قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن "كارثة شارع الرشيد" في شمال غزة، المعروفة عربيًا بـ"مجزرة الطحين"، قد تغير مسار الحرب بين إسرائيل وحماس، وفق ما نقله موقع الحرة. بينما طالبت واشنطن حليفتها إسرائيل بتقديم "إجابات" حول الحادث. وأكدت الأمم المتحدة، اليوم، أن غالبية المصابين سقطوا بسبب طلقات نارية، وهو ما ينفي مزاعم إسرائيل أنهم ماتوا بسبب التدافع أو دهستهم حافلات الإغاثة.
وكان 115 فلسطينيًا قتلوا الخميس، وأصيب أكثر من 200 شخص، في شمال قطاع غزة، خلال انتظارهم استلام شحنات من المساعدات الغذائية، حين فتح جيش الاحتلال النار عليهم، فيما تزعم إسرائيل أن غالبية القتلى سقطوا بسبب التدافع.
وأشارت هآرتس إلى أن الحادث قد تكون له تداعيات بعيدة المدى على الجهود المبذولة للتفاوض على وقف إطلاق النار، وقد يثير الغضب على جبهات أخرى.
ويجري التفاوض حاليًا على هدنة مدتها 40 يومًا، وتبادل للمحتجزين، حيث يقابل كل محتَجز إسرائيلي 10 من السجناء الفلسطينيين، فيما يعرف بأول مرحلة من "ورقة باريس". وهي عبارة عن 3 مراحل، لم يعلن التوصل لاتفاق حولها حتى الآن.
وتوقعت الصحيفة الإسرائيلية أن "تستفيد واشنطن من الكارثة لتكثيف الضغط على إسرائيل من أجل تقييد نشاطها العسكري والموافقة على تسوية سريعة".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الجمعة، في تصريحات صحفية، إنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق وقف النار في غزة، لكنه أعرب عن أمله في التوصل إلى الهدنة قبل رمضان.
في سياق متصل، أكدت بعثة مراقبين للأمم المتحدة اليوم، أن العديد من الأشخاص الذين خضعوا للعلاج من إصابات عقب الاندفاع نحو قافلة مساعدات في قطاع غزة يوم الخميس أصيبوا بطلقات نارية، وذلك بعد زيارة لمستشفى الشفاء، ومشاهدة نحو 200 شخص ما زالوا يتلقون العلاج، حسب بي بي سي.
الأمر نفسه أكده تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، يشكك في تصريحات إسرائيل بشأن المجزرة، ونقلت عن شهود عيان وطبيب عالج المصابين أن جيش الاحتلال فتح النار على الفلسطينيين اليائسين والجوعى مع وصول شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع.
وكانت إسرائيل زعمت أن حشدًا من الفلسطينيين حاصروا شاحنات المساعدات، وفي حالة من الارتباك، أصيب وقُتل العشرات بسبب التدافع أو دهس الشاحنات لهم. وبعد ذلك، حاصر حشد كبير من الفلسطينيين وحدة صغيرة من الجيش الإسرائيلي، قبل أن تفتح دبابة إسرائيلية النار "لتخليص نفسها".
ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية آفي هيمان، سقوط القتلى الفلسطينيين أثناء توزيع المساعدات قرب مدينة غزة بأنه "مأساة".
وقال محمد الشولي، شاهد عيان وواحد ممن انتظروا طوال الليل للحصول على طعام لعائلته، لنيويورك تايمز، "رأيت أشياء لم أكن أعتقد أنني سأراها أبدًا.. رأيت أشخاصًا يسقطون على الأرض بعد إطلاق النار عليهم، وآخرين أخذوا ببساطة المواد الغذائية التي كانت معهم واستمروا في الهروب للنجاة بحياتهم". وأضاف أنه وسط الفوضى وإراقة الدماء، دهست شاحنات المساعدات بعض الأشخاص.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن القائم بأعمال مدير مستشفى العودة الطبيب محمد صالحة، قوله لوكالة أسوشيتد برس إن "من بين 176 جريحًا وصلوا للمستشفى، كان بينهم 142 مصابًا بطلقات نارية، بينما أصيب 34 شخصًا بسبب التدافع".
وأضاف مدير مستشفى كمال عدوان، الطبيب حسام أبو صفية، أن غالبية الجرحى الذين وصلوا للمستشفى كانوا مصابين بطلقات نارية في الجزء العلوي من أجسادهم، والعديد من الوفيات كانت نتيجة للإصابة بطلقات نارية في الرأس أو الرقبة أو الصدر.
كما تطرقت نيويورك تايمز إلى مقطع فيديو بثه جيش الاحتلال الإسرائيلي في محاولة لتأكيد مزاعمه، ويظهر المقطع تكدس فلسطينيين حول شاحنة مساعدات، وعلق عليه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، إنه "نتيجة للتزاحم قُتل عشرات الفلسطينيين".
من جانبها قالت نيويورك تايمز إن جودة مقاطع الفيديو المصوّرة وقصرها "يصعّب من التأكد من المزاعم الإسرائيلية بأن الإصابات والوفيات التي وقعت في شارع الرشيد كانت بسبب "التدافع أو الدهس".
ونوهت الصحيفة إلى أن أحد المقاطع التي نشرها الجيش الإسرائيلي أظهر "دبابتين إسرائيليتين متمركزتين على مسافة ربع ميل (أكثر من 400 متر) من مسار المساعدات، و12 جثة على الأقل قربها".
وذكرت نيويورك تايمز أن الفيديوهات لا ترصد الواقعة التي تسببت بالوفيات والإصابات "ولكنها تظهر عددًا من الأشخاص وهم يزحفون وينبطحون للحماية".
وتوالت ردود الفعل الدولية الغاضبة عقب حادث شارع الرشيد. وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "سخط عميق إزاء الصور الآتية من غزة حيث استُهدف مدنيون من قبل جنود إسرائيليين"، وفق فرانس 24، مطالبا بـ"الحقيقة" و "العدالة" فيما يتعلق بدور إسرائيل في الحادث.
كما طالب وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أمس، بفتح تحقيق مستقل في الحادثة. وقال "سيتحتم إجراء تحقيق مستقل لتحديد ما جرى"، مشددًا على أنه "لا كيل بمكيالين" في ردود فعل فرنسا، حسب فرانس 24.
والأمر نفسه طالبت به ألمانيا، التي تعد أحد أبرز داعمي إسرائيل منذ 7 أكتوبر. وفي بريطانيا، شدد وزير الخارجية ديفيد كاميرون كذلك على "ضرورة إجراء تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين"، وفق الشروق، واصفًا قتل الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون قافلة المساعدات بـ"المروع".
أما مصر، فأدانت "الاستهداف الإسرائيلي اللا إنساني" للمدنيين العُزّل الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية "بأشد العبارات"، معتبرة، وفق بيان للخارجية الخميس، أن "استهداف مواطنين مسالمين يهرولون لالتقاط نصيبهم من المساعدات الإنسانية جريمة مشينة، وانتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي... واستهتار بقيمة الإنسان وقدسية روحه".