قال مدير دار المرايا للثقافة والفنون يحيى فكري إن اقتحام قوة من الشرطة، السبت الماضي، مقر الدار والاستيلاء على محتويات بها ليس المرة الأولى، مؤكدًا أن الاتهامات المتعلقة بمخالفة التراخيص أو التهرب الضريبي "ليست حقيقية".
وقال فكري لـ المنصة إن الواقعة حدثت بعد انتهاء ندوة مناقشة كتاب "تلات ستات" للكاتبين عمر سعيد ومحمد العريان، ومغادرة الجميع للدار، فيما عدا أحد موظفي الدار، الذي تم إلقاء القبض عليه، قبل إخلاء سبيله بعد عرضه على النيابة العامة.
وقال المحامي الحقوقي خالد علي، الاثنين، على فيسبوك، إن قوة من مباحث قسم عابدين ومباحث المصنفات الفنية ومباحث التهرب الضريبي اقتحمت مقر الدار، واستمرت في تفتيش المكان قرابة الخمس ساعات، من العاشرة مساء حتى الثالثة فجرًا.
وأضاف "في النهاية قامت مباحث المصنفات الفنية بتحريز عدد 217 كتابًا، وجهازي كمبيوتر، وأربع كراتين من الملفات والمستندات المالية الخاصة بالدار، وإلقاء القبض على المساعد الإداري، الذي لم يكن غيره موجود بالمقر وقتها".
ومن جهته، أوضح فكري لـ المنصة أنه تم تحرير محضرين ضد الدار، الأول بتهمة التهرب الضريبي، والثاني بتهمة إصدار الدار لكتب دون الحصول على أرقام إيداع أو عقود مع مؤلفين، وكذلك وجود كتب ليست ملكًا للدار، بالإضافة لاستخدام برامج غير أصلية على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالدار.
وتابع "هذه الاتهامات ليست حقيقية، وجميع الأجهزة عليها برامج أصلية، وجميع الكتب لها أرقام إيداع وعقود مؤلفين، أما الكتب غير المملوكة للدار فهي هدايا من مؤلفيها".
ونفى فكري أن يكون اقتحام الدار بسبب ديوان كيرلي للناشط السياسي أحمد دومة، وقال "معتقدش له علاقة بكتاب دومة لأنه لم يتعرض أحد لدومة نفسه، وكذلك ليس له علاقة بكتاب تلات ستات الذي جرى مناقشته يوم السبت الماضي، لكن أعتقد أنها حاجة ليها علاقة بالدار نفسها معرفش إيه هي".
وسبق أن مُنعت دار المرايا من عرض وبيع ديوان كيرلي لأحمد دومة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021، وفي 19 يوليو/تموز الجاري أعلنت الدار تأجيل حفل توقيع للديوان، عقب حملة اتهمته بـ"الإساءة إلى الذات الإلهية".
ولفت فكري إلى عدم حصر أسماء العناوين التي حرزتها الشرطة بعد، كذلك قال المحامي خالد علي لـ المنصة إنه تقدم بطلب إلى النيابة للاطلاع على تفاصيل المحضر، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية وتجهيز كل المستندات التي تثبت قانونية ترخيص الدار وحصول كل إصداراتها على أرقام إيداع.
من جانبه، قال الكاتب والباحث محمد العريان، أحد مؤلفي كتاب "تلات ستات"، الذي كان حاضرًا في الندوة التي عقدت قبل الاقتحام، لـ المنصة، إنه شاهد شخصين بزي مدني يدخلان إلى الدار فور انتهاء الندوة "التي استعجلنا إنهاءها حتى لا يتعرض أي من الضيوف لمضايقة".
وأضاف أنه أثناء انتظاره أسفل العقار الموجود به مقر الدار شاهد صعود قوة من المباحث مكونة من حوالي 8 أو 9 أشخاص إلى الطابق الذي به الدار.
ويرى العريان أن مداهمة دار المرايا هو نوع من التضييق الذي تتعرض له الدار، كونها مستقلة ولها إصدارات مميزة.
وأكد يحيى فكري أن هذه ليست المرة الأولى التي يداهم فيها الأمن مقر الدار "سبق أن حدث ذلك مرات عديدة بنفس الطريقة، وفي كل مرة لا نعرف السبب".
وفي 27 سبتمبر/أيلول 2022 مثل يحيى أمام نيابة عابدين بسبب محضر "مصنفات فنية"، سبقته مداهمة للدار من مباحث المصنفات الفنية وقضت نحو سبع ساعات في فحص تراخيص الدار وعقود الكتب وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها.
وحرزت القوة وقتها أيضًا نسخًا من إصدارات الدار وبعض العقود مع المؤلفين واقتادت فكري إلى قسم عابدين، وقضى فيه ليلة قبل أن يُعرض على النيابة التي حققت معها في محضر تضمن ثلاث مخالفات "اختلاف عناوين بعض الكتب المنشورة عن العقود الموقعة مع كتاب تلك الكتب، إصدار مجلة مرايا دون ترخيص من الهيئة الوطنية للإعلام، وجود بعض الكتب من غير مطبوعات الدار محملة على أحد أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاصة بالدار بصيغة PDF".
وقررت النيابة إخلاء سبيله وقتها بضمان محل إقامته بعدما قدم المحامون ما يثبت عدم صحة المخالفات.
ومع الاقتحام الأخير لدار المرايا أعلن عدد من المثقفين والكتاب تضامنهم معها، وقال المؤرخ خالد فهمي، على فيسبوك، إن ما حدث مع المرايا "رغبة من النظام في إسكات أي صوت جاد للفكر وقفل أي منبر حر للإبداع"، معتبرًا أن الاقتحام "هجمة جديدة على الفكر والرأي والثقافة والفن".
فيما قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد، على فيسبوك، إنه يتابع إصدارات دار المرايا، و"قدرت كثيرًا هذا المشروع الفكري الرفيع، والذي ينأي عن الدخول في معارك سياسية، ولذلك اندهشت مما جري لهذا الإصدار الراقي".
من جانبها، أشارت مديرة المؤسسة الثقافية "الأمل للعمل" بسمة الحسيني، على فيسبوك إلى أن المرايا دار نشر مهمة ومحترمة، قدمت كتبًا تحمل وجهات نظر وإبداعات متنوعة، مشيرة إلى أن "إغلاق مكان زي ده تعدي على المواد رقم 67 و65 و 48 من الدستور المصري".
وأكملت أن هذا أيضًا يخالف المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة رقم 15 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة رقم 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، موضحة أن "دي كلها اتفاقيات دولية مصر ملزمة بيها. وطبعًا نبلها كلنا ونشرب ميتها".