عبَّر عدد من الناشرين المشاركين بالدورة الـ55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن استيائهم من انخفاض المبيعات، رغم كثافة الجمهور الزائر للمعرض خلال الأيام الثلاثة الأولى، الذي تخطى حاجز المليون، حسب بيان صادر عن وزارة الثقافة أمس، وأرجعوا ذلك إلى ارتفاع أسعار الكتب في ظل أزمة الدولار.
تقام الدورة الحالية لمعرض القاهرة تحت شعار "نصنع المعرفة... نصون الكلمة"، في الفترة بين 25 يناير/كانون الثاني الجاري و6 فبراير/شباط المُقبل، بمشاركة 1200 دار نشر من 70 دولة، بزيادة 153 ناشرًا عن الدورة الماضية.
واحتفت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، أمس، بزيادة أعداد زوار المعرض، معتبرة أنها "بداية مبشرة لها دلالتها الواضحة بأن هذه الدورة استثنائية فارقة في تاريخ المعرض".
وتشهد الأيام الثلاثة الأولى في معرض الكتاب هذا العام زيادة في عدد الزوار بنحو 350 ألف زائر، مقارنة بالعام الماضي الذي سجل 650 ألف زائر، ورغم ذلك، لم تنعكس كثافة الأعداد على مبيعات دور الكتب.
تضاعُف أسعار الكتب
وأرجع الناشرون انخفاض المبيعات إلى الأزمة الاقتصادية، إذ أدى تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى مضاعفة تكلفة مستلزمات الصناعة المستوردة بداية من الورق، ثم تكاليف الطباعة والنقل، وبالتالي ارتفعت أسعار الكتب.
وقال مدير دار روافد للنشر إسلام عبد المعطي لـ المنصة، إن أسعار الكتب هذا العام زادت بمعدل من 50% إلى 100% مقارنة بالعام الماضي، مرجعًا ذلك إلى زيادة أسعار الورق والنقل والطباعة ومرتبات الموظفين العاملين بدور النشر "ده أثر سلبًا على القدرة الشرائية للقراء، وبالتالي على حجم المبيعات"، متخوفًا من ألا تغطي المبيعات "تكاليف المعرض لو استمر الوضع كده".
وتابع "لكن التعويل في هذه الحالة بيكون على التجار من الدول العربية اللي بيجوا يشتروا جملة بالكراتين".
وأوضح عبد المعطي أن سعر الورق لم يرتفع عالميًا "فالطن سعره تقريبًا 900 دولار، لكن قيمة الجنيه المصري في النازل، ولأننا بندفع بالجنيه فبنعتبر سعر الورق ارتفع".
وزاد مدير عام منشورات أبيدي، محمود عبد النبي لـ المنصة أن كل أدوات الصناعة مستوردة من الخارج بما في ذلك الورق الذي أدى ارتفاع سعره محليًا بعد انخفاض الجنيه إلى زيادة أسعار الكتب بنسبة الضعفين عن العام الماضي "أسعار كل الكتب تأثرت بزيادة سعر طن الورق الذي تخطى 60 ألف جنيه، في حين كان العام الماضي بحوالي 20 ألف فقط".
ولفت عبد النبي إلى أن هذه الزيادات لا تؤثر على القوة الشرائية والمبيعات فقط، بل أيضًا على الناشر الذي بات يقلل من حجم إنتاجه "بدل ما كنت بنتج في السنة 100 كتاب، أنتجت هذا العام 20 فقط".
واتفقت مسؤولة التسويق بدار الكرمة ياسمين خالد، قائلة "رغم الحضور الكثيف للمعرض فالمبيعات طبعًا تراجعت بسبب الغلاء وتفضيل الناس الأكل والشرب على القراءة".
وأضافت "القارئ اللي كان معاه ألف جنيه وبيشتري مثلًا 10 كتب بقى بيشتري 5 بنفس المبلغ، وبعد ما كان محضر معاه لستة كبيرة بعناوين الكتب، أصبح يفاضل بين العناوين".
أما مدير التوزيع بدار منشورات المتوسط "ميلانو" أحمد عبد القادر، فقال إن الأيام الأولى ليست الفيصل في الحكم على حجم المبيعات، واستدرك "لكن لا ننكر أن القوة الشرائية تأثرت بالفعل بخاصة بعد تضاعف أسعار الكتب عن السنة الماضية".
ولم تشعر بهذا التراجع الدور المصرية فقط، بل العربية أيضًا، فأوضحت مسؤولة جناح دار سعاد الصباح (الكويت) سارة أحمد، أن هذا العام لم يعد القارئ يأتي ومعه قائمة مسجل بها عناوين الكتب التي يرغب بشرائها.
لكن صاحب دار "الخان" المصرية، محمود أمين، رأى عكس الناشرين السابقين أن الحالة الاقتصادية لم تؤثر في حجم المبيعات "نسبة المبيعات مبهرة، وحجم الحضور فاق التوقعات عن السنة الماضية".
شكاوى زيادة إيجار وسوء تنظيم
ولم يشكُ الناشرون من ارتفاع أسعار مدخلات الصناعة فحسب، بل أيضًا من ارتفاع إيجار أسعار أجنحة العرض التي وصل سعر المتر فيها هذا العام إلى 1800 بعدما كان 1200 العام الماضي، بنسبة زيادة حوالي 60%، في الوقت الذي رأوا فيه "سوء تنظيم".
وأُسندت مهمة تنظيم المعرض هذا العام إلى شركة D media بدلًا من شركة United التي تولت مسؤولية تنظيمه منذ عام 2019 وحتى العام الماضي.
وقال مدير دار روافد إسلام عبد المعطي إن إدارة المعرض "رفعت نسبة الاشتراك إلى 1700 للمتر، بعدما كان 1200 للمتر العام الماضي، ولم نعترض، لكن فوجئنا بتنظيم أسوأ من السنة اللي فاتت، فالممرات بين دور النشر أضيق، وخامة الترابيزات رديئة وقديمة، بالإضافة إلى إننا لغاية آخر يوم مكناش عارفين هنودي الكتب فين وامتى".
واتفق معه مدير دار تويا للنشر شريف الليثي "كان قرار مفاجئ من هيئة الكتاب بإسناد تنظيم المعرض إلى شركة جديدة هذا العام بدلًا من شركة united، لتكون أسوأ سنة تنظيمية منذ نقل مكان المعرض إلى التجمع الخامس".
وتابع لـ المنصة، "حاطين لينا ترابيزات فراشة لا تليق بمعرض دولي ينافس معارض العالم، وإذا إحنا كمصريين ارتضينا الوضع، لكنه في النهاية واجهة سيئة في حقنا أمام الناشرين العرب، ولو استمر المستوى ده السنة الجاية هيكون عار على معرض بحجم القاهرة الدولي للكتاب".
وأبدى مدير التوزيع بدار المتوسط (ميلانو) أحمد عبد القادر، أيضًا استياءه من عشوائية تنظيم المعرض، "الشركة المنظمة لديها خلل واضح في تجهيز القاعات بداية من عدم اكتمالها في الوقت المحدد، واستخدام نوعية رديئة من الأرفف الخشبية".
وأضاف "كذلك عدم لصق لافتة تعريفية باسم الدار كالمعتاد حتى يستدل علينا القارئ، لدرجة إننا صرنا نلح عليهم يوم بعد الثاني حتى استجابوا أخيرًا في اليوم الثالث، ناهيك عن تسليمنا الجناح بمساحة أصغر من المتفق عليها حتى اشتكينا وصححنا الوضع".
خصومات بديلة لارتفاع الأسعار
وفي سبيل التغلب على ضعف الإقبال قدمت دور النشر خصومات تزيد عن 50% أحيانًا على حد وصفهم، بالإضافة إلى أقسام خاصة للكتب المخفضة من إصدارات الأعوام السابقة.
ورغم الخصومات، لا تزال المبيعات منخفضة وفق دور النشر التي تحدثنا إليها، في وقت بات المعرض مقصدًا لكثير من الأسر، كوجهة للتنزه.