أطلقت دار المحروسة للنشر، بالتعاون مع دار ديوان، مشروع نجيب محفوظ المصور الذي يهدف إلى تحويل روايات الأديب العالمي إلى روايات مصورة "كوميكس"، واستهل المشروع باكورة إنتاجه بإصدار رواية "اللص والكلاب".
وأعلنت "ديوان"، الخميس الماضي، على فيسبوك، عن روايتين جديدتين قيد المراجعة تصدران قريبًا ضمن المشروع دون الإفصاح عنهما.
جمهور جديد
ويهدف المشروع إلى "فتح سوق لفن القصص المصورة، والاستفادة من قيمة نجيب محفوظ في جذب شريحة جديدة من القراء، وجذب فئات عمرية مختلفة يمكن أن تجد في المشروع وسيلةً لبداية علاقة جديدة مع القراءة"، حسبما قال صاحب الفكرة الرسام ميجو لـ المنصة، مضيفًا "تنحصر قراءة الكوميكس في أذهان الناس على أنه مُقدم للأطفال".
اختار فريق المشروع البدء بإصدار "اللص والكلاب"، التي سبق وقدمها المخرج كمال الشيخ في فيلم سينمائي بالاسم نفسه.
ارتباط الرواية بصورة بصرية مسبقة كان تحديًا بالنسبة لفريق العمل، أو كما قال ميجو "كانت فكرة مخيفة، لكننا ألزمنا أنفسنا بالاعتماد على الرواية فقط كمرجع أساسي في نقل الأحداث والتفاصيل وأبعاد الشخصيات، إحنا كفنانين حرصنا على التخلص من تأثير الفيلم والاعتماد على سكريبت الكوميكس والرواية الأصلية فقط".
ظهرت الفكرة للمرة الأولى في 2012، مع رغبة ميجو في تحويل رواية "أولاد حارتنا" إلى رواية مصورة، وبالفعل اتخذ في مشروعه خطوة بالتعاون مع مجلة "توك توك"، ونشر بها حوالي 12 صفحة مصورة من الرواية، غير أنه توقف لعدم وجود تمويل كافٍ، وعدم رغبة دور النشر في تبني الفكرة، حسبما أوضح.
وقال ميجو "عام 2012 سوق الكوميكس كان محدودًا جدًا، والدار مالكة حقوق ملكية أعمال نجيب محفوظ وقتها لم تكن متحمسة للمشروع بحجة عدم وجود جمهور للكوميكس، لكن بعدما نشرت كتابين للقصص المصورة مع دار المحروسة، وحصول ديوان على حقوق أعمال صاحب نوبل، تشجعت لطرح الفكرة مرة أخرى".
من جهته، قال مدير دار ديوان الناشر والروائي أحمد القرملاوي لـ المنصة إن المشروع كان مخططًا له منذ حصول الدار على حقوق نشر روايات نجيب محفوظ، بهدف اجتذاب شريحة جديدة من القراء لعالم نجيب محفوظ "الذي يمكن أن يكون في نظر البعض عالمًا كلاسيكيًا وقديمًا".
تكلفة كبيرة
وتواجه صناعة النشر في مصر أزمة مالية، بعد ارتفاع أسعار الورق بداية العام الجاري "لهذا السبب تعاونت ديوان مع دار المحروسة لاقتسام التكلفة معًا، ولخبرتهما في صناعة كتب الكوميكس، ما يجعل المغامرة أقل ويرفع نسبة نجاحها".
وتستهدف الدار إصدار حوالي 10 أعمال أخرى ضمن مشروع روايات نجيب محفوظ المصورة، الذي أعلنت عنه في أبريل/نيسان الماضي، كما تستهدف إطلاق مشاريع أخرى لمؤلفين كبار، حسب القرملاي، الذي يطمح لتأسيس مركز قومي للكوميكس بدعم من الدولة.
أما السيناريست محمد إسماعيل أمين، الذي حوّل الرواية إلى سكريبت، فأكد لـ المنصة أن "اللص والكلاب" مشوقةٌ ومليئةٌ بالأحداث، ما سهل عليه تحويلها إلى رواية مصورة دون تعديلات مخلة بالنص الأصلي "التزمت بأحداثها بما يتناسب مع تحويلها إلى قصة مصورة".
احتاج أمين شهرًا للانتهاء من كتابة السيناريو، بالتوازي مع مرحلة الرسم "كلما انتهيت من كتابة جزء، أرسله إلى الرسامين للعمل عليه".
وحول استخدامه الفصحى في الحوار، قال "قررنا استخدام لغة محفوظ نفسها في الحوارات مع إعادة صياغة بسيطة، لاستهدافنا الجمهور العربي كله، وليس الجمهور المصري فقط، ولا ننسى أن لغة محفوظ نفسها سلسة وليست مقعرة".
خريطة لعالم محفوظ
وبجانب تحويل أعمال صاحب "الحرافيش" إلى روايات مصورة، يحاول ميجو إيجاد محاولات لفك رموز عالم محفوظ بالكامل، من خلال إعداد وتصميم خريطة كاملة تربط بين عوالمه الجغرافية وتوثق للأماكن التي مر بها أبطال أعماله، أو دارت الأحداث على أرضها "أثناء محاولتي اكتشاف الرابط البصري لعالم نجيب محفوظ، وجدت أن العامل الجغرافي هو أهم رابط".
"ففي أعماله نجد أماكن حقيقية تدور على أرضها الأحداث، ومن هنا بدأت أربط المواقع والأماكن التي دارت فيها الروايات عن طريق التفكير في مشروع خريطة تربط كل هذه العوالم ببعضها، لتكون مرجعًا بصريًا للأماكن اللي وقعت فيها أحداث رواياته"، وفق ميجو.
ينوي ميجو، مع نهاية المشروع، تصميم العالم المتكامل المستوحى من أعمال محفوظ "ستكون معنا خريطة متكاملة للأماكن التي كانت مسرحًا للأحداث بطريقة مصورة، ومع كل رواية جديدة ستصدر سيتم إضافة رمز QR كود، يمكن للقارئ الدخول عليه والوصول لأرشيف بصري متكامل لعالم محفوظ".
وقال أحد المشاركين في المشروع الكاتب والصحفي محمد سرساوي لـ المنصة "دوري قراءة أعمال محفوظ، وتحديد الأماكن التي ذكرت ضمن الأحداث أو عاش فيها أبطاله، مع الأخذ في الاعتبار أن أغلب أعماله متخيلة، مثل شقة حسني حجازي في رواية الحب تحت المطر، التي وصفها نجيب بأنها موجودة في شارع شريف، ولم يذكر العمارة، فقررنا أن تكون عمارة الإيموبليا".