلك الإخلاء فعليًا، ويحتجز المُخلى سبيله فترة داخل أحد المقرات الأمنية ليظهر مجددًا على ذمة قضية جديدة، بذات الاتهامات، وربما تغيرت قليلًا إلا أنها تبقى في ذات الإطار.
وحسب المصدر الأول، تخلل الجلسة أيضًا اعتراض عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن إيهاب الطماوي على كلمة عضو مجلس أمناء الحوار الوطني نجاد البرعي خلال حديثه عن وجود مشكلات في ممارسات بعض ضباط الأمن الوطني، وطالب الطماوي بحذف الكلمة من المضبطة، بينما اعترض عدد من المشاركين.
بدوره أكد البرعي خلال حديثه مع المنصة الواقعة لكنه أردف "لم أتحدث عن الأمن الوطني فقط، تحدثت عن وجود مشكلات في ممارسات بعض ضباط الداخلية وبعض ضباط الأمن الوطني".
وأشار البرعي إلى أن المشاركين أجمعوا على تخفيض المدة وعدم لجوء النيابة للحبس مباشرة بل تلجأ للتدايبر الاحترازية الورادة في القانون، وتلجأ له حال فشلت التدابير في حماية التحقيق.
وأشار البرعي إلى وجود مقترحات بوضع مدة تنتهي فيها التحقيقات، وإذا لم تنتهِ يعتبر كأنه قرار صادر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وعلَّق "مش عارف التوصية دي تتقبل ولا لأة، لأن ممكن النيابة تعتبرها تقييد لعملها".
ولفت البرعي إلى عدم الوصول لحل واضح لما أسماه "الحبس الاحتياطي المتتالي"، في إشارة إلى تدوير بعض المتهمين السياسيين، وإدراجهم على قضية جديدة بذات الاتهامات بعد صدور قرارات إخلاء السبيل.
وعلق البرعي على اعتراضات رئيس الأمانة الفنية على مصطلح التدوير "أنا عارف وغيري عارف إنه ليس مصطلح قانوني هو مصطلح سياسي"، واعتبر أنه "موضوع حساس يتعلق بالممارسات أكثر من القانون".
من جانبه طالب المحامي الحقوقي محمد الباقر، خلال الجلسة، بتعديل مواد القانون لتكون التدابير الاحترازية هي الأساس، والحبس الاحتياطي هو الاستثناء، وتحديد الجرائم التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي على سبيل الحصر ، وفق ما نشره على صفحته على فيسبوك.
كما دعا إلى تعديل مدد الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، لتكون في الجنح 45 يومًا بدلًا من 6 أشهر، وتكون في الجنايات 6 أشهر بدلاً من 18 شهرًا، وتكون في الاتهامات التي تصل عقوبتها للمؤبد والإعدام 12 شهرًا بدلًا من 24 شهرًا.
وأكد الباقر ضرورة إلغاء الحبس الاحتياطي في جرائم النشر والرأي والتعبير، داعيًا لضبط صياغة النص للتأكيد على أن مدة الحبس الاحتياطي واحدة تشمل فترة التحقيقات وفترة التدابير الاحترازية وفترة المحاكمة قبل إصدار الحكم، ولا يجوز أن تنتهي مدة الحبس الاحتياطي للمتهم ثم تبدأ مدة مماثلة للتدابير، والحبس الاحتياطي أثناء المحاكمة مقيَّد بتلك المدد وليس بقرار القاضي.
ودعا المحامي الحقوقي إلى إخلاء سبيل كل من تعدى ستة أشهر حبس احتياطي، و كل محبوس احتياطي على محضر تحريات لا يشمله دليل مادي، و كل محبوس احتياطي تم وضعه على قضية جديدة لاستمرار حبسه الاحتياطي غير المبرر.
من جهته شارك الصحفي والناشط السياسي محمد صلاح خلال الجلسة أمس تجربته التي امتدت فيها مدة الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين، تخللها "تدوير" على قضية أخرى بعد صدور قرار بإخلاء سبيله، وما وصفه بـ"احتجاز غير قانوني".
وقال صلاح في حديثه لـ المنصة، اليوم عن مداخلته أمس، إن ما حدث معه "لا تعدد ولا تعاصر، حصلت على إخلاء سبيل ثم تم إدراجي في قضية أخرى جديدة بذات الاتهامات".
ولفت إلى التوافق على تعويض المتضررين من الحبس الاحتياطي "التعويض يبدأ بإبراء الذمة وسقف زمني منذ بدء التحقيق، إذا لم يتم إحالة القضية خلال سنة يتم حفظها بقوة القانون وتنتهي الآثار المترتبة عليها"، كما أشار إلى "التعويض الأدبي بالنشر، وتعويض مادي دون الحاجة لإقامة دعوى قضائية".