تجاهلت إسرائيل مرة أخرى قرار محكمة العدل الدولية، وواصل جيش الاحتلال، مساء أمس، توغله البري شرق مدينة رفح لليوم الـ19 على التوالي، عقب ساعات قليلة من صدور قرار المحكمة الذي دعا تل أبيب إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية في رفح جنوب قطاع غزة، وفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية.
وطالبت محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، إسرائيل، بالوقف الفوري لأي هجوم أو عمل في مدينة رفح، قد يفرض على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ظروفًا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم المادي كليًا أو جزئيًا، حسب موقع الأمم المتحدة.
ودعت المحكمة، في قراراها الصادر في الدعوى المقامة من جنوب إفريقيا، إلى فتح معبر رفح بصفة دائمة لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل على نطاق واسع لصالح السكان، كما ألزمت إسرائيل بتقديم تقرير حول ما اتخذته من تدابير لتنفيذ هذا القرار خلال شهر من صدور القرار.
وقال ممثل السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في بوست عبر إكس اليوم السبت، إن أوامر العدل الدولية ملزمة لجميع الأطراف، مؤكدًا أنه "يجب تنفيذ أوامر المحكمة بشكل كامل وفعال".
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريـش إلى أنه بموجب مـيثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن قراراتها ملزمة. وأكد أنه على "ثقة من أن الأطراف سوف تمتثل على النحو الواجب لأمر المحكمة".
وفي تجاهل لقرارات محكمة العدل الدولية، تقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم، داخل مدينة رفح باتجاه مخيم يبنا المحاذي للحدود الجنوبية مع مصر، تحت غطاء كثيف من قذائف المدفعية، وتقدمت الدبابات داخل المخيم لساعات محدودة قبل أن تعاود التراجع باتجاه الحي البرازيلي، الذي استهدف جيش الاحتلال عددًا من منازل المدنيين به، حسب مصدر من السكان تحدث لـ المنصة.
وفي شرق رفح، تقدمت آليات جيش الاحتلال باتجاه مستشفى أبو يوسف النجار، لتتمركز بالقرب منه، وتهدم عددًا من المنازل لإنشاء سواتر ترابية، وفقًا لما أفاد به شاهد عيان لـ المنصة.
ولم تقف تجاوزات جيش الاحتلال لقرار المحكمة عند هذا الحد، بل استهدفت قواته بحزام ناري عدة شوراع ومنازل وسط مخيم الشابورة غرب رفح، في وقت تال على صدور القرار، عصر الجمعة، ما أسفر عن عدد من الإصابات وصلت إلى مستشفى الكويت التخصصي.
وطالب مدير مستشفى الكويت التخصصي في رفح، صهيب الهمص، في بيان صحفي حصلت المنصة على نسخة منه، منظمة الصحة العالمية بسرعة توفير الوقود اللازم للمستشفى، لضمان استمرار الخدمة به، باعتباره المستشفى الوحيد وسط رفح الذي يستقبل المرضى والجرحى والشهداء في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.
وكررت المحكمة، في قرارها الصادر أمس، تذكير إسرائيل باتخاذ التدابير المؤقتة التي تضمنها أمرها الصادر في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، وأمرها الآخر الصادر في 28 مارس/آذار الماضي، مطالبة بتنفيذ هذه القرارات على الفور وبشكل فعال.
وأمرت المحكمة في يناير، إسرائيل، ببذل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية خلال هجومها على غزة، وقضت بأنه على إسرائيل أن تسمح بدخول المساعدات إلى غزة، وعادت المحكمة بعدها بشهرين لتلزم إسرائيل بإجراءات إضافية جراء المجاعة في القطاع، منها اتخاذ جميع التدابير لضمان وصول الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومتطلبات النظافة والصرف الصحي والإمدادات الطبية لقطاع غزة، عن طريق زيادة قدرة وعدد نقاط العبور البرية وإبقائها مفتوحة لأطول فترة ضرورية.
وهي القرارات التي لم تنفذها إسرائيل حتى الآن، ووسط استمرار السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وغلقها لمعبر كرم أبو سالم إلا من شحيح المساعدات، شهدت ليلة السبت، قصفًا مكثفًا بالقذائف المدفعية والطيران الحربي الإسرائيلي على مختلف مناطق قطاع غزة، في رفح وخانيونس ودير البلح ومخيم النصيرات وجنوب شرق مدينة غزة وشمال القطاع، وفقًا لما نقله مراسل المنصة، كما استهدف الطيران الإسرائيلي شقة في بناية سكنية بمخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى إلى مقتل 3 أفراد من عائلة جودة بالمخيم.
وتوالى القصف الإسرائيلي على حي الزيتون جنوب شرق غزة، وأحياء أخرى بوسط المدينة، منها تل الهوا وشارع 8، كما استهدف الاحتلال عددًا من المنازل بحي الصبرة وشارع النفق وحي الدرج ما أسفر عن قتلى وجرحى وصلوا إلى المستشفى المعمداني، وهو المستشفى الوحيد الذي يعمل بغزة وبشكل جزئي، حسب مصدر طبي من المعمداني لـ المنصة.
وفي غضون ذلك، حاصرت قوات جيش الاحتلال المتوغلة شمال قطاع غزة، مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا، قبل أن تنسحب فجرًا وتعاود محاصرته صباح السبت، وقال شاهد عيان لـ المنصة، إنّ الجيش كثف قصفه المدفعي وأطلق الرصاص في محيط المستشفى الذي يتواجد بداخله مرضى وطواقم طبية، لم يسمح لهم بالخروج.
كما حاصرت دبابات جيش الاحتلال مئات المواطنين في مدارس تابعة للأونروا، تستخدم كمراكز إيواء في جباليا وبيت لاهيا شمال القطاع، وأكد شاهد عيان سقوط عدد من القتلى والجرحى دون تمكن طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم ونقلهم للمستشفيات المتبقية في شمال القطاع.
وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى 35 ألفًا و857 قتيلًا، و80 ألفًا و293 مصابًا، مؤكدة أنها حصيلة غير نهائية.