تصوير رافي شاكر، المنصة
البنك المركزي المصري

انخفاض محدود في الفائدة وتيسيرات بالأسواق الدولية.. مكاسب مصر المتوقعة من قرار الفيدرالي

إسلام علي
منشور الاثنين 23 سبتمبر 2024

رأى خبراء مصرفيون في قرار خفض الفائدة 0.5% بالولايات المتحدة خطوةً مهمةً للعديد من البلدان النامية، منها مصر، متوقعين خلال حديثهم إلى المنصة أن يُسهم الإجراء الذي اتخذته واشنطن الخميس الماضي في دفع البنك المركزي المصري للحد من الفائدة المرتفعة محليًا.

كما يمكن القرار وزارة المالية المصرية من العودة لطرح ديون في سوق اليوروبوند/Eurobond الدولية بعبء خدمة دين أقل من ذي قبل، وفق الخبراء الذين تخوفوا من أن تسهم عوامل محلية في الحد من استفادة مصر من تغير الأجواء العالمية.

ويعد قرار البنك الفيدرالي الأول منذ أربع سنوات في خطوة للعدول عن سياسة التشديد النقدي التي اتبعها منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ساهمت في ارتفاع تكاليف الديون عالميًا، ومن المتوقع أن يسمح الفيدرالي بخفض 0.5% جديدة قبل نهاية العام لتصل إلى نطاق 4.5% أو 4.25%، وفق CNBC.

وقال الخبير المصرفي هاني جنينة لـ المنصة إن "مسار الفائدة في مصر خلال الفترة الأخيرة كان يسير بشكل مقارب للمسار الأمريكي، لذا من المتوقع أن تنخفض الفائدة في مصر بنسب تتراوح بين 1-2% بنهاية العام الجاري".

وساهمت الضغوط التضخمية في دفع البنك المركزي المصري لاتباع سياسة تشديد نقدي غير مسبوقة منذ عامين، رفعت سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة بنحو 19% منذ فبراير/شباط 2022 لتصل إلى 28.25%.

لكن محللة الاقتصاد الكلي دينا الوقاد ترى أن الاستجابة المتوقعة من المركزي المصري للتطورات الأمريكية لن تتجاوز 1% بنهاية هذا العام، لأنه سيضع في اعتباراته أيضًا عوامل محلية "المركزي لن يخفض سعر الفائدة بشكل سريع تحسبًا لخروج الأموال الساخنة بشكل يُسبب صدمة".

والأموال الساخنة تشير إلى الاستثمارات الموجهة للديون قصيرة الأجل التي يستطيع المستثمرون التخارج منها خلال فترة قصيرة، ما يخلف ضغوطًا على الجهات المستدينة.

لكن بالنظر إلى مدى أطول من التوقعات، يرى جنينة أنه "على الأرجح ستنخفض الفائدة في مصر بمعدلات أكبر خلال العام المقبل لتصل إلى نحو 18% في حال هدوء وتيرة التضخم واستمرار الفيدرالي الأمريكي في خفض الفائدة".

عودة لسوق السندات الدولارية

بعد إعلان الفيدرالي بيوم واحد، نقلت بلومبرج عن مصادر لم تسمها، الجمعة الماضي، أن الحكومة ستعود لسوق السندات الدولارية لأول مرة منذ 3 سنوات، ورجح مصدر مطلع على ملف الطروحات السيادية بوزارة المالية لـ المنصة، أمس، أن تكون أولى هذه الطروحات في يناير/كانون الثاني المقبل.

ويعزز رئيس البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية محمد عبد الحكيم، ذلك قائلًا لـ المنصة "هناك العديد من المؤشرات تعزز من فرصة عودة مصر لسوق اليوروبوند، منها دورة التيسير النقدي الحالية في الولايات المتحدة وأوروبا، التي تساهم في انخفاض تكاليف القروض عالميًا".

وأضاف "مؤشرات التداول على السندات المصرية الدولية في الأسواق الثانوية تعكس مؤخرًا نظرة إيجابية للمستثمرين تجاه الديون المصرية".

وحسب بيانات بلومبرج، كانت السندات المصرية المقومة بالدولار والمستحقة، في عام 2047، تُتداول فوق 80 سنتًا للدولار بحلول الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2022.

لكن رغم توقعات الخبراء بأن يسهم اتجاه الفيدرالي في تيسير ولوج مصر إلى الأسواق الدولية، لا يتوقعون انخفاضًا في العائد المطلوب من المستثمرين يماثل مستويات ما قبل الأزمة.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر أحمد أبو السعد، وهو عضو مجلس إدارة البورصة المصرية لـ المنصة إن العائد المتوقع على سندات مصر الدولية التي تتراوح آجالها بين 7 إلى 10 سنوات، سيكون في حدود الـ10%.

وحسب بيانات البنك المركزي، بلغ العائد على سندات أصدرتها وزارة المالية في 2021 وينتهي أجلها في 2033 مستوى 7.3%.

ويقول مصدر في قسم البحوث بشركة النعيم القابضة للاستثمارات لـ المنصة "تستطيع الحكومة المصرية طرح السندات لأجل يصل لـ10 سنوات خلال الفترة المقبلة، بعائد يتراوح ما بين 9.5 إلى 10%". 

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أنه رغم استمرار فائدة السندات عند مستويات أعلى من بداية الأزمة، لكن الحكومة في حاجة قوية لهذه الإصدارات "فهي ما زالت تحتاج في الوقت الراهن للمزيد من السيولة الدولارية لعدم حدوث أي أزمة جديدة لشح النقد الأجنبي".

وتمثل السندات الدولية أحد أبرز مصادر التمويل الأجنبي لمصر، حيث وصل رصيدها إلى نحو 18% من مجمل الدين الخارجي خلال العام الحالي بقيمة 28.9 مليار دولار. 

عائق التصنيف الائتماني 

ويرى خبراء أنه بالرغم من مساهمة اتجاه الفيدرالي لخفض الفائدة، سيظل التصنيف الائتماني لمصر من أبرز العوامل التي تعوق استفادة مصر بقوة من بيئة التيسير النقدي عالميًا.

"تعرض التصنيف الائتماني لمصر لتخفيضات في الآونة الأخيرة بسبب الضغوط الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الدين الخارجي، ويؤثر التصنيف بشكل مباشر على العائد المتوقع من المستثمرين على إصدارات السندات الجديدة" كما تقول محللة الاقتصاد الكلي دينا الوقاد.

وشهد العامان الماضيان ارتفاع الدين الخارجي لمصر من 157.8 مليار دولار في 2022 إلى 165.3 مليار دولار في العام التالي، قبل أن يتراجع إلى 160.6 مليار دولار هذا العام بفضل تدفقات استثنائية من صفقة رأس الحكمة.

وشهد التصنيف الائتماني السيادي لمصر انخفاضات ملحوظة خلال العامين الماضيين، حيث تراجع تصنيف فيتش لمصر مرتين خلال عام 2023 عند -B، ورغم الأثر الإيجابي لصفقة رأس الحكمة لم ترفع فيتش تصنيف مصر في مايو/آيار الماضي، لكن عدلت نظرتها إلى نظرة إيجابية.