تصوير: هاجر عثمان- المنصة
مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون تنظم ندوة عن المرأة في قانون الإجراءات الجنائية، 19 سبتمبر 2024

"القاهرة للتنمية" تطلب نصوصًا خاصة بالمرأة في "الإجراءات الجنائية"

هاجر عثمان
منشور السبت 21 سبتمبر 2024 - آخر تحديث السبت 21 سبتمبر 2024

طالبت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون بـ"مراعاة النساء" في مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والنص على مواد خاصة بهن، تضمن حمايتهن من القسم وحتى المحكمة، عند التقدم ببلاغات بشأن تعرضهن لانتهاكات جنسية، وذلك خلال ندوة نظمتها المؤسسة أول أمس بعنوان "أين النساء من قانون الإجراءات الجنائية".

وتحفظ عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ضياء الدين داود على هذا الطرح، قائًلا لـ المنصة، خلال اتصال تعليقًا على الندوة، "مفيش حاجة اسمها موقع النساء من قانون الإجراءات الجنائية"، وأضاف "الشريعة الإجرائية لا تميز بين الرجل والمرأة الإ فى تنفيذ حكم الإعدام حيث تُمهل المرأة الحامل أن تضع مولودها".

وفي 11 سبمتبر/أيلول الجاري، وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية؛ تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب بعد عودته مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

لا تمييز بل حماية

ونفت الناشطة النسوية والمحامية بالنقض مها يوسف، خلال الندوة، المطالبة بأي تمييز للمرأة في قانون الإجراءات الجنائية لأنه قانون عام ومجرد وقواعده حاكمة لعموم المصريين، موضحة "لكن لا ننكر وجود قضايا اجتماعية تخص المرأة كالعنف الجنسي وجرائم الإبتزاز الإلكتروني، تجعلنا نطرح أمامها مقترحات بتخصيص باب كامل في القانون يُراعي هذه النوعية من القضايا إجرائيًا".

وطالبت بأن "يضم هذا الباب كافة الإجراءات التى تضمن للنساء حقوقهن في كافة مراحل التقاضي بدءًا من وجود وحدات خاصة لتلقي بلاغات العنف الجنسي وتخصيص إدارات لهذا النوع من الجرائم نظرًا لحساسيتها، وحماية نفسية الناجيات".

وأثنت مها، خلال كلمتها في الندوة التي أقيمت في  مقر المؤسسة بحي المهندسيين، على استحداث مشروع القانون لباب خاص بحماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين، وذلك في الباب الأول من الكتاب السادس خلال 6 مواد من 517 إلى 522، مُعالجًا القصور في المادة رقم 113 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، التي تمت إضافتها بموجب المادة رقم 1 من القانون رقم 177 لسنة 2020 ، وكانت توفر الحماية للمجني عليهم فقط في قضايا هتك العرض والتحرش الجنسي.

حماية الشهود

ومن جهة أخرى، لا تُخفي المحامية النسوية مخاوفها من المادة 519 من مشروع القانون التي تعطي الحق للشاهد أو المبلغ أو المجني عليه بتقديم طلب لإخفاء بياناته حماية من المخاطر، لقاضي التحقيق أو المحامي العام، إذ تظل الموافقة على الطلب خاضعة للسلطة التقديرية لجهات التحقيق وغير ملزمة، بالإضافة إلى مخاوف من مرور وقت طويل للموافقة على الطلب، وهو مايعيق الإجراءات الأخرى.

وطالبت الناشطة النسوية بترجمة نصوص حماية الشهود والمبلغين بآليات تنفيذ إجرائية واضحة لهذه الحماية، حتى "لا تكون مواد مُجرَدة وحبر على ورق"، كأن تكون مثًلا من خلال إدارات أو مكاتب تابعة لوزارتي الداخلية، والعدل أو النيابة العامة، حسب نوع القضية، "نحن أمام قانون إجراءات في النهاية "، حسب كلمتها في الندوة.

لكن النائب البرلماني أكد على ضرورة أن يظل الأمر تقديريًا "عندما يصدر القرار لإخفاء سرية بيانات شاهد ما، فذلك يعطي الحق للمتضرر من حماية هذا الشاهد بالطعن أيضًا، لأن هذه السرية ليست أبدية بل قابلة للطعن"، واصفًا النص بأنه "ليس نص حمائي مطلق". 

وتدافع رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون المحامية انتصار السعيد في حديثها لـ المنصة على هامش الندوة، عن هذه المطالب، قائلة "لا نريد إجراءً استثنائيًا أو تمييزًا في القانون ولكن نبحث عن نصوص قانوينة في منظومة العدالة تضمن حقوق النساء باعتبارها من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع المصري والتي تعاني من التمييز".

وترى السعيد أن نصوص المواد الستة السابق الإشارة إليها، التي تخص حماية الشهود والمبلغين والمجني عليهم، خطوة يُبنى عليها لحماية ووقاية للنساء من العنف بشكل عام، مضيفة "هذه النصوص تُمكن من بناء نظام إحالة متكامل بدءًا من دخول النساء لأقسام الشرطة أو مكافحة جرائم الإنترنت واشتراط وجود شرطيات في جهات التحقيق وأخصائيات للدعم الاجتماعي مرورًا بتوفير البيوت الآمنة للنساء المعنفات وصوًلا للمحاكمات".

التفتيش.. والمحكمة 

ويلفت المقرر المساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني المحامي الحقوقي أحمد راغب، إلى أن مشروع القانون الجديد لم يتعامل مع المرأة كمرأة فقط الإ في نص المادة "48"، التي احتفظ بها من القانون الحالي رقم 150 لسنة 1950.

وتجيز المادة لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز فيها قانونًا القبض عليه وإذا كان المتهم أنثى، وجب أن يكون تفتيشها بمعرفة أنثى يندبها مأمور الضبط القضائي. وعلق راغب، "لكن غير ذلك أغفل مشروع القانون بعض المعوقات التى تحتاج لتدخل تشريعي واضح".

وأضاف راغب، خلال كملته في الندوة، أن مشروع القانون عطل حق النساء، والمتضررين من الاعتداءات على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة وغيرها من الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، في إقامة الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحاكم بالمخالفة لنص المادة 99 من الدستور المصري.

وشدد على أهمية الاستفادة من هذا النص الدستوري التقدمي وترجمته في المشروع الجديد بدلًا من تقييده وتجاهله، وهو ما كان يُشكل نقلة نوعية في التعامل مع قضايا النساء كالاغتصاب وهتك العرض والاعتداءات الجنسية، حيث تذهب الناجية مباشرة للمحكمة بدًلا من مخاوف بعضهن من السير فى طريق طويل بدءًا من أقسام الشرطة ثم النيابة.

وأوضح أن النساء تشغلهن أسئلة كثيرة "لو روحت القسم هيرضوا يعملوا محضر، ولو روحت النيابة هيحبسوني .. إلخ، فى ظل حالتهن النفسية السيئة من الاعتداء".

الحوامل

وأشار المقرر المساعد للجنة حقوق الانسان إلى عدم تعاطي اللجنة التشريعية بمجلس النواب مع توصيات الحوار الوطني فيما يتعلق بمراعاة ظروف النساء الحوامل والمرضعات عند إصدار قرارات الحبس الاحتياطي، لا سيما في الجرائم الأقل خطورة.

الطب الشرعي

وأغفل مشروع القانون، حسب راغب، ضرورة وضع قواعد تراعي خصوصية الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها النساء عند الاستعانة بالطب الشرعي، وذلك لإقامة الدليل الجنائي في تلك القضايا، مقترحًا "استحداث نص جديد يتيح للنساء في هذه القضايا الاستعانة بشكل مباشر بخبير استشاري مثل معامل تحليل معينة على سبيل المثال".

وتتفق معه الناشطة النسوية مها يوسف، خلال الندوة، موضحة تجاربها كمحامية مع ناجيات من العنف الجنسي تضررن نفسيًز من الخضوع للكشف الطبي الشرعي على يد أطباء ذكور غالبًا، مؤكدة على ضرورة مراعاة الحالة النفسية للناجيات ووجود طبيبات شرعيات للفحص.

لكن  النائب البرلماني ضياء الدين داود اعترض على ذلك، مبديًا مخاوفه من ذلك، وقال "الخبير الفني يؤدي مهمته تحت قسم، فهو ليس مجرد طبيب شرعي رجل، واللجوء لخبراء خاصين يثير إشكاليات حول مدى المصداقية، وكيفية محاسبته حال الخروج بنتائج غير دقيقة".

واستطرد داود، في حديثه لـ المنصة "يحتوي مشروع القانون على ما يُنظم أعمال الخبراء، فكيف لنا أن نستحدث خبراء من خارج المظلة الرسمية".

في الوقت نفسه  أبدى داود ترحيبًا بالنقاش حول مشروع القانون، وقال "لا بأس من أي مناقشات، ولكن لا بد أن ينتج عن هذه الأطروحات نصوصًا واضحة لها فلسفة، حتى نرى هل الاقتراح قابل للتطبيق أم يخالف نصًا دستوريًا أو قانونيًا آخر، فالتشريع لايكون بالأفكار المجردة".

وفي هذا السياق قالت رئيسة مؤسسة القاهرة للتنمية، على هامش الندوة لـ المنصة، إنهم دعوا منظمات المجتمع المدني وخصوصًا النسوية للاجتماع والاشتباك حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وصياغة المقترحات وإرسالها إلى لجنتي حقوق الإنسان والشؤون التشريعية بمجلس النواب، وكذلك المجلس القومي للمرأة .

يأتي ذلك في وقت يحظى مشروع القانون بانتقادات عدة، أبرزها ما ساقته نقابة الصحفيين قبل نحو أسبوعين خلال ندوة، بأن العديد من المواد به عوار دستوري، وهو ما أثار حفيظة لجنة الشؤون الدستورية، التي ردت بمهاجمة النقيب خالد البلشي. 

والخميس الماضي، بعث مجلس النواب ردًا إلى نقابة الصحفيين، يفيد بأن ملاحظات النقابة بعضها سبق حسمه، والبعض غير دستوري.